https://s.annahar.digital/storage/attachments/1199/3894f21e08c7bb5f8dce26282475a93e0569b7d4_583173_highres.jpg

انتعاش الأسواق المحلية في العراق في ظل الحظر الدولي الناجم عن كورونا

شراء المنتجات التركية أو الإيرانية أو الأردنية أمر اعتيادي في العراق، بلد النخيل الذي يستورد حتى التمر من الخليج. لكن الحظر العالمي المفروض جراء تفشي فيروس كورونا المستجد بدأ بتغيير المعادلة على مهل.يقول أمين قاسم بصراحة إن الوباء الذي أودى بنحو 170 شخصاً في العراق، نعمة. ويشير الرجل الذي يملك مصنعاً لإنتاج المثلجات منذ عام 2006 في مدينة البصرة الجنوبية إلى أن "الأزمة سمحت لنا أن نثبت أنفسنا في السوق العراقية". ففي السابق، وأمام المنتجات الأجنبية، لم يكن لدى "صنع في العراق" أي فرصة، بسبب ثمنها الباهظ وكمياتها الصغيرة وانتاجها الذي يحتاج وقتاً طويلاً. وتالياً لم يكن لدى المنتج المحلي كل عوامل الجذب في مقابل سلسلة المنتجات المستوردة. استعادة السوقلكن بإغلاق تلك الحدود مع الحظر العالمي، فإن المصانع العراقية، التي انخفضت أعدادها بشكل كبير خلال عقد من الحصار الدولي وسنوات العنف والحروب المتكررة، تمكنت من الدخول إلى اللعبة مجدداً. يقول قاسم، وهو الذي يدير ثلاثة آلاف موظف في معامله للمثلجات والمواد الغذائية، التي يصدرها من البصرة إلى باقي محافظات العراق: "لقد تمكنا من استعادة أسواق كانت سحقتنا فيها الصادرات". ويضيف :"لم نعد بحاجة إلى خفض الأسعار في مواجهة الآيس كريم الإيراني الرخيص لتجنب الخسارة". والأرقام في العراق مضللة، فإذا كان الميزان التجاري لا يزال فائضاً إلى حد كبير، فذلك لأنه يتضخم بشكل مصطنع جراء النفط. في عام 2018، ووفقاً لمنظمة التجارة العالمية، صدّر العراق ما قيمته 97,2 مليار دولار من السلع والخدمات، لكنها كانت بنسبة 98 في المئة من النفط والغاز. وفي الوقت نفسه، استورد بمبلغ 70 مليار دولار سلعاً وخدمات متنوعة مثل الكهرباء والطماطم والسيارات والدجاج المجمد.النفط والتقشف لكن اليوم، ومع انخفاض أسعار النفط بثلاثة أضعاف تقريباً، فإن العراق يقف على حافة هاوية مالية. وقد بدأ فعلاً فرض ضرائب على الواردات يطالب بها المنتجون المحليون المتضررون منذ سنوات، وتالياً ارتفع الدخل الجديد من 2,5 مليون دولار في النصف الأول من نيسان ، إلى 7,3 ملايين دولار في أيار.ى ولتقليص مشترياته في الخارج، ستنخفض الواردات العراقية من 92 مليار دولار في 2019 إلى 81 مليار دولار في 2021، وفقاً لصندوق النقد الدولي. وفعلاً، فقد تراجعت الواردات الصينية في نيسان من ما يقارب مليار دولار قبل أربعة أشهر، بالكاد وصلت إلى 775 مليون دولار، وفقاً لأرقام رسمية من بيجينغ. أما من الجانب الإيراني، فانخفضت الواردات من 450 مليون دولار شهرياً إلى 300 مليون دولار، ولكن فقط مع إعادة فتح النقاط الحدودية من جهة كردستان العراق أخيراً. وفي هذا السياق، فإن تنويع الاقتصاد واستئناف الجواهر الصناعية التي نهبت وسرقت خلال الحروب، بات أمراً ضرورياً اليوم. وباتت الدولة، التي لم تعد قادرة على التوظيف، تعتمد على القطاع الخاص لخلق الثروات والوظائف. يعمل هادي عبود في إنتاج الأنابيب البلاستيكية. وإلى القطاع الخاص المنعدم تقريباً، والنظام المصرفي المتذبذب، والضرائب البسيطة على الواردات، عليه أيضاً أن يواجه منافسين بعملة متدهورة مثل إيران، وإنتاج بتكاليف الحد الأدنى مثل الصين.صيد معجزة ولكن، يؤكد الرجل ذو الشعر الأبيض المصفف بعناية، أن الانتعاش في خضم أزمة كوفيد-19، كان مذهلاً. ويقول :"الآن أبيع الأنابيب البلاستيكية قبل تصنيعها". ومع الطلبات الكبيرة للمواد المختومة بـ"صنع في العراق"، يؤكد مدير المصنع اليوم أن "الوضع تغير بشكل جيد". وأكثر من لمس التغيير في مدينة البصرة الجنوبية الساحلية الوحيدة في البلاد، هم الصيادون وتجار الأسماك. يقول بائع السمك محمد فاضل، الذي ينصب بسطته في السوق المركزية يومياً، لفرانس برس "منذ نحو شهر، ازداد عدد الأسماك". ويوضح أن "الكويتيين والإيرانيين لا يخرجون الآن"، وتالياً فإن الصيادين العراقيين باتوا يسيطرون على المياه وأسماكها. ونتيجة لذلك، يرى فاضل إن الصيد بات معجزة لدرجة أن سعر كيلو سمك الزبيدي "انخفض من 20 إلى 11 ألف دينار" أي نحو تسعة دولارات. ولم يتزايد الرزق في البحر فقط، فلتلبية الطلب الجديد، يخطط هاني عبود لفتح أبواب التوظيف، ورفع عدد موظفيه قريباً من مئة إلى 150. مواضيع ذات صلة التنين الصيني "ابتلع" هونغ وكونغ وواشنطن تدرس الرد دراسة تظهر تكبد سوريا 530 مليار دولار بسبب الحرب أوروبا تمدد عقوبات سوريا سنة اضافية

إظهار التعليقات