حسّان دياب: التزِم قانون التعيينات
by ابراهيم الأمينأما وقد أقرّ مجلس النواب قانوناً يحدّد آليّةً لتعيينات الفئة الأولى في الإدارة العامة، فإن حكومة الرئيس حسان دياب، واستناداً الى خطابه الشهير يوم أجّلت تعيينات مصرف لبنان، باتت ملزمة بوقف كل الاتصالات والاجتماعات والترشيحات القائمة من قبل الجهات السياسية بشأن المواقع الشاغرة. وعلى الحكومة انتظار صدور القانون في الجريدة الرسمية، والعمل بموجبه. صحيح أن مسار القانون لن يكون سهلاً، إذ يتوقع أن يردّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ثم يطعن به التيار الوطني الحر أمام المجلس الدستوري، إلا أن ذلك لا يلغي أن كل محاولة للتحايل بحجة عدم نفاذ القانون، إنما تشكل جريمة يجب التشهير بمرتكبيها مهما علا شأنهم، وبمعزل عن مناصبهم ومواقعهم وتأثيرهم العام.
اليوم، تقف البلاد أمام فرصة قد يتم إهدارها من قبل نظام المحاصصة. وهي فرصة تفسح في المجال أمام جميع اللبنانيين للتقدم لتولّي مناصب رئيسية في الدولة، من دون الخضوع المسبق لمرجعيات طائفية وسياسية وحزبية. وأن يكون انتظامهم في السباق لتولّي المنصب مرتبطاً بآليّة تتيح فحصهم، والتثبت من قدراتهم وتجاربهم وكفاءاتهم، لا التثبّت من ولائهم لهذا المرجع أو ذاك. وبالتالي، ربما يعاد الاعتبار الى فكرة القانون والحق العام الذي يفترض أن يكون أساس عمل هؤلاء الموظفين.
إن التزام الحكومة بالقانون الجديد يفتح الباب أمام تسوية تاريخية لوضع الإدارة العامة، حيث تعاني المؤسسات العامة من إرث ثقيل، غالبه سلبيّ الوطأة، وتسببت به قوى سياسية مارست السلطة منذ ثلاثين سنة، وأدى الى خراب أقسى من الخراب القائم في مواقع القرار الأعلى، حيث مثّلت الإدارة العامة على الدوام صورة الحكم عندنا لا صورة الدولة. ومثّل شاغلو المناصب مواقعهم الطائفية والحزبية لا موقع القانون وموقع الدولة. وحُرِم كثيرون من فرصة الترقّي الوظيفي لعدم مرورهم بالفحص الطائفي والحزبي.
ها نحن اليوم نواجه اختبارات قاسية في ما خص الوظائف الشاغرة، من محافظ بيروت الى وزارتَي الطاقة والاقتصاد الى مناصب مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف. أظهرت المحاولة السابقة للتعيين عقم النظام، وأظهرت أيضاً تمسك الحاكمين بأمر السوء في كل آليات عملهم، وهم لا يريدون التراجع لحظة عن برامجهم التي تعوّدوا عليها والتي يعتقدون أنها الأنسب لإدارة مصالحهم في الدولة.
احتيال الحكومة على القانون في التعيينات يعني سقوطها في الامتحان الأخلاقي الأبرز
الأمر لا يتعلق اليوم برغبات قوى سياسية تنفصل عن واقعها. الأمر يتعلق بفرصة ممكنة مع هذه الحكومة، لفرض مسار لا يمكن العودة عنه لاحقاً. وهو مسار يتيح المجال أمام واقع إداري جديد، وربما يفسح في المجال أمام عملية تطهير تحتاج إليها الإدارة العامة، حيث الفساد كان أساسياً برغم كل شيء، وحيث مزاريب الهدر تجد من يفتحها عند اللزوم، وحيث يكون التغيير الذي يحتاج إليه المواطن في بلد لم يعرف يوماً طريقه الى المساواة من خلال قانون عادل.
إذا لم تلتزم الحكومة بالقانون، وتبيّن أنها ستحتال عليه في التعيينات المقبلة، فستكون قد سقطت في الامتحان الأخلاقي الأبرز، وعندها ستفقد شرعيّتها تماماً... الاختبار يبدأ من التعيينات المقترحة اليوم.