https://i.alarab.co.uk/styles/article_image_800x450_scale/s3/2020-05/ham.jpg?VdPDAEvydHIWNFfaaLDG4PAx0t3DqoMZ&itok=GJH1v3gd
مشاورات لتطوير مؤسسات الحكم الانتقالي في السودان

تحالف الحرية والتغيير في السودان يسّرع خطوات هيكلته خوفا من تفككه

حمدوك يجري لقاءات مع قيادات من تحالف الحرية والتغيير بهدف الاستماع لرؤى جميع الأطراف حول عملية إصلاح التحالف الحاكم وتجاوز صعوبات المرحلة الانتقالية.

by

الخرطوم – حركت الانتقادات التي وجهها رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، إلى تحالف قوى الحرية والتغيير، الكثير من المياه السياسية المتجمدة، بعد الفشل في إدارة المرحلة الانتقالية، وعدم قدرة التحالف في أن يصبح بوتقة للحكومة الانتقالية تنهصر داخلها جميع القوى، ما يشي بضرورة التسريع بإجراء إعادة هيكلة تشمل المناصب القيادية داخله، وبعض الوزراء في الحكومة التي يقودها عبدالله حمدوك.

وعلمت “العرب” أن حمدوك أجرى لقاءات ثنائية مع قيادات الأحزاب السياسية المنضوية تحت لواء الحرية والتغيير خلال الأيام الماضية، بصفة منفردة شملت رئيس حزب المؤتمر وقيادات تجمع المهنيين، بهدف الاستماع لرؤى جميع الأطراف حول عملية إصلاح التحالف الحاكم وتجاوز صعوبات المرحلة الانتقالية، وينوي استكمال هذه المهمة الأيام المقبلة.

وشكل المجلس الرئاسي لقوى الحرية والتغيير وفدا ضم عددا من القيادات الفاعلة، مهمته التواصل مع حزبي المؤتمر، والأمة القومي، وتجمع المهنيين، لتقريب وجهات النظر وتشكيل رؤية توافقية بشأن آلية الإصلاح، قبل إدخال تعديلات جذرية على هيكل التحالف.

وطرح حزب المؤتمر برنامجه لتطوير مؤسسات الحكم الانتقالي في السودان الثلاثاء، بعنوان “رؤية الحزب حول قضايا الراهن السياسي”، وشدد على ضرورة الإسراع بإجراء تعديل شامل في تركيبة السلطة، يقوم على قاعدة تقييم علمي لأداء الأفراد والمؤسسات، بما يقوي الجانب المدني في مجلس السيادة عبر تغيير بعض العناصر المدنية ذات العطاء المنخفض.

وانتقد رئيس الحزب عمر الدقير في مؤتمر صحافي عقده، أداء قوى الحرية والتغيير لقصور هياكلها عن ضم عدد من قوى الثورة، وعدم وضوح رؤيتها السياسية في الكثير من قضايا الانتقال، وغياب قنوات مؤسسية للتواصل مع الحكومة الانتقالية، وضعف الصلة التنظيمية بينها وتنسيقيات الولايات، فضلا عن التوتر المستمر مع الجبهة الثورية.

جاءت تلك الخطوة بعد شهر تقريبا من إعلان حزب الأمة القومي تجميد عضويته في التحالف، مقترحا ما أسماه “نحو عقد اجتماعي جديد” طالب فيه أيضا بإجراء إصلاحات في قوى الحرية والتغيير، دون أن يجري التوصل حتى الآن إلى رؤى واضحة بين الطرفين، على الرغم من عقد عديد من اللقاءات التشاورية بينهما، ما أدى إلى استمرار تجميد عضوية الحزب.

ويرى متابعون أن التحالف الحاكم أضحى أمام خيارين، إما الاستجابة لمطالب القوى الفاعلة داخله، والتي تحاول الحدّ من هيمنة الحزب الشيوعي، وإثراء التنوع بين جميع المكونات السياسية والدخول في عملية إعادة هيكلة شاملة للتحالف، وإما مواجهة المزيد من الانشقاقات والانسحابات التي تبدد المكاسب التي حصدها منذ الإطاحة بنظام عمر حسن البشير.

مطالب التغيير على مستوى قيادة التحالف تستهدف الحفاظ على المكاسب التي حققها كل حزب من تواجده داخله، وعدم خسارة ما أنجز منذ اندلاع الثورة

وأكد نائب الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني نورالدين صلاح الدين، أن رؤية الحزب تعد محاولة

 لتجاوز الكثير من العثرات التي تواجه الفترة الانتقالية، وتدارك الأخطاء التي كانت سببا في عدم تشكيل مؤسسات الانتقال بصورة متجانسة، لذلك لجأ الحزب للتفكير بصوت مسموع وإلقاء حجر في بركة التحالف الحاكم لتحريك الجمود السياسي.

وأضاف لـ”العرب”، أن الكثير من مطالب حزب المؤتمر طرحها منذ أشهر، غير أن الجديد أنها خرجت للعلن، وأن التحالف يشهد مناقشات للكثير من الرؤى الخاصة بعملية الهيكلة، ودفع تأخر عقد المؤتمر التنظيمي لبحث مراجعات الحزب للإعلان عن رؤيته على الملأ.

واقترح الحزب عقد مؤتمر تداولي يضم كل الأطراف الموقعة على إعلان الحرية والتغيير في أقرب وقت لإجازة رؤية سياسية وتوسيع المجلس المركزي، وتكوين قطاعات ترتبط بقضايا الحكم تربط بينه وبين الحكومة الانتقالية، وانتخاب هيئة تنفيذية تضمن تمثيل القوى الرئيسية بأوزانها الحقيقية، وقيام جسم أعلى ينعقد كل ثلاثة أشهر.

وذهب مراقبون إلى التأكيد على أن مطالب التغيير على مستوى قيادة التحالف تستهدف الحفاظ على المكاسب التي حققها كل حزب من تواجده داخله، وعدم خسارة ما أنجز منذ اندلاع الثورة، وأن هيمنة طرف على آخر تشكل خطرا على توازن القوى بين كل حزب في الانتخابات المقبلة، وأن الأحزاب التي تحمل رؤى مخالفة للأحزاب القريبة من الشيوعي تشعر بالخطر من إمكانية تقليص حضورها السياسي.

وبرأي نورالدين، الذي يعد عضوا فاعلا داخل قوى الحرية والتغيير، أن رؤية حزب المؤتمر لا تستهدف إحداث شرخ داخل التحالف، وأن الهدف من طرح برنامج الحزب الوصول إلى تفاهمات مشتركة بين جميع الأطراف، وأن موقف حزبه، بالإضافة إلى ما أقدم عليه حزب الأمة، يستهدفان الضغط على المجلس الرئاسي للتحالف، والجميع يدرك خطورة الوضع الدستوري والسياسي الراهن.

واعترف عضو المجلس الرئاسي لتحالف قوى الحرية والتغيير صديق يوسف، بوجود خلافات داخل التحالف منذ مارس الماضي، وأنه تقرر عقد مؤتمر تشاوري لحسم الخلافات في يونيو المقبل، غير أن الظروف الصحية بسبب فايروس كورونا أجلت عقده لأجل غير مسمى، وأن التحالف يمضي في طرق أخرى لوأد الخلافات من خلال اللقاءات الثنائية بين المجلس الرئاسي والقوى السياسية للوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف.

وأوضح صديق، وهو قيادي بارز في الحزب الشيوعي، لـ”العرب”، أن وحدة الحرية والتغيير، هي الضمانة الوحيدة لاستمرار نجاح الثورة السودانية، وحل الخلافات داخل التحالف ووضع الحلول المناسبة دون السماح بتشظّي قواه مقدمة لإحداث إعادة هيكلة جذرية داخل صفوف التحالف، وستكون في تلك الحالة على أرضية توافقية مشتركة بين جميع القوى.

تجاوزت تأثيرات ما طرحه حزب المؤتمر مسألة إصلاح التحالف الذي قاد عملية الإطاحة بنظام البشير، وطالت بعض القضايا العالقة، بعد إعلان الحزب وقوفه مع الحركة الشعبية – شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، التي تشترط إقرار العلمانية في البلاد أو منح المنطقتين (شمال كردفان والنيل الأزرق) حق تقرير المصير. ورحبت الحركة الشعبية الخميس، بدعوة حزب المؤتمر، وطالبت بتأسيس عمل مُشترك من أجل إرساء وتعزيز المبادئ كأساس لتحقيق الوحدة في التنوُّع والاستقرار السياسي.