«كورونا» يعيد تعريف مفهوم العائلة
قضت الناشطة الحقوقية والمدافعة عن حقوق المرأة في تونس بشرى بالحاج حميدة فترة الحجر الصحيّ التي فرضتها السلطات للوقاية من جائحة «كورونا»، في الاعتناء بحديقتها الخاصة والتفكير في قضايا اجتماعية.
تؤكد النائبة السابقة في مجلس النواب والرئيسة السابقة للجنة المكلّفة تقديم مقترحات تتعلق بقوانين الحريّات والمساواة في البلاد بعد ثورة 2011، في حوار أجرته معها وكالة فرانس برس باللغة الفرنسية، على أن فترة الحجر التي أمضاها الرجل والمرأة سوية داخل منزلهما تمثل مناسبة لإعادة توزيع الأدوار والمهام بينهما.
حول ما الذي تغيّر خلال فترة الحجر الصحيّ، تقول حميدة إنها لاحظت أن العديد من الشباب لم تكن لديهم مشكلة في أن يأخذوا على عاتقهم جزءاً من المهام المنزلية، لكن السؤال بنظر حميدة هنا هو: هل سيتواصل ذلك بطريقة طبيعية، أم كان فقط استجابة ظرفية؟ وتضيف: للأسف كان الحجر أيضاً سبباً لتنامي العنف ضد المرأة.
وتؤكد حميدة أن العديد من الرجال الرافضين أساساً لتواجد المرأة داخل الفضاءات العامة، وجدوا أنفسهم مجبرين على المكوث داخل المنزل، المكان المخصص عادة للمرأة، وكثيرون وجدوا صعوبة في تقبله.
تأثير إيجابي
لكن التأثير الإيجابي يكمن في أن النساء بدأن يتحدثن عن هذا العنف وينددن به بفضل المنظمات ووسائل التواصل الاجتماعي. وتعتقد حميدة أنهن سيصبحن أكثر يقظة تجاه العنف. لكنها لا تعتقد أن هذا سيدفع إلى إعادة نظر حقيقية في مسألة الأدوار التقليدية وعلاقات القوّة داخل العائلة، إذ إن هذا موضوع لا يجري الكلام فيه، ولا يمكن أن نتوقع تغييرات حقيقية إذا لم نتطرق هذه المسائل في العمق.
كيف يمكن تغيير ذلك؟ تجيب حميدة أنه يجب أن تكون هناك إرادة سياسية واضحة، وتقول إنها تصدم حين ترى أن ملف العنف ضد المرأة في تونس ودول أخرى، من اختصاص وزارة المرأة.
وترى حميدة في ظروف جائحة «كورونا» فرصة مناسبة لحثّ الناس على التفكير في العلاقات العائلية وفي العنف وللتعبير، وتؤكد أنه لا يمكن أن تستمر الأمور على ما هي عليه، بل يجب أن يطرح كل صحافي السؤال التالي على كل وزير: ماذا فعلتم في ملف العنف اليوم؟.
فرصة للتفكير
وترى أنه كان بالإمكان أن تمثل هذه المناسبة مجالاً للتفكير في الطريقة التي ننظر بها إلى العلاقات العائلية في العام 2020. وهذه إحدى أبرز نقاط الاختلاف مع جماعة الإخوان، «لكن ينقصنا تفكير جماعي لإعادة تعريف مفهوم العائلة وإعادة النظر في أولوياتنا».
وتطالب بوضع قطاع الصحة على السكة والاهتمام بالمسائل البيئية الغائبة تماماً عن النقاش العام في تونس، وتدعو للنظر أيضا في غياب المساواة الاجتماعية، وأن تؤمن الدولة كل الوسائل للجميع للعيش بكرامة من دون الحاجة إلى دعم، إذ «يجب أن يتحمل المواطن مسؤولية نفسه».
وعن كيف تمضي وقتها خلال الحجر، تقول: أستيقظ باكراً وأبدأ من الحديقة، واكتشفت أنني لا أزال أتقن استعمال المعول، أحد أنشطة فترة الطفولة.
ليس ذلك عملاً خاصاً بالنساء، وقد فكرت بذلك كثيراً. كان العمل متعة، لم يكن إجبارياً. اليوم، يقوم الرجال بأعمال الخياطة والطبخ، لا يجب أن تكون لدينا عقد من ذلك. أكون سعيدة حين أقوم بعملي بنفسي.