ماذا غيرت فينا أقنعة الوقاية من كورونا؟
by إعداد: ربى أبو عموفي أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، حين كان أحدهم يذكر كلمة "أقنعة"، كان الناس يفكّرون في حفلات "هالوين". اليوم، القناع هو خطّ دفاع لحمايتنا من فيروس كورونا الجديد. خلال فترة زمنية قصيرة، قلب الفيروس الحياة رأساً على عقب، وربما إلى درجة يصعب تخيّلها.
فقد البعض أفراداً من عائلاتهم وأصدقائهم وزملائهم في العمل، الذين استسلموا لمرض لم يسمع به أحد من قبل في الولايات المتحدة. وجد الناس وسائل افتراضية لحضور حفلات الزفاف والجنازات ووجبات العشاء. وصاروا يقفون على بعد مترين عن بعضهم بعضاً، ويخشون الأشخاص الذين يقتربون منهم. وباتت المصافحة أو العناق أمراً جذاباً، بحسب موقع "سايكولوجي توداي".
كيف نبدأ في فهم الفيروس حين تكون أقنعة الوجه موجودة في خزائننا اليومية؟ تقول الأكاديمية والدكتورة في علم الاجتماع وعلم النفس ديبوراه كار إن أفراد العائلة كانوا يجتمعون حول العشاء العائلي وفي حفلات الزفاف وخلال التنزه. إلا أن الفيروس يوفر فرصة أخرى (وإن كانت غير مرحب بها) لفهم عالمنا بصورة مختلفة.
يتحدث علم النفس عن أهمية علاقاتنا الاجتماعية. في الواقع، تفيد نظرية علاقات الأشياء، والتي برزت في كتابات سيغموند فرويد، أنّ حاجتنا لأن نكون مع أشخاص آخرين وامتلاك علاقات ذات معنى هي قوة قوية مثل الجوع أو العطش. نحن حيوانات اجتماعية بشكل أساسي.
لذلك، فإن فقدان الروابط الاجتماعية الوثيقة يمكن أن يؤثر سلباً على صحتنا العاطفية ورفاهيتنا.
بالنسبة للأشخاص الخجولين، يمكن أن يكون البقاء وحيدين مصدراً للراحة والعزاء. لذلك، فإن الحجر الصحي ليس بهذه الصعوبة. إلا أن الترابط بين الأشخاص يشبه الطعام، وبالتالي فإن الحجر الصحي يصير مثل مجاعة تحدث ببطء.
كيف تزيد الأقنعة تعقيد الأشياء؟ تمتد علاقاتنا الشخصية ذات المغزى إلى ما وراء علاقاتنا الراسخة مع العائلة والأصدقاء وزملاء العمل، وتشمل لقاءاتنا اليومية مع أشخاص آخرين. على سبيل المثال، فإنّ الدردشة مع صاحب الدكان، والنظر إلى شخص في مطعم، والابتسام لأحد المارة في الشارع، كلها تفاصيل جميلة. هذه اللحظات الصغيرة من الاتصال تسمح لنا أن نشعر بأننا قريبون من الآخرين.
إلا أن الأقنعة تمنعنا من قراءة وجوه الآخرين. في الغالب، ما نراه في الوجوه المقنعة هي عيون خائفة بعدما أصبحنا جميعاً تهديدات فيروسية محتملة لبعضنا البعض. أصبح من الصعب جداً نقل الدفء أو التعاطف أو الفكاهة أو معظم التجارب البشرية المشتركة بعدما باتت وجوهنا مغطاة.
ربّما تكون الأقنعة مجرد قماشة أو غير ذلك، لكنّ قيمتها الرمزية أكبر بكثير. يمكن للأقنعة أن تكثف مشاعر العزلة والخوف من بعضنا بعضاً. بحسب علماء النفس، تخلق الأقنعة مسافة بيننا في الوقت الذي نحتاج فيه أكثر إلى دعم الآخرين. لكن نفس هذه الأقنعة تساعدنا أيضاً على رؤية بعضنا بعضا كجزء من مجموعة مترابطة، بحسب علماء الاجتماع. سواء كنت ترتدي قناعاً للمساعدة في الحد من انتشار كورونا أو أن حتى تكون جزءاً من حركة شعبية كبيرة، يمكن للأقنعة أن تقوي الروابط التي نخشى أن نفقدها في الحجر الصحي الجديد.