إيران تعزز أسطولها البحري في مياه الخليج
واشنطن تقطع آخر خطوة لفك ارتباطها بالاتفاق النووي مع طهران.
by العربأكد الحرس الثوري الإيراني أنه تلقى تعليمات لتعزيز قدرات قواته البحرية في مياه الخليج في حركة تأتي مرفقة برسائل تهديد وتحذير للولايات المتحدة، لاسيما مع تزامنه مع قطع واشنطن لآخر خطوة على طريق فك الارتباط الأميركي بالاتفاق النووي من خلال وضع حد للاستثناءات من العقوبات المفروضة على إيران بشأن برنامجها النووي.
طهران - تزامنت محاولة التصعيد الجديدة التي اعتمدتها إيران من خلال تعزيز أسطول بحريتها في مياه الخليج وتحذير نظيرتها الأميركية المتواجدة في المنطقة مع إعلان واشنطن إنهاء الإعفاءات من العقوبات المفروضة على إيران يسبب برنامجها النووي.
ووجّه الحرس الثوري في إيران تحذيرا إلى قوات البحرية الأميركية المتواجدة في مياه الخليج، وذلك عقب إعلانه التزود بـ110 قطع بحرية قتالية.
ووفق ما أكد التلفزيون الرسمي، تزودت القوة البحرية للحرس الثوري بزوارق من نوع “عاشوراء” ومراكب خفر “ذو الفقار” وغواصات “طارق”.
وقال قائد القوة البحرية للحرس الثوري علي رضا تنكسري، خلال مراسم نظّمت في جنوب البلاد، “نعلن اليوم أننا بالمرصاد للأميركيين حيثما تواجدوا، وسيشعرون أكثر بحضورنا قريبا”.
وكادت إيران والولايات المتحدة أن تصلا مرتين إلى مواجهة مباشرة في الأشهر الأخيرة. ووقعت الحادثتان في يونيو 2019 بعدما أسقطت إيران طائرة من دون طيار أميركية فوق مياه الخليج، ثم في يناير 2020 بعد اغتيال الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني الذي كان يدير العمليات الخارجية للحرس الثوري، في ضربة أميركية في بغداد.
ويعود آخر تصعيد بينهما إلى شهر أبريل بعدما اتهمت واشنطن الحرس الثوري بمضايقة سفنها في الخليج.
وأعلن اللواء حسين سلامي، القائد العام لهذه القوة الإيرانية، أنّ “التقدّم وسط البقاء في موقف الدفاع يمثّل طبيعة عملنا”. وأضاف أنّ ذلك “لا يعني أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام العدو”، لافتا إلى أنّ إيران “لن تنحني أمام أي خصم”.
وأوضح سلامي أنّ بحرية الحرس الثوري تلقت تعليمات بزيادة القدرات البحرية لإيران حتى تتمكن البلاد من الدفاع بالشكل الملائم عن “سلامة أراضيها ووحدتها، حماية مصالحها في البحر وملاحقة العدو وتدميره”.
وتزامن تعزيز أسطول بحرية الحرس الثوري في مياه الخليج مع إعلان الولايات المتحدة إنهاء البعض من الاستثناءات من العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي.
وأكدت طهران الخميس أن قرار واشنطن وضع حد للاستثناءات من العقوبات المفروضة على إيران بشأن برنامجها النووي هو “محاولة يائسة” لن تؤثر عليها.
وقال المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي إن وضع حد لهذه الاستثناءات يهدف إلى “تحويل أنظار الرأي العام عن هزائم (واشنطن) المتواصلة بمواجهة إيران”، مؤكدا أن ذلك “ليس له أي تأثير فعلي على عمل إيران المتواصل”.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت الأربعاء انتهاء العمل بالاستثناءات التي كانت تسمح حتى الآن بمشاريع مرتبطة بالبرنامج النووي المدني الإيراني على الرغم من عقوبات واشنطن، في آخر خطوة لفك الارتباط الأميركي بالاتفاق الدولي المبرم في 2015 وانسحب منه الرئيس دونالد ترامب.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان، “أعلن انتهاء الاستثناءات من العقوبات المتعلقة بكلّ المشاريع النووية في إيران”.
ويعني هذا القرار عمليا أنّ الدول التي مازالت ملتزمة بالاتفاق الدولي المبرم مع إيران حول برنامجها النووي والمنخرطة في هذه المشاريع النووية المدنية الإيرانية أصبحت معرضة لعقوبات أميركية إذا لم تنسحب من هذه المشاريع. وهذا الأمر يتعلق بروسيا بالدرجة الأولى.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في مؤتمر صحافي، إن “تصرفات واشنطن تزداد خطورة ولا يمكن التنبؤ بها”.
وعلى الرّغم من أن إدارة ترامب تشنّ، منذ انسحبت في 2018 من الاتفاق الدولي المبرم في 2015، حملة “ضغوط قصوى” على طهران، إلا أنها قامت بتمديد العمل بهذه الإعفاءات بانتظام دون أن يرافق ذلك ضجة إعلامية.
وشملت هذه الإعفاءات خصوصا مفاعل طهران المخصص للأبحاث، ومفاعل آراك الذي يعمل بالمياه الثقيلة وتمّ تعديله تحت إشراف المجتمع الدولي لجعل إنتاج البلوتونيوم للاستخدام العسكري فيه مستحيلا.
وحدد بومبيو مهلة أخرى تنتهي خلال ستين يوما “تسمح للشركات والكيانات المشاركة في هذه الأنشطة بإنهاء عملياتها”.
في المقابل أعلن بومبيو أنّ واشنطن جدّدت لمدّة 90 يوما الإعفاء الممنوح لبرنامج الدعم الدولي لمفاعل بوشهر وذلك بهدف “ضمان أمن العمليات” في هذه المحطة الحرارية النووية.
وكانت الولايات المتّحدة ألغت في نوفمبر الإعفاء الممنوح لمفاعل فوردو النووي الإيراني.
ورأى بنهان بن طالبلو، من المركز الفكري “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” الذي يدافع عن اتباع سياسة صارمة حيال إيران، “سياسيا، لم تكن هذه الإعفاءات متجانسة مع استراتيجية الضغط الأقصى”. وأضاف أن “الانتهاكات التي ترتكبها إيران تزداد بوجود الاستثناءات وفي غيابها”.
ومنذ أشهر عدّة تشهد الإدارة الأميركية جدلا بشأن ما إذا كان يتعيّن على الولايات المتّحدة إخضاع هذه البرامج النووية المدنية في إيران، على غرار سائر القطاعات الاقتصادية الإيرانية تقريبا، للعقوبات الأميركية، وبالتالي منع الشركات الروسية والصينية والأوروبية التي مازالت تعمل في هذه البرامج من الاستمرار في ذلك.
وفي نهاية المطاف، تغلب الخط المتشدد ردا على فك طهران تدريجيا التزامها بالاتفاق الموقع في 2015.
وفي الواقع بدأت إيران في الأشهر الأخيرة الامتناع عن احترام بعض التزاماتها في المجال النووي، للاحتجاج على العقوبات الأميركية التي تخنق اقتصادها.
ودفع القرار الإيراني الموقعين الأوروبيين لاتفاق فيينا (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) إلى إطلاق إجراءات ضد إيران لانتهاكها النص الذي بات على وشك الانهيار.
وقال بومبيو في بيانه إن “النظام الإيراني يواصل تهديداته النووية”. وأضاف “لم أعد قادرا على تبرير تمديد هذه الاستثناءات”. وأضاف أن “الابتزاز النووي للنظام سيؤدي إلى ضغط متزايد على إيران”.
ومن جهة أخرى، أدرج بومبيو المدير التنفيذي لهيئة الطاقة النووية الإيرانية أمجد سازغار ومسؤولا آخر مكلفا بالبحث والتطوير بشأن أجهزة الطرد المركزي ماجد أغائي على لائحة سوداء أميركية.