بين الخليج الفارسي والبحر الكاريبي..

حين تهان اميركا في عقر دارها  - قناة العالم الاخبارية

منذ 79 عاما وتحديدا في كانون الاول-ديسمبر عام 1941 تاريخ هجوم بيرل هاربور لم تعش الولايات المتحدة الاميركية اهانة في عقر دارها حتى ايامنا هذه، فهي اعتمدت منذ ذلك التاريخ قاعدة الحروب على اراضي الاخرين او الحروب بالوكالة. لكن ونتيجة لاعتبارات عديدة بدات هذه السياسة تتعرض لتغيرات كثيرة.

https://media.alalamtv.net/uploads/855x495/2020/05/27/159054761142170100.jpg

العالم - قضية اليوم

تعتبر دوائر القرار في واشنطن ان اي بقعة في هذا العالم تعنيها سياسيا وامنيا وعسكريا واقتصاديا، وحين تجد ان مصالحها في ما وراء البحار مهددة بشكل جدي تغير سياساتها وتتخلى عن ادواتها وتنكفئ. لكن عندما يتعلق الامر بالمنطقة المحرمة لدى واشنطن فان الحسابات والدلالات والتبعات تختلف كثيرا.

بداية ساهمت سياسات الرئيس الاميركي دونالد ترامب المفتقرة لاي استراتيجية واضحة في تخبط وضياع صورة الولايات المتحدة عالميا وتحديدا اندفاعاته لتوزيع التهديدات في كل الاتجاهات ولابسط الاسباب، خاصة فيما يتعلق بايران. ترامب اطلق تهديدات كثيرة ثم تراجع عنها، واخرها تهديده باستهداف السفن الايرانية.

في المقابل يمكن تسجيل ان ترامب تجرأ وحاول الاطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، لكن خطة مستشاره للامن القومي السابق جون بولتون باءت بفشل ذريع ولم يصمد رجل واشنطن في كراكاس "خوان غوايدو" واثبت انه ورقة محروقة.

وبين ايران وفنزويلا قواسم مشتركة فيما يتعلق بالملف الاميركي.

= طهران وكراكاس كانتا وما زالتا هدفا للسياسات العدائية الاميركية واجراءات الحظر التي طالت كافة القطاعات في هذين البلدين واثرت في حياة الملايين من الشعبين الايراني والفنزويلي

= كانت نظرية اسقاط النظام في الجمهورية الاسلامية في ايران وفي فنزويلا حاضرة على طاولة القرار في واشنطن طوال عقود.

= تمتلك كل من ايران وفنزويلا من الثروات والموارد الطبيعية ما يجعلهما هدفا للاطماع الاميركية. من النفط والغاز الى الذهب والمعادن، وهذا يفسر المساعي الاميركي طوال سنوات للسيطرة على هذه الثروات

= تعتبر طهران وكراكاس من الدول القليلة جدا التي لا تخضع لارادة وسياسات الولايات المتحدة. وبمعنى ادق من الدول القليلة التي لم تقبل تسليم مقدراتها وثرواتها لغير شعوبها.

مثل كثير من الملفات لم يفقه ترامب الطريقة الصحيحة للتعاطي مع الملفين الايراني والفنزويلي، وربما من اكبر اخطائه اعتبار انه يستطيع التحدث مع طهران وكراكاس مثلما يتكلم مع العواصم (ومنها عربية) والتي تتلقى الاوامر من واشنطن. هدد ترامب في السابق بضرب ايران فافرح حلفاءه في المنطقة، لكن سرعان ما تراجع بل وتلقى ضربة اسقاط طهران لفخر صناعة الطائرات المسيرة العسكرية الاميركية.

وحين هدد ترامب باستهداف السفن الايرانية، تلقى الضربة الاولى باطلاق رحلة النفط الايرانية باتجاه فنزويلا. حاولت ادارة ترامب استفزاز طهران والتهويل بضرب سفنها، الضربة الثانية اتت باصرار طهران على ايصال رسالة التضامن الى موانئ فنزويلا. لكن ما يهم هنا هو ان الضربات التالية كانت في عقر دار واشنطن. لقد ابحرت السفن الايرانية على بعد 2700 ميل فقط من الحدود الاميركية ووصلت الى وجهتها وسلمت امانتها.

لم تعد المواجهات في القرن الحادي والعشرين تقتصر على الضربات العسكرية مثل بيرل هاربور. ما حصل في الكاريبي يمتلك ابعادا لا تختلف بنتائجها عن اي ضربة عسكرية. وحين تجد الادارة الاميركية نفسها مضطرة للتعامل مع قضية بهذا الحجم من الجدية قرب حدودها وفي حديقتها الخلفية (اللاتينية) فان لذلك من التبعات ما يضع الاميركي امام تغيرات كثيرة ليس اخرها تلقي الاهانة في عقر داره.
حسين الموسوي