جائحة كورونا وتفاقم مواطن الضعف المالي«2 من 2»

by

يشير تحليلنا إلى أن حساسية كل من تدفقات الأسهم والسندات تجاه الأوضاع المالية العالمية، تكون أكبر بكثير في فترات التدفقات الشديدة منها في الفترات العادية، بينما قد يكون تأثير الأساسيات الاقتصادية المحلية “كالنمو الاقتصادي، ومواطن الضعف الخارجية، وعمق السوق المالية المحلية... وغيرها”، أكبر بقليل في حالة تدفقات الأسهم وتدفقات السندات المقومة بالعملة المحلية. إضافة إلى ذلك، فإن زيادة مشاركة المستثمرين الأجانب في أسواق السندات المقومة بالعملة المحلية، التي تفتقر إلى العمق الكافي، يمكن أن تحدث زيادة كبيرة في تقلب عائدات السندات.
وينبغي أن تتعامل الأسواق الصاعدة مع الضغوط الخارجية عن طريق السماح بانخفاض سعر الصرف. وإذا أصبحت تحركات سعر الصرف غير منظمة، ينبغي أن تنظر السلطات إلى التدخل في أسواق الصرف الأجنبي. ويمكن أيضا استخدام إجراءات مؤقتة لإدارة تدفقات رؤوس الأموال في مواجهة التدفقات الخارجة الكبيرة. وينبغي أن يستعد القائمون على إدارة الدين السيادي لفترة أطول من اضطرابات التمويل عن طريق وضع خطط للطوارئ تعالج محدودية فرص التمويل الخارجي.
وبشأن القطاع المصرفي ومسألة أسعار فائدة منخفضة وأرباح منخفضة، فقد تشكل الربحية تحديا مستمرا أمام البنوك في عدة اقتصادات متقدمة منذ الأزمة المالية العالمية. فبينما كان التيسير الكبير للسياسة النقدية عاملا أساسيا في استمرار النمو الاقتصادي في هذه الفترة، حيث دعم أرباح البنوك، فإن أسعار الفائدة شديدة الانخفاض قلصت هوامش الفائدة الصافية للبنوك - وهي الفرق بين الفائدة المكتسبة على الأصول والفائدة المدفوعة عن الالتزامات. ويشير تحليلنا إلى أنه بخلاف التحديات الآنية المصاحبة لتفشي فيروس كوفيد - 19، فإن الفترة الطويلة لأسعار الفائدة المنخفضة، من المرجح أن تفرض مزيدا من الضغوط على ربحية البنوك في الأعوام المقبلة. وتسهم البنوك ذات الأوضاع السليمة بدور أساسي في أي اقتصاد ديناميكي، وهي عامل بالغ الأهمية للاستقرار المالي. وعندما تكون البنوك عاجزة عن تحقيق أرباح، تقل احتمالات تقديمها القروض، وغيرها من الخدمات المالية للأسر والشركات، ما يحرم الاقتصاد من الائتمان الذي يحتاج إليه بشدة. ويشير تمرين محاكاة أجري على مجموعة من تسعة اقتصادات متقدمة إلى أن نسبة كبيرة من قطاعاتها المصرفية، حسب حجم الأصول، قد تفشل في تحقيق أرباح أعلى من تكلفة رؤوس أموالها عام 2025. ويمثل تفشي فيروس كوفيد - 19، اختبارا إضافيا لصلابة البنوك. وبمجرد انحسار التحديات الراهنة المتعلقة بالأزمة، يمكن أن تلجأ البنوك إلى زيادة الدخل من الرسوم أو تخفيض التكاليف لتخفيف الضغوط على الأرباح، لكن قد يكون من الصعب تخفيف هذه الضغوط بالكامل. وفي الوقت نفسه، قد يكون الإفراط في تحمل المخاطر لتعويض الأرباح المفقودة، بذرة للمشكلات في المستقبل؛ لذلك فمن الضروري أن يعجل صناع السياسات بتحقيق التوازن الذي يحمي الاستقرار المالي وسلامة المؤسسات المالية، مع دعم النشاط الاقتصادي. وينبغي النظر إلى مختلف الاستراتيجيات الممكنة للحفاظ على رأس المال وتعزيزه، بما في ذلك فرض قيود على ما يصرف من توزيعات الأرباح وعلى إعادة شراء الأسهم.
وفي الأعوام المقبلة، ستحتاج السلطات إلى تولي مهمة التعامل مع بعض التحديات “الهيكلية” التي تواجه البنوك. فعلى سبيل المثال، ينبغي لسلطات القطاع المالي أن تراعي الأثر المحتمل لأسعار الفائدة المنخفضة في قراراتها وتقييماتها للمخاطر. وينبغي أن يتضمن التخطيط الرقابي لرأس المال واختبارات تحمل الضغوط، سيناريوهات لاستمرار أسعار الفائدة “أقل مما ينبغي لمدة أطول”، كما ينبغي تقييم قوة نماذج الأعمال في ظل هذه الظروف. وعلى الأجهزة الرقابية أيضا أن تظل متنبهة للتطورات ذات الصلة، وأن تحول دون تراكم المخاطر المفرطة التي من شأنها إضعاف صلابة القطاع المصرفي.