الطفولة والتباعد الاجتماعي!
تحتفل بعض الدول باليوم العالمي للطفل في الأول من حزيران من كل عام، وتختلف مظاهر الاحتفال به من دولة إلى اخرى، وكذلك يقوم المدافعون عن حقوق الطفل والجمعيات والمؤسسات المعنية بتكثيف المطالبة العالمية بتطبيق الحقوق أكثر و إيصال المطالبات لأصحاب القرار في البرلمانات والحكومات ورؤساء الدول.
يجدر بالذكر هنا، أن الاتفاقيات الدولية وتحديداً اتفاقية حقوق الطفل قد تضمنت في بنودها كل ما يتعلق بالأطفال، وقد شملت الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، مع تحفظ العديد من الدول على بعض بنودها.
الحديث يطول حول الانتهاكات التي تحدث لأطفال العالم وما أكثرها في البلدان التي يتنازع فيها "الكبار" على ما يسمونه "حق"، و في البلدان التي فقدت أساساً حقها في تقرير مصيرها والضحية فيها هم الجميع، كباراً وصغاراً.
لكن ما دفعني للكتابة اليوم، سؤالٌ للمعرفة لا أكثر، والمحاولة للتحليل من أجل مواجهة ما هو قادم، فما هو مصير جيل كامل ينشأ اليوم على مبدأ "التباعد الاجتماعي" والحذر من الآخر؟
التفاعل الاجتماعي -الذي هو من مقومات استمرار الأشخاص في بناء المجتمعات- في خطر، فإذا كنا نحن "الكبار" نتأثر سلباً بهذا الأمر وأصبحنا تلقائياً نبتعد عن من حولنا، إن كان خوفاً منهم أم خوفاً عليهم، فكيف لأطفالنا أن يدركوا هذا ويتعاملوا به مع أقرانهم؟
مع تخفيف الإجراءات في دول العالم المتأثرة بفايروس كورونا COVID 19، واقتراب العودة للعمل والدراسة بشكلها الاعتيادي، لا يجب الاستهانة بتوفير التعليم الجيد والتوجيه والإرشاد لجميع الأطفال حول العالم عبر المؤسسات المعنية وبوسائل عديدة، وذلك بتوضيح رسالة مفادها أنه من الأهمية الحفاظ على مسافة جسدية بين الأشخاص و لا يعني هذا "الخوف من الآخر" مما يؤدي إلى العديد من مظاهر العنف و عدم تحقيق التواصل الاجتماعي البناء. من الأهمية وجود الدعم من العائلة والأصدقاء والحفاظ على تواصل إجتماعي وعاطفي، بقدر أهمية التباعد الجسدي.
الكثير من المفاهيم بحاجة في هذا الوقت لإعادة التشكيل بصورة جيدة وبخطاب بناء، للكبار قبل الصغار، كتوضيح أن المرض- أي مرض- ليس عيباً، وأن الإصابة به لا تعني بالضرورة ارتكاب خطأ ما، وأنه من الممكن أن يصاب أي شخص إن لم يعتني بنفسه ولم يلتزم بإجراءات الوقاية!
ليس من الصعوبة إيصال هذا المعنى الجيد للأطفال، ويمكن ذلك بوسائل ابداعية مختلفة، "فاللعب لغة الأطفال"، ومن الضروري زيادة التواصل والتفاعل والتعبير، لأن ما سنشهده في المستقبل القريب سيؤثر علينا جميعاً.
بشرى عدنان الضمور
ماجستير حقوق الإنسان والتنمية الإنسانية