https://www.lebanon24.com/uploadImages/DocumentImages/Doc-P-708044-637263277772637990.jpg

سيناريو توافقي يجنب تفجير مجلس الوزراء... التعيينات أبرز جدول الأعمال ومحط استفسار صندوق النقد

by

باتت جلسة مجلس النواب التي عقدت أمس في قصر الاونيسكو في حكم الماضي، على الرغم من ان تردداتها ستبقى مستمرة الى فترة طويلة من الزمن، لا سيما لناحية الخلافات التي ولدتها وأدت الى تطيير نصابها عند بند العفو العام. 



فالرئيس نبيه بري وعلى الرغم من حنكته الكبيرة في عالم التشريع، لم يجد "أرنباً" ينقذ به الجلسة، ورسم سقوط اقتراح قانون العفو، واقع التشرذم واختلاط حابل الحسابات السياسية بنابل عجز الكتل عن التوصل الى حل لملف حيوي كهذا، مع ان مجريات الجلسة في البنود والمشاريع التي جرى إقرارها في الجلسة النهارية كانت على قدر اكبر من المرونة ولو شابتها حدة عالية في المناقشات حيال بعض المشاريع الأساسية. الى ذلك، كشف الرئيس نبيه بري انه على اتصال مع كل من الرئيسين عون ودياب لفتح عقد استثنائي، يستمر لغاية بدء العقد العادي الثاني بعد 15 تشرين اول المقبل.

الاّ أن الأنظار اليوم تتجه الى جلسة مجلس الوزراء، التي تعتبر من الجلسات الدسمة، خصوصاً وان على جدول أعمالها مجموعة من التعيينات، وبند خلافي من المتوقع أن يطرح من خارج جدول الأعمال وهو بند معمل سلعاتا، وما قد يخفيه من خلاف بين الرئيس ميشال عون من جهة ورئيس الحكومة حسان دياب من جهة ثانية، خصوصاً وان العديد من المصادر نقلت امتعاض الأخير من اعادة طرح هذا الموضوع في مجلس الوزراء بعد ان كان قد سقط بالتصويت في جلسة سابقة.

سلعاتا يكهرب مجلس الوزراء
واليوم سيكون مجلس الوزراء على موعد مع واحد من الملفات المتفجرة على طاولة البحث، بعد استعمال "الفيتو الرئاسي" على اسقاط معمل سلعاتا في مجلس الوزراء، والدفع إعادة طرح أولويته ضمن الإطار التنفيذي لخطة الكهرباء ومحاولة كسر أصوات الأكثرية الوزارية التي تقدّمها رئيس الحكومة حسان دياب في التصويت ضد هذه الأولوية خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في السراي الحكومي. وبحسب "نداء الوطن" فإنّ رعاة توليفة 8 آذار الحكومية يحرصون على جبر خواطر كل أطرافها ومن هنا تسارعت الاتصالات ىين القيادات المعنية خلال الساعات الأخيرة لبلورة تصور توافقي يحول دون كسر دياب وفي الوقت عينه يستجيب طلب رئيس الجمهورية ميشال عون إعادة النظر بالقرار السابق المتخذ بخصوص خطة الكهرباء. وعليه، كشفت مصادر واكبت هذه الاتصالات لـ"نداء الوطن" عن اتجاه للاتفاق على "حل حبّي" للمسألة يمنع تفجير الأجواء الحكومية، موضحةً أنّ "هذا الحل يقضي بإعادة تأكيد تبني مجلس الوزراء الخطة التي طرحها وزير الطاقة ريمون غجر من دون الدخول في عملية تصويت جديدة ولا في تسميات المعامل ولا في سلّم أولوياتها، وبذلك تكون هذه الصيغة قد جنّبت رئيس الحكومة إحراج إعادة التصويت على موضوع تم بته في جلسة ترأسها، وأرضت في الوقت نفسه رئيسي الجمهورية و"التيار الوطني" بفرض عودة الموضوع إلى مربعه الأول من خلال اعتماد خطة غجر الذي أكد عدم استثنائها معمل سلعاتا إلى جانب معملي الزهراني ودير عمار".

وأشارت "اللواء" الى انه جرى التوافق على ان يعيد الرئيس عون طرح الموضوع خلال الجلسة مشيرا الى ان خطة الكهرباء التي اقرتها الحكومة السابقة والبيان الوزاري للحكومة الحالية الذي تبنى الخطة، تلحظ انشاء ثلاثة معامل وليس اثنين. فيؤكد رئيس الحكومة دياب على التزام البيان الوزاري بإنشاء ثلاثة معامل، وتنتهي القضية عند هذا الحد، بلا إحراج للرئيس عون اذا تمسك مجلس الوزراء بقراره، ولا إحراج للحكومة بالتراجع عن قرارها.

التعيينات على طاولة مجلس الوزراء
في الموازاة، تحط التعيينات الادارية بنداً دسماً على طاولة مجلس الوزراء اليوم وهو البند الأخير من جدول أعمال الجلسة وينصّ على تعيين كل من محافظ بيروت ورئيس مجلس الخدمة المدنية ومديرين لوزارة الاقتصاد والتجارة والمديرية العامة للاستثمار في وزارة الطاقة. ووفق جدول أعمال الجلسة الذي وزع قبل أيام، "سيصار إلى توزيع السير الذاتية للمرشحين قبل موعد الجلسة". وُزِّعت السير الذاتية أمس، وضمّت الأسماء الآتية:
لمحافظة بيروت: نسيب فيليب، القاضي وهيب جاك دورة، القاضي مروان عبود (جرى الاتفاق على الاسم الأخير).
لمدير الاستثمار في وزارة الطاقة: غسان نور الدين، علي أحمد زيدان، باسم محمد شريف (جرى الاتفاق على الاسم الأول).
لرئاسة مجلس الخدمة المدنية: محمد بيضون، القاضية رندة سليم يقظان، ميرفت أمين عيتاني (جرى الاتفاق على الاسم الثاني).
للمديرية العامة لوزارة الاقتصاد والتجارة: موسى كريم، محمد أبو حيدر، علي حسن شكرون (جرى الاتفاق على الاسم الثاني).

وتردد مساءً أنّ اتصالات جرت لمحاولة الدفع باتجاه تعيين محافظ لكسروان الفتوح وجبيل بعد إصدار المراسيم التطبيقية لهذه المحافظة المستحدثة أسوة بمحافظتي عكار وبعلبك الهرمل المستحدثتين، في وقت لا يزال مصير التعيينات المالية معلقاً على مآل الكباش السياسي بين مكونات الحكومة إزاء الأسماء المنوي تعيينها، الأمر الذي يشكل السبب الرئيس في عرقلة ولادتها، علماً أنّ مصادر مواكبة للمفاوضات الجارية مع صندوق النقد أكدت لـ"نداء الوطن" أنّ وفد الصندوق يبدي اهتماماً بسلة التعيينات المالية المرتقبة ويستعجل إقرارها بوصفها ستساهم في تحديد التوجهات المالية والنقدية للحكومة لناحية تبيان مدى إمكانية تغيير السياسات النقدية اللبنانية في المرحلة المقبلة.

وبحسب "الأخبار" فان بين المرشحين للمديرية العامة لوزارة الاقتصاد، ولرئاسة مجلس الخدمة المدنية، ثمة ما يجدر التوقف عنده. القاضية رندة يقظان سبق أن نالت عقوبة "خفض رتبتها درجتين" من مجلس تأديب القضاة، بعد إدانتها بارتكاب مخالفة في قضية إتجار بالمخدرات وترويجها كانت تنظر فيها. لكن هذا الأمر، على ما يبدو، لم يحل دون ترشيحها من قبل رئيس الحكومة حسان دياب، لمنصب شديد الحساسية، ويُعدّ "عصب" الإدارة العامة، وهو رئاسة مجلس الخدمة المدنية.

أما المرشح الأبرز لتولي المديرية العامة لوزارة الاقتصاد، محمد أبو حيدر، خلفاً لعليا عباس التي أحيلت على التقاعد، فلم تُعرف له خبرة في الاقتصاد، ولا في التجارة، ولا في السياسات النقدية والمالية والمصرفية. فالمنصب الذي سيتولاه يجعله حُكماً عضواً في المجلس المركزي لمصرف لبنان، فضلاً عن إشرافه على عمل هيئات الضمان وحماية المستهلك وجودة الغذاء. أبو حيدر لديه خبرة في عمل الوزارات بعدما عمل مستشاراً لوزير الصحة الأسبق علي حسن خليل في عام ٢٠١١ من خلال عقد مع منظمة الصحة العالمية. وبعد انتهاء تعاقده مع "الصحة" عام 2014، تعاقد مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ضمن فريق التدريب على سلامة الغذاء وحماية المستهلك. صحيح أنه عضو في المجلس الاقتصادي ــــ الاجتماعي، لكن عمله الأصلي هو في مجال العلاج الفيزيائي. هو معالج فيزيائي، لكن حركة أمل أصرّت على ترشيحه إلى منصب خطير يجعله شريكاً في السياسات النقدية والمصرفية، فيما البلاد تمرّ بأزمة غير مسبوقة في تاريخها. ويبدو من هذا الترشيح أن رئيس مجلس النواب نبيه بري مصرّ على استمرار سياسة "تدليع" حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في امتداد لـ"عهد" النائب السابق للحاكم، رائد شرف الدين، والمديرة العامة السابقة للاقتصاد، عليا عباس، التي سبق أن حصلت في 26/9/2018 على قرض من مصرف لبنان "ممثلاً بحاكمه الأستاذ رياض توفيق سلامة"، بقيمة مليار و507 ملايين و500 ألف ليرة لبنانية، بهدف شراء عقار. وبصرف النظر عن النصوص القانونية، فإن حصولها على هذا القرض يُعدّ تعارضاً واضحاً للمصالح، لأن المجلس المركزي، الذي كانت أحد أعضائه، هو هيئة القرار العليا في مصرف لبنان.

الاجتماع الثامن مع الصندوق

وبالتزامن، مالياً، عقد الوفد المفاوض مع صندوق النقد الدولي، اجتماعه الثامن برئاسة وزير المال غازي وزني، وحضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على رأس فريق من البنك المركزي.

وحسب بيان وزارة المال، فإن الاجتماع تمحور حول تفاصيل خطة التعافي التي اعدتها الحكومة، واعادة هيكلة القطاع المالي ومصرف لبنان وضوابط رأس المال.

مضيفاً: على ان تستكمل المفاوضات الاسبوع المقبل.

وكشف مصدر شارك بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي عما دار في جلسة الامس الخميس لـ"اللواء"، بالقول انها استكمال للجلسات السابقة وتخللها طرح أسئلة واستفسارات من قبل الصندوق بشكل تقني وتفصيلي دقيق وموسع للعديد من النقاط ومحتوى الخطة الانقاذية للحكومة بعضها سبق وان اثيرت في الجلسات السابقة،ومازال كثير منهابحاجة لمزيد من الاستيضاحات والاجوبة عليها في الجلسات المقبلة .   

ووصف المصدر الجلسة بانها كانت هادئة وتناولت ايضا التباين بالأرقام بين ما تضمنته الخطة الحكوميه وبين ما ذكره المصرف المركزي بهذا الخصوص، وكان التركيز على استيضاحات وأسئلة حول موضوع الاصلاحات وكيفية المباشرة بها والقطاعات التي ستشملها والمدد التقريبية لانجازها.

نقلت مصادر المجتمعين لـ"نداء الوطن" أنّ "النقاشات التي دارت لم تكن بالأريحية نفسها التي طغت خلال الاجتماعات السابقة تحت وطأة غوص الوفد الدولي في تفاصيل الأرقام والمقدمة من المصرف المركزي"، مشيرةً في تقييمها لنتائج الجلسة إلى أّنه "على المستوى التقني يمكن القول إنها كانت جلسة إيجابية لا سيما وأنّ الصورة المالية والنقدية بدأت تتضح أكثر فأكثر لناحية تكشف الأرقام على حقيقتها وغربلة الأرقام الأخرى غير الدقيقة، على أن يستوضح وفد الصندوق خلال الجلسات المقبلة بعض الأمور المتبقية تمهيداً للشروع في بحث كل تفاصيل الخطة اللبنانية".

وفي تقييمه لمسار جلسات التفاوض مع الصندوق، توقع المصدر عبر "اللواء" ان تطول مجريات النقاش الى وقت طويل استنادا الى ماحصل اليوم وقد تمتد لاشهر خلافا لتوقعات البعض، في حين تظهر النقاشات بوضوح ان موافقة الصندوق على المباشرة بدفع المساعدات المالية اصبح مرتبطا ارتباطا وثيقا بما تباشر به الدولة للقيام بالاصلاحات عمليا وليس شفهيا باعتبارها تشكل العمود الفقري لحل الازمة التي يواجهها لبنان ومن دون القيام بها اوحتى وضع آليةالتزامات مضمونة فلا يتوقع احد بالحصول على مساعدات من الصندوق.