https://i.alarab.co.uk/styles/article_image_800x450_scale/s3/2020-05/i1_9.jpg?ij2DsF_b2OPVIsKBWikYv9A2z3I5YPzl&itok=d1fctqzO
الليبيون يدعمون بقوة جهود الجيش في مكافحة الإرهاب

الجيش الليبي قوي أم ضعيف: التسوية دائما على مقاس الإسلاميين

استمرار تركيا في شن هجوم على مواقع الجيش الليبي جنوب طرابلس يؤكد أن العملية السياسية لن تبدأ قبل إنهاء أي وجود عسكري للجيش.

by

تونس – عندما كان الجيش الليبي في يناير يسيطر على أغلب مناطق غرب ليبيا جرى استدعاء قائده المشير خليفة حفتر إلى موسكو لتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار لا يراعي موازين القوى ولا يقدم أي ضمانات لتحقيق شروطه الرئيسية المتمثلة في دخول الجيش سلميا إلى طرابلس وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وإيجاد حل لمعضلة الميليشيات.

 أشارت التسريبات خلال تلك المحادثات إلى تجاهل عدة شروط وضعها حفتر للقبول بوقف إطلاق النار من بينها تجميد الاتفاقية العسكرية التي وقعتها حكومة الإسلاميين في طرابلس مع تركيا وهو ما دفعه للمغادرة دون توقيع الاتفاق.

في 2014 خسر الإسلاميون الانتخابات التشريعية فكان ردهم تنفيذ انقلاب ما عرف حينئذ “بانقلاب فجر ليبيا” حيث هاجمت ميليشيات إسلامية وأخرى متحالفة مع الإسلاميين مقرات كتائب موالية للبرلمان الجديد، وانتهت تلك العملية بطرد البرلمان إلى طبرق وحكومته إلى البيضاء وهما مدينتان تقعان شرق البلاد.

حينئذ أيد المجتمع الدولي الشرعية الانتخابية بشكل خجول وفتح في الأثناء قنوات تواصل مع الإسلاميين وميليشياتهم في طرابلس، لكن أكثر ما أثار الانتباه حينئذ انتقال المصرف المركزي ومحافظه الصديق الكبير الذي أقاله البرلمان وظل المجتمع الدولي يعترف به إلى مالطا بدلا من شرق ليبيا، لتبدأ في أواخر 2014 جولات من الحوار في مدينة الصخيرات المغربية انتهت بإعادة الإسلاميين إلى الحكم.

مؤخرا انتبه البرلمان إلى أن ممثليه في الحوار وقعوا على اتفاق ينتصر لخصومه الذين طردوه من العاصمة، فتم إسقاط المواد التي يعارضها وفي مقدمتها المادة الثامنة التي كانت تستهدف استبعاد حفتر من قيادة الجيش، كما لم يضمن البرلمان الاتفاق في الإعلان الدستوري، إضافة إلى أن حكومة الوفاق لم تحظ بدعم البرلمان.

إذا ما نجح مخطط شق الصف يكون الإسلاميون ضمنوا تنفيذ شرط آخر وهو استبعاد حفتر وعزله من أي تسوية

انحياز المجتمع الدولي وخاصة الخارجية الأميركية للإسلاميين كان يفسر بامتلاكهم للقوة والأرض، لكن الإصرار على استرضائهم حتى بعد تراجع نفوذهم وخسارتهم للموانئ النفطية وحقول النفط في الجنوب يثير الكثير من الاستفهامات، خاصة أن مجموعة أنصار الشريعة التي تقاتل عناصر منها في صفوفهم الآن هي من نفذت عملية اغتيال السفير الأميركي في بنغازي كريستوفر ستيفنز.

في مطلع العام 2019 كان المجتمع الدولي يجهز لتسوية جديدة تنهي اتفاق الصخيرات الذي يوصف بالفاشل وغير العادل، اكتشف الجيش مضمونها قبل أيام من عقد مؤتمر غدامس الذي كان من المخطط تمريرها خلاله، لذلك أعلن معركة طرابلس وهو ما تسبب في إفشال انقلاب الإسلاميين على تفاهمات أبوظبي التي جرت بين حفتر ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج.

سيطر الجيش في 4 أبريل 2019 على أغلب مناطق غرب ليبيا وبات الإسلاميون محصورين في جزء من طرابلس ومصراتة وبقي الوضع يراوح مكانه حتى يناير الماضي عندما أجبر اتفاق روسي تركي الجيش على هدنة، وفي الأثناء عرض على حفتر مقترح تسوية لا يضع بعين الاعتبار أن موازين القوى تميل لصالح الجيش وهو ما دفعه للمغادرة ورفض التوقيع.

وفي الأثناء استغل الأتراك الهدنة لتثبيت أجهزة تشويش ونظام دفاع جوي ما مكنهم من شل حركة سلاح الجو التابع للجيش، إضافة إلى إغراق طرابلس بالآلاف من المرتزقة السوريين من بينهم متطرفون من تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرها من التنظيمات الجهادية أذرع أنقرة في سوريا.

https://i.alarab.co.uk/s3fs-public/inline-images/waaa_61.jpg?6yuq9bWaV43RldhRMGg_Bx7UV8Xq9QQl
الأطراف الدولية الداعمة اختارت للإسلاميين التصعيد العسكري

أدى التدخل التركي المباشر إلى خسارة الجيش لمواقع مهمة غرب طرابلس في مقدمتها قاعدة الوطية العسكرية ومدن صبراتة وصرمان، وينظر لصمت الولايات المتحدة وبريطانيا كتأييد ضمني لذلك التدخل والذي يبرره كثيرون بالسعي لإحداث توازن عسكري بما يجبر حفتر على القبول بمشاركة الإسلاميين في التسوية.

لكن استمرار تركيا في شن هجوم على مواقع الجيش جنوب طرابلس يؤكد أن العملية السياسية التي تبدو تحت إشراف الولايات المتحدة دون غيرها لن تبدأ قبل إنهاء أي وجود عسكري للجيش في طرابلس، وهو الشرط الذي وضعه الإسلاميون في مايو 2019 عندما أكدوا أنهم لن يقبلوا بالدخول في أي تسوية قبل انسحاب الجيش إلى مواقعه قبل 4 أفريل.

وبدل البحث عن حل وسط اختارت الأطراف الدولية الداعمة للإسلاميين التصعيد العسكري وهو ما تسبب في خسائر مادية أكبر وفاقم معاناة المدنيين، لكن من غير المعروف ما إذا كان حفتر بعد كل هذا سيرضخ لتسوية لا تستجيب لتطلعات الجيش الذي يؤيده طيف واسع من الليبيين.

لذلك يعمل الإسلاميون منذ فترة على شق تحالف “الجيش والبرلمان والقبائل”، حيث بدأت قنوات موالية لهم نشر أخبار تستهدف تشويه صورة حفتر وإبراز رئيس البرلمان عقيلة صالح كطرف أكثر اتزانا وعقلانية.

يبدو عقيلة صالح الذي يحظى بدعم قبيلته العبيدات وهي إحدى القبائل المهمة شرق ليبيا أكثر انفتاحا على الإسلاميين من حليفه حفتر، حيث سبق أن التقى برئيس مجلس الدولة القيادي في تنظيم الإخوان المسلمين خالد مشري كما التقى رئيس المؤتمر السابق نوري أبوسهمين.

وإذا ما نجح مخطط شق الصف يكون الإسلاميون ضمنوا تنفيذ شرط آخر وهو استبعاد حفتر وعزله من أي تسوية.