الدراما السورية 2020... موسم في انتظار اللاشيء
by كرم الصايغينتهي الموسم الرمضاني بعد متابعات مكثفة من الجمهور لِما يظهر على الشاشة. لم يلقَ هذا الموسم أصداءً مميزة، كما لم تكن هناك أعمالٌ تليق بالمُشاهد وترتقي بذائقته. بل على العكس تماماً، ربما هو الموسم الأضعف منذ عشر سنوات، ورغم ذلك، كان التعنّت واضحاً من شركات الإنتاج في ترك نهايات الأعمال مفتوحة على خيار الجزء الثاني، أو بإعلان جزء ثان للعمل فعلاً.
حقق مسلسل "مقابلة مع السيد آدم" أصداءً إيجابية لما فيه من أحداث محبوكة وتشويقية، فالعمل الذي يدور حول جريمة قتل، ثم تتبعها سلسلة جرائم يقوم بها الدكتور "آدم" الذي لعب دوره الفنان غسان مسعود. انتهى جزؤه الأول بعد ثلاثٍ وثلاثين حلقة، ليعلن مخرج العمل وكاتبه فادي سليم عن جزءٍ ثانٍ له في نهاية الحلقة مع عرض عدة لقطات من أحداث الجزء الثاني.
النهاية أثارت موجة استياء عارمة على وسائل التواصل الاجتماعي، رغم أنها بقيت محبوكة ومدروسة بعناية، لكن اعتبر الجمهور أن هذا استهتار بمتابعتهم على مدار شهر كامل من دون أن يعرفوا النهاية التي ينتظرونها. ورغم أن المخرج أعلن، قبل بدء رمضان، عن أن المسلسل مكوّن من جزأين صُورا معاً في سورية، إلا أن ذلك لم يُفِدْه، فالجمهور اعتبر الموضوع تجارياً، ولم يقتنع بفكرة انتظار سنة كاملة لمشاهدة ما قد يحصل.
وعلى ضفة أخرى، يطالعنا مسلسل "سوق الحرير"، من إخراج الأخوين مؤمن وبسام الملا وبطولة بسام كوسا، وسلوم حداد، وكاريس بشار، وقمر خلف، ونادين تحسين بيك. حقق العمل أصداءً جيدة لما فيه من نجوم كبار، في حين لم تحتوِ فكرته على جديد يُذكَر، بل بالغ في المماطلة بأحداثه ضمن حوارات مطاطة وبطء واضح في الأحداث، الأمر الذي تأفّفَ منه الجمهور. ومع أن الملا أعلنَ مسبقاً عن ثلاثة أجزاء للمسلسل، إلا أن نهاية الجزء الأول بطَلق ناري أثناء عرس "عفيفة" في الحارة لا نعرف من أصابت، لكنها حتماً أصابت المشاهدين الذين انهالوا بالانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء على صفحة المسلسل الرسمية على "فيسبوك" أو غيره، ليقولوا إن هذه النهاية فاشلة وكان يجب أن تكون الأحداث مكثفة أكثر من ذلك، وأن الموضوع بات تجارياً بحتاً، ولا داعي للانتظار لعام كامل لمعرفة ما سيحصل مع غريب بطل القصة، وإن كان سيلتقي بوالدته بعد غياب أم لا، وكذلك أمور كثيرة عُلقت للجزء الثاني، وكأن المسلسل صُنِع لتكون حلقاته الثلاثون تمهيدية فقط، وهذا ما لم يُرضِ فئة كبيرة من المتلقّين.
وبعد ثلاث وثلاثين حلقة أيضاً من "بروكار"، ورغم أن "شركة قبنض" أعلنت على صفحتها الرسمية أنه لن يكون هناك جزء ثان للعمل، إلا أن المسلسل انتهى نهاية مفتوحة لم نعرف ماهيّتها، فبالإضافة إلى بطء الأحداث وضعف النص، والدوران في حلقة مفرغة، لم تُشبِع النهاية الجمهور، فقد انتهت بصراع ناري بين ثوّار حارة البروكار والجنود الفرنسيين، وتركَ المسلسل المُشاهِد في حيرة من أمره، فلم يعرف من قُتِل ومن عاش ومَن هرب ومَن استسلم، لتضيف النهاية فشلاً جديداً على فشل العمل بأكمله.
أما "حرملك" في جزئه الثاني، فكان عبارة عن لقطات تجميعية غير انسيابية أكثر من كونها مسلسلا متناسقا، حيث اختفت شخصيات وظهرت أخرى بطريقة غير مضبوطة، وتتابعت الأحداث بشكل غير متزن. من الواضح أن هناك عدة مشاهد تم إعادة عرضها من الجزء الأول لتعبئة وقت الحلقة الواحدة. وعدا عن ذلك، فإن غالبية الشخصيات قُتِلَت أو اختفت فجأة حيث تم إنهاء شخصيات الفنانين سلافة معمار، وجمال سليمان، ونادين خوري، وصفاء سلطان، وجهاد سعد، وجيني إسبر، وبقيت الحكاية عالقة بين شباب بيت رسلان الأربعة وهم أحمد الأحمد، وباسم ياخور، وقيس الشيخ نجيب، وسامر المصري، فقد ركّز هذا الجزء على شخصياتهم أكثر من أي شيء آخر، بينما الحكايات كلها كانت غير مشبعة وتقليدية وأضعفت من وهج الجزء الأول الذي كان مليئاً بالنجوم.
والمشكلة الكبرى في نهاية المسلسل التي تحدثت عن جزء ثالث له، وهو ما لم يكن في الحسبان، فبعد انتهاء هذه الشخصيات لم يعرف الجمهور ماذا ينتظره في الجزء الثالث، ومَن من النجوم السوريين سيلعب أدوار البطولة بعد أن تمّ تسويق المسلسل على أسماء نجوم كبار انتهت شخصياتهم في الجزء الثاني.
ورغم أن أحداث "حرملك" غير مشبَعة وتقليدية، لكن تصرّ شركة "كلاكيت" المنتِجة للعمل على تمديد القصة لأجزاء ربما لتغطية النفقات الهائلة التي دفعتها الشركة لمجموعة النجوم الكبار المشاركين في المسلسل بالإضافة إلى نفقات الإقامة الباهظة في الإمارات حيث تم تصوير العمل.
كما قضت كورونا على مسلسلي "النحات" من تأليف بثينة عوض وإخراج مجدي السميري، و"الساحر" من تأليف سلام كسيري وحازم سليمان وإخراج عامر فهد، فالمسلسلان توقف تصويرهما بسبب كورونا، رغم أن كل واحدٍ منهما كان بجزء واحد فقط، لكن عدم استكمال التصوير حالَ دون ذلك، فبقي المشاهد معلقاً في حبال الانتظار بعد عرض خمس عشرة حلقة من "النحات" وسبع عشرة حلقة من "الساحر"، ليأتي منتصف رمضان والجمهور ضائع بين المشاهدة أو عدم متابعة الأعمال التي تتركه في المنتصف من دون إشباع.
وهكذا يبقى المتابعون على موعد مع جزء ثان من "مقابلة مع السيد آدم" و"سوق الحرير" و"النحات" و"الساحر"، وجزء ثالث من "حرملك"، ونهاية مفتوحة من "بروكار" قد توحي بتقديم جزء ثان إذا أرادت الشركة ذلك، وبالتالي فإن هذه النهايات شكّلت صدمة عند المتابعين وجعلت الكثير من الناس متذمرين، حيث لم تحقق هذه المواد التلفزيونية التي غايتها المتعةُ الآنية المتعةَ حقاً بل أنهت الموسم بالانتظار عاماً كاملاً كي يشبعَ المتلقي رغبته وفضوله في معرفة نهاية الأحداث.