نكون من الشاكرين إن سلّم عون لبنان كما هو الآن
by محمد علي حماده"ثورة، ثورة، ثورة..." هو الشعار الأكثر تردداً اليوم منذ #انتفاضة_١٧_تشرين. إنه انقلاب على كل الطبقة السياسية الفاسدة وفي المقدمة رأس الهرم والعائلة! كثيرون يطالبون باستقالة الرئيس ميشال عون، وقد أصبح واضحاً أن العهد ليس فاشلاً فحسب، لا بل إنه كارثيّ!لقد وصل العهد من الناحية المعنوية إلى حالة موت سريريّة، وبات أشبه بجثة هامدة. ومع أنه سيستمر حتى النهاية التقنية للولاية، سوف يذكر التاريخ الرئيس عون كأكثرالرؤساء فشلاً منذ ولادة الجمهورية اللبنانية. إن العهد جرّ على البلاد الخراب، والدمار، والفقر، والفساد، والتدهور الاقتصادي، والمالي، والتضييق على الحريات، والعزلة العربية والدولية. عهد ألحق لبنان بإيران وسوريا. عهد سلّم البلاد لسلطة السلاح غير الشرعي وسيطرته.لقد فشل العهد الذي قام على تسوية ثلاثية جمعته مع الرئيس سعد الحريري و"حزب الله" عندما اعتبر أن قصر بعبدا الرئاسي كان ملكاً استرجعه، وأن العائلة عادت إلى بيتها كعائلة مالكة. قرأ الدستور ومارسه على طريقته الخاصة، فبحث عن الخصومات والعداوات في كل زاوية من زوايا لبنان، وقرأ السلطة بعيون جنرال الحرب، متناسياً أن لبنان لا يحكم بعقلية جنرالات الستينيات من القرن الماضي. والسؤال: كيف وصلنا إلى هذا الانهيار السياسي، والمالي، والاجتماعي، والمعيشي؟على الصعيد السياسي، لو عدنا إلى الوراء لرأينا الانقسام الكبير بين قوى "٨ آذار" وعلى رأسها "حزب الله"، حزب "ولاية الفقيه"، وقوى "١٤ آذار". فما الفرق بينهما؟ بكل بساطة، يمكن القول إن قوى ٨ آذار تعتمد بشكل كبير على إيران وسوريا إلى حد التضحية بمصالح لبنان واستقلاله، وسيادته. كلنا رأينا الوصاية السورية التي امتدت لثلاثة عقود، كم ارتكبت من جرائم بحق لبنان واللبنانيين، وكم من حرّ استهدفتْ وقتلتْ. ولم يختلف "حزب الله" المصنف إرهابياً في عدد كبير من الدول الأجنبية والعربية، في ممارساته الداخلية عن الوصاية السورية. إنه يمتلك سلاحاً من خارج الشرعية، ويفرض عبره سياساته التابعة لإيران، بمختلف الوسائل، وأهمها الاحتكام إلى القوة والبطش وصولاً إلى الاغتيالات.بالنسبة إلى "التيار الوطني الحر" فهو قبِل الالتحاق بـ"حزب الله"، من أجل أغراض شخصية، ومكاسب سلطوية رخيصة. فهل كان الجنرال ميشال عون وصل إلى موقع الرئاسة لولا "حزب الله"؟ طبعا لا!على مستوى قوى ١٤ آذار، وقد مثلت منذ انطلاقتها رمز الحرية، والسيادة، والاستقلال، في مواجهة النظام السوري الذي أمر باغتيال قادة وطنيين، واستقلاليين كبار، وفي مقدمهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصولاً إلى الشهيد محمد شطح. وقد واجهت قوى ١٤ آذار آلة القتل وسلاح الغدر، بالرغم من أنها حوصرت بالدم والنار؛ وبالرغم من الأخطاء التي ارتكبتها خلال مسيرتها، ثمة من يقول اليوم إن "١٤ آذار" انتهى. أرفض هذه الفكرة لأن "١٤ آذار " هي روح، وفكرة، وحلم، ومسار، وهي تعشش في داخل كل لبنانية ولبناني، حزبيين أو مستقلين. "١٤ آذار " لا تزال تسكن قلوب ملايين اللبنانيين بصرف النظر عما حصل في الأعوام الماضية. ولكن لا بد من الاعتراف أن أقسى الضربات التي تلقتها فكرة "١٤ آذار " أتت من داخل البيت نفسه من "التسوية الرئاسية" المشؤومة التي أدت إلى تقديم البلاد على طبق من ذهب لـ"حزب الله"، الذي بات اليوم يحكم لبنان بشكل شبه تام، وسط تواطؤ البعض، واستسلام البعض الآخر. من هنا يمكن القول إن السبب الأساس في ما وصلنا إليه من انهيار، لا يقتصرعلى فساد الطبقة السياسية وحده، بل يعود في جزء كبير إلى "حزب الله" وسيطرته على لبنان كما هو حاصل اليوم.هذه العوامل أدت إلى انهيار البلاد، ودفعت بالناس إلى الشارع ثائرين على الواقع الكارثي، وعلى الفقر، والجوع، والفساد، والاهتراء المؤسساتي، والنهب، والسرقة، والهدر، وسوء الإدارة. وإذا كنا لم نعد نأمل خيراً من عهد الرئيس ميشال عون، فإن الأمل، كل الأمل، أن نبقى عند هذا الحد من المآسي التي أصابنا بها، وأن يقوم عون الذي وعد بتسليم لبنان لخلفه بأفضل مما تسلمه، بتسليمه كما هو الآن، لا أكثر ولا أقل، ونكون له من الشاكرين! مواضيع ذات صلة "لقاء تشرين": إنها مئة يوم من العزلة والحكومة تحتفل بسماع صوتها بالصور- من لحظات المواجهة في طرابلس عون خلال استقباله رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية: "عليكن عبء كبير" ما رأيكم بتحضير هذه الحلوى العراقية بمكوّنات بسيطة مع المدونة ديما الأسدي؟