فرص النجاة من تداعيات الفيروس محدودة

أنغيلا ميركل وحدها يمكنها إنقاذ الاتحاد الأوروبي

https://www.emaratalyoum.com/polopoly_fs/1.1355503.1590781554!/image/image.jpg
https://www.emaratalyoum.com/polopoly_fs/1.1355497.1590781546!/image/image.jpg
رغم خلافات قادة أوروبا مع المستشارة الألمانية فإنهم لا يمكنهم العمل من دونها. أرشيفية

كان هذا الفيروس التاجي قاسياً جداً على الاتحاد الأوروبي، وكان التكامل المفترض للدول الأعضاء هو أول ضحية لـ«كوفيد-19»، إذ قامت البلدان بتخزين معداتها الطبية، وحظرت الصادرات إلى بعضها بعضاً، وعندما ارتفعت تكاليف الاقتراض في إيطاليا قالت كريستين لاغارد، التي ترأس حالياً البنك المركزي الأوروبي، إن هذه ليست مشكلتها.

وبعد الكثير من البحث عن النفس، وتقديم رئيسة المفوضية الجديدة أورسولا فون دير لين الاعتذار لإيطاليا، ها هي بروكسل تحاول إصلاح الضرر، لكن بطريقة تكشف عن شقوق جديدة وربما أعمق.

لأسابيع كانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تعبر بوضوح عن رفضها الحازم للاقتراح الذي يدعو منطقة اليورو إلى إصدار سندات مشتركة تسمى «كورونابوندس»، لمساعدة إيطاليا وإسبانيا وغيرهما على تجنب أزمة الديون السيادية، وقد رفضت الأفكار بشأن تقاسم الاتحاد والحكومات الأوروبية المسؤولية عن الديون الحكومية، ولكن الآن يبدو أنها قد استسلمت من خلال دعمها لصندوق بقيمة 500 مليار يورو لهذا الغرض، وهي تنتظر الآن موافقة الحكومات الأعضاء في الاتحاد.

ليست فاعلة خير

وتدرك ميركل بالطبع أن النمسا وفنلندا ودول أخرى ستحتج، ومع أنها صادقة في طموحها لحماية المشروع الأوروبي، فهي ليست «فاعلة خير»، كما أنها ليست مستعدة لوضع الكثير من الأموال الألمانية في خطر، وبحكمة تعرف أن الاقتراح سيتم تعديله في الأشهر القليلة المقبلة إذا تم الاتفاق عليه في أي وقت.

وتدير ميركل أيضاً مشكلة داخلية، إذ أحدثت المحكمة الدستورية في البلاد مشكلة كبيرة في طريقة إدارة الأزمات في أوروبا، عندما قضت بأن البنك المركزي الأوروبي ربما انتهك الدستور الألماني عندما ساعد اقتصادات منطقة اليورو المتعثرة بشراء ديونها، وفي الواقع حذر القضاة الألمان من أنه يمكنهم وضع حد لذلك، بما في ذلك الجهود المستقبلية لإنقاذ إيطاليا من أزمة الديون.

السيادة

والسبب وراء هذا الخراب المدمر هو أنه يتعلق بالسيادة، وصحيح أن البنك المركزي الأوروبي لم يرد على المحكمة الألمانية، لكن البنك المركزي الألماني فعل، وإذا تصرف البنك المركزي الأوروبي خارج صلاحياته، وهو ما تقول المحكمة إنه فعله، فيمكن للقضاة منع ألمانيا من المشاركة في الجهود الجماعية لشراء المزيد من السندات الحكومية، وقد رفض البنك المركزي الأوروبي بالفعل وربما يكون على حق، لكن لاغارد تعرف أيضاً أنه إذا لم تشارك ألمانيا في محاولات إصلاح الدين العام غير المستدام لإيطاليا فستتبعها دول أخرى، ولم يعد البنك المركزي الأوروبي هو مصلح الثغرات في منطقة اليورو.

لقد تسببت المحكمة الدستورية في حرج كبير للمستشارة الألمانية، ولكن من المستحيل أن تخوض معركة معها؛ لأن هذه المحكمة هي واحدة من أفضل المؤسسات سمعةً في ألمانيا، ويقف البنك المركزي الألماني إلى جانب القضاة أيضاً، وظل البنك يجادل منذ سنوات بأنه قد تجاوز علامته عندما تعهد مديره ماريو دراغي عام 2012 بالقيام «بكل ما يلزم» لإنقاذ منطقة اليورو.

وتستقطب المحكمة أيضاً دعماً قوياً من الصقور الماليين في الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تقوده ميركل، ويرون في أزمة «كوفيد-19» دوامة ضخمة من الديون في جنوب أوروبا، تهدد بجر بلدان الشمال.

مخاطر عالية

تبدو المخاطر عالية جداً، إذ أظهر استطلاع للرأي أجري في إيطاليا أخيراً أن الثلثين ينظرون الآن إلى عضويتهم في الاتحاد الأوروبي على أنها «شيء سلبي»، وقال رئيس وزراء إسبانيا إن الخيار الذي يواجه الاتحاد الأوروبي هو خيار صارخ، «إما أن نرتقي إلى هذا التحدي أو سنفشل كاتحاد»، وحتى أورسولا فون دير لين، كانت تتحدث بهذه الشروط، وقالت أخيراً «لقد ألقينا نظرة على الهاوية».

الآن كما هو الحال في الماضي يقع على عاتق ميركل إنقاذ الاتحاد الأوروبي من هذه الهاوية، وقد تنجح في الحصول على تمويل لخطتها بقيمة 500 مليار يورو، لكن إذا فشلت فليس من الواضح أن أي شخص آخر لديه خطة «ب».

فريدريك إريكسون : كاتب ومحلل سياسي


- رغم أنها صادقة في طموحها لحماية المشروع الأوروبي، فإن أنغيلا ميركل ليست «فاعلة خير»، كما أنها ليست مستعدة لوضع الكثير من الأموال الألمانية في خطر.

- لأسابيع عدة كانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تعبر بوضوح عن رفضها الحازم للاقتراح الذي يدعو منطقة اليورو إلى إصدار سندات مشتركة تسمى «كورونابوندس»، لمساعدة إيطاليا وإسبانيا وغيرهما على تجنب أزمة الديون السيادية.

https://www.emaratalyoum.com/res/img/google-news-icon.png

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news