الطاهر عيسى بن العربي: التيجاني في "27".. إرهابي رغم أنفه
دراما تونسية رمضانية تروي بطولات الجيش التونسي من خلال مقاومته للإرهاب وعمليات التهريب.
by صابر بن عامرانتهى الموسم الرمضاني التونسي لهذا العام، مخلفا وراءه العديد من ردود الفعل السلبية في غالبيتها، سواء من حيث الكم الذي أتى ضئيلا، خمسة مسلسلات فقط، مقارنة بالثلاث سنوات الماضية، أو من ناحية الكيف الذي جاء في مجمله ضعيفا لم يرتق إلى السوية المطلوبة.
تونس - رغم ضعف المنتج الدرامي التونسي المقدّم في الموسم الرمضاني المنقضي كما وكيفا، مع بعض الاستثناءات، طبعا، إلاّ أن الموسم بهناته وسقطاته، أحيانا، قدّم وجوها تمثيلية واعدة لم يتعوّد عليها جمهور الشاشة الصغيرة، على غرار منى التلمودي وعاصم بالتوهامي في “نوبة 2” وعزّة السليماني التي تألقت في “أولاد مفيدة 5” أو كلثوم حندوس في “قلب الذيب” وأيضا الطاهر عيسى بن العربي الذي قدّم دور الإرهابي “التيجاني” في مسلسل “27” المثير للجدل.
“العرب” التقت الطاهر عيسى الذي قال عن الدور “سعدت كثيرا بالمشاركة في مسلسل ’27’ للمخرج يسري بوعصيدة، وذلك عبر شخصيّة التيجاني، وهو شيخ من السلفيّة حديث العهد بهذا السلوك بعد تأثير زوجته عليه التي تميّزت بتفكيرها التكفيري المتشدّد، تطلب منه الانضمام إلى تنظيم يعمل على تهريب الأسلحة، أغرته الأموال ففعل ذلك، لم يكن مقتنعا تماما بالتوجهات الإرهابية. لكنه يجد نفسه داخل دوامة كبيرة حيث يلعب المال دورا كبيرا في ذلك”.
ويسترسل “يفقد صديقه المقرّب عبدالقادر في مناوشة مع الجيش إثر شبهة حيازتهما لأسلحة، لكن لا أثر للأسلحة، تدعوه زوجته إلى الانتقام بحزام ناسف، تحبط العملية، وتموت زوجته ويدخل هو السجن حيث يقتل طعنا من أحد مافيات الفساد”.
وقدّم الطاهر عيسى في المسلسل الرمضاني شخصية مركبّة أتقن أداءها بسلاسة ودون تكلّف، تجسّدت في الإرهابي التيجاني الطريف والتلقائي، رغم هول أفعاله، الأمر الذي جعله يبدو إرهابيا رغم أنفه، فهو غير مقتنع تماما بما يفعل، وقد ظهر ذلك جليا في أكثر من مشهد خلال حواره مع زوجته المتشدّدة (قامت بالدور عائدة جفال). ما يعني أنه وجد نفسه مدفوعا إلى ارتكاب جرائم هو بريء منها، نتيجة الدمغجة وعمليات غسل الدماغ التي ما انفكّ يتلقّاها دون هوادة من قبل مُرشده المباشر (جمال ساسي) والتي دفعته دفعا كي يكون إرهابيا.
وعن ردود الفعل التي تلقّاها حول شخصية التيجاني التي جسّدها، يقول الطاهر عيسى “الحمد لله، كانت ردود الفعل إيجابية جدا خاصة من أهل الاختصاص، فهو أوّل ظهور لي بمساحة مهمة في الدراما الرمضانية بعد تجربة صغيرة في سيتكوم ‘عند عزيز’ للمخرج صلاح الدين الصيد (2003)، لكن هذه الشخصية قدّمتني إلى الجمهور والنقاد على حد سواء كممثل قادر على لعب الأدوار المركبة”.
ويستدرك “صحيح، لم تكن مساحة الدور كافية لأحقّق الطفرة الحقيقية لأدائي، لست متميزا ولا موهوبا ولا أدّعي ذلك، لكنّي أحبّ اللعب والتقمّص وشغوف بذلك منذ صغري، هي علاقة عشق لا غير”.
ويروي مسلسل “27” بطولات الجيش التونسي من خلال مقاومته للإرهاب وعمليات التهريب، وقد عرض في النصف الأول من شهر رمضان المنقضي على “الوطنية 1” (عمومية)، وهو عن سيناريو وإخراج ليسري بوعصيدة وتمثيل كل من أمير الدريدي وإباء حملي ودرصاف مملوك والطاهر القيزاني وعلي الخميري وجميلة الشيحي وهشام رستم وأسماء بن عثمان وأمال علوان وآخرين.
ورغم أهمية فكرة العمل المنتصر لحاملي السلاح في حربهم ضدّ الإرهاب، إلاّ أن المعالجة الدرامية أتت ضعيفة إنتاجا وإخراجا وكتابة. وتسأل “العرب” طاهر عيسى ين العربي عن أسباب عدم وصول رسالة المسلسل إلى الجمهور التونسي بالشكل المطلوب.
يُجيب “حقيقة، لا أعرف إلى أيّ مدى لم يصل إلى المشاهد، المشاهد العادي ربما أثّر فيه المسلسل في علاقته بشهداء الوطن، أما المختصون وأهل القطاع فقد هاجموا العمل بشدّة، ربّما لأن الحلقات الأولى ظهرت بضعف تقني فادح، من خلال تعدّد مشكلات المونتاج وغياب الموسيقى والمؤثرات عن الحلقة الأولى، وهذا طبعا صدم المشاهد الذي كان ينتظر المسلسل بشغف”.
ويسترسل “كما أظن أنّ السيناريو الذي كتبه يسري بوعصيدة أهم بكثير من طريقة إنجازه، ويعود ذلك لعدة أسباب، أولها كونه أول عمل درامي في الإخراج التلفزيوني من قبل بوعصيدة. ثانيا لم يكن التصوير بالهيّن في غياب الموارد المالية وكذلك انسحاب بعض الممثلين خوفا من كورونا، ممّا دفع المخرج إلى تغيير زمن الحلقة من 40 دقيقة إلى نصف ساعة وتغيير الأحداث أو حذفها ليُنقذ ما يمكن إنقاذه. كما ضغطت القناة الباثة (الوطنية 1) من أجل الحصول على المسلسل بأسرع وقت ممكن، خاصة أمام سقوط صفقة ‘قلب الذيب’ في البداية. ولكن بعد التمكّن من حق إنتاج وبثّ مسلسل ‘قلب الذيب’ ليلة أول يوم في رمضان، ربما كان بالإمكان تأجيل المسلسل للنصف الثاني، ليتمّ العمل أكثر على المونتاج والجانب التقني ومراجعة الألوان”.
ولم ينكر الطاهر عيسى أنه وصلته العديد من العروض التلفزيونية بعد نجاحه في تجسيد شخصية التيجاني المركّبة والمُربكة معا، قائلا “البعض لن أكشف عنه لأسباب مهنية، لكن ستشاهدونني السنة القادمة، إن شاء الله، في مسلسل أو ربما كسيناريست أيضا. وفي الأفق، قريبا، ننطلق في تحضير فيلم ‘فرحات حشاد’ مع المخرج الشهير الفاظل الجزيري، كما سأخرج قريبا عملين مسرحيين الأول هو ‘حنبعل فري فاير’ من إنتاج مركزي الفنون الدرامية بمنوبة وأريانة والثاني عمل ثنائي يجمع نجمين من الدراما التلفزيونية، وكلاهما من تأليفي أيضا”.
والطاهر عيسى بن العربي هو بالأساس ممثل وكاتب ومخرج مسرحي له العديد من الأعمال المسرحية من تأليفه وإخراجه، لعلّ أبرزها “ضرب نهر سوميدا” 2007 و”ضرب الدفوف” 2009، و”السد” عن نص لمحمود المسعدي (2012)، و”مبيتة رجال الكاف” (2014)، و”بطاقة هوية” (عرض أوبرالي 2015)، و”عمر وجوليات” (2017)، و”حنبعل” (مسرحية لليافعين 2018)، و”مملكة الحب” (أوبرا غنائية 2018)، و”دبوس الغول” (عرض مسرحي منفرد لمنال عبدالقوي 2019).
كما لم يتغيّب الطاهر عيسى بن العربي عن التمثيل المسرحي، وهو الذي شارك في مسرحيات “من العشق ما قتل” عن نص للشاعر محمد العوني وإخراح حسن المؤذن (2005) و”الحياة حلم” (2008) وأيضا “آخر بني سراج” لحسن المؤذن وحليمة داود (2011) و”ثورة صاحب الحمار” للفاضل الجزيري (2012)، ليتّجه أكثر في السنوات القليلة الماضية إلى التمثيل السينمائي وذلك من خلال ثلاثية الفاضل الجزيري الأخيرة “ثلاثون” و”خسوف” و”قيرة”.