كيف يهدد فيروس كورونا الصحة العقلية للأطفال؟
في خضم جائحة كورونا التي لا زالت تحصد الأرواح حول العالم، من السهل التغاضي عن الصحة العقلية للأطفال والمراهقين، ما قد يشكل عواقب مدمرة على مدى السنوات القادمة.
وقالت إديث براتشو سانشيز، طبيبة رعاية أولية وأستاذة مساعدة في طب الأطفال في مركز إيرفينغ الطبي بجامعة كولومبيا، إنه بالنسبة للعديد من الأطفال، تظهر العلامات الأولى للقلق والاكتئاب كأعراض غامضة ومنها صداع خفيف لا يزول، ونوبات من الغضب، التنفيس، وعدم القدرة على التركيز في المدرسة، دون القدرة على اللفظ، أو الدفاع عن أنفسهم.
ويعاني نحو واحد من كل 7 أطفال في الولايات المتحدة من حالة نفسية، ومعظمهم لا يخضعون للعلاج، وفقاً لدراسة نشرت العام الماضي في مجلة “JAMA Pediatrics” الطبية.
ارتفاع معدلات مشاكل الصحة العقلية
وأوضحت سانشيز أنه لأسباب لا نفهمها تماماً، فإن حالات الاكتئاب ومحاولات الانتحار كانت جميعها في ارتفاع على مدى العقد الماضي.
وتضاعف عدد الأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة الذين زاروا غرف الطوارئ بسبب أفكار انتحارية ومحاولات الانتحار، بين عامي 2007 و 2015، وفقاً لتحليل للبيانات التي نشرتها المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها العام الماضي.
وعلى الرغم من أن الأطفال والمراهقين من جميع الأعمار والأعراق قد تأثروا، فإن المراهقين أصحاب البشرة الداكنة ومن العرق اللاتيني يواجهون معدلات أعلى من محاولات الانتحار، وهي أكبر مؤشر على الانتحار في المستقبل، مقارنة بنظرائهم من أصحاب البشرة البيضاء، وفقاً لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض.
وترى سانشيز أن مرض “كوفيد-19” يفترس المجتمعات متعددة الألوان بمعدلات غير متفاوتة.
وشهدت مدينة نيويورك ضعف معدل الوفيات من أصحاب البشرة الداكنة واللاتينيين بسبب مرض “كوفيد-19” بالمقارنة مع معدل الوفيات من أصحاب البشرة البيضاء، وفقاً للبيانات الصادرة عن المدينة الشهر الماضي.
وأشارت سانشيز إلى أنه لا شك في أن جميع الأطفال قد تأثروا بهذه الجائحة بطريقة أو بأخرى، ومع ذلك لجأ الأطفال في المجتمعات الملونة في الكثير من الأحيان إلى الاختباء أثناء مشاهدة أفراد العائلة البالغين يغادرون المنزل للسعي لكسب لقمة العيش، ليصابوا بعد ذلك بالفيروس.
ولا يوجد في الوقت الحالي طريقة للتنبؤ بالآثار طويلة المدى للجائحة على الأطفال، وفقاً لما ذكرته سانشيز.
وبالنسبة إلى سانشيز، يعد مرض “كوفيد-19” تجربة طبيعية غير مسبوقة في حد ذاتها، وقد يخرج بعض الأطفال منها على الطرف الآخر بزيادة في المرونة، بينما قد يعاني الآخرون من نوع الصدمة طويلة المدى التي تعيق نموهم وتبقيهم حذرين بشكل مفرط في المستقبل.
ولكن مع إعادة تصور المجتمع، ترى سانشيز أن رفاهية الأطفال يجب أن تكون على رأس أولويات المجتمع،
وقالت: “ربما قد حان الوقت للاستثمار في البنية التحتية التي ستضمن الوصول إلى موارد الصحة النفسية للفئات الأكثر ضعفاً”.
ويتعرض العديد من مقدمي خدمات الرعاية الصحية، في “Medicaid”، والذين يعتمد عليهم 40% من الأطفال في الولايات المتحدة، لخطر إغلاق أبوابهم، كما أن 27 مليون أمريكي معرضين حالياً لخطر فقدان التأمين الصحي الذي يرعاه صاحب العمل، بحسب ما ذكرته سانشيز.
وترى أنه حان الوقت لتقديم إعانة مالية حقيقية للعديد من الأسر في الولايات المتحدة التي تأثرت اقتصادياً بهذه الجائحة.
وحتى يتم تلبية الاحتياجات الأساسية من المأوى والغذاء،فتعتقد سانشيز أنه ليس من العدل أن نطلب من الآباء إعطاء الأولوية للصحة العقلية لأطفالهم.
وقالت سانشيز: “على الرغم من الطريق أمامنا طويل ومليء بالغموض، إلا أنه حان الوقت للتخطيط والاستثمار في رفاهية الأطفال”.
المصدر: سي ان ان