الجزائر تحذر من تدفق السلاح على الإرهابيين في ليبيا
وزير الخارجية الجزائري يعرب عن استعداد بلاده لاحتضان حوار بين الفرقاء الليبيين ويؤكد على الدور المحوري الذي يجب أن تلعبه دول الجوار والاتحاد الإفريقي في المسار الأممي لتسوية الأزمة الليبية.
الجزائر - حذر وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم من خطورة التدفق الكبير للسلاح نحو ليبيا الذي لم يؤجج سعير الحرب الأهلية فيها فقط بل ساهم في تسليح الإرهابيين وتهديد أمن المنطقة، معربا عن استعداد بلاده لاحتضان حوار ليبي-ليبي لإنهاء الصراع الذي فاقمه التدخل العسكري المباشر لتركيا في يناير الماضي.
وقال بوقادوم في رسالة نقلتها وزارة الخارجية بمناسبة “يوم إفريقيا” الذي يصادف الذكرى الـ57 لإنشاء منظمة الإتحاد الإفريقي، إن التطورات التي تشهدها ليبيا في الأسابيع الأخيرة "تؤكد للأسف تضارب الأجندات الإقليمية والدولية التي يبدو أنها لا تتفق إلا على إبقاء ليبيا على حالة الفوضى مسرحا للحروب بالوكالة وساحة لتصفية الحسابات على حساب دماء أبناء الشعب الليبي الشقيق".
وأضاف بوقادوم أن "التدفق الكبير للسلاح نحو ليبيا في انتهاك صارخ للقرارات الدولية، لم يؤجج سعيـر الحرب الأهلية فحسب، بل ساهم في تسليح المجموعات الإرهابية التي أضحت تهدد أمن المنطقة، وتعرقل مسار التسوية السياسية لهذه الأزمة".
وأجج الرئيس التركي رجب أردوغان الصراع في ليبيا بعد أن تدخل عسكريا لدعم حكومة الوفاق التي يسيطر عليها الإخوان في العاصمة طرابلس وتقاتل في صفوفها ميليشيات وإرهابيين مطلوبين للعدالة الدولية، حيث بدأت أنقرة منذ يناير الماضي في إرسال جنود ومستشارين من الجيش والمخابرات التركية وآلاف المرتزقة من المعارضة السورية إلى ليبيا بالإضافة إلى تأمين أسلحة وعتاد عبر سفن تركية عبر المتوسط في انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن.
واتسعت رقعة العنف والقتال خلال الأيام الماضية في عدة محاور بالعاصمة طرابلس عندما استقوت حكومة الوفاق بالأسلحة والدعم العسكري الذين أمنته تركيا للميليشيات لصد قوات الجيش الوطني الليبي، ما ينذر بتصعيد وشيك لكبح جماح أردوغان المنفلت في البحر المتوسط من قوى أخرى مثل روسيا التي تدعم الجيش والولايات المتحدة أمام صمت أوروبي مريب ينذر بتوتر يهدد أمن المنطقة.
واليوم الأربعاء، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تركيا تقوم منذ أشهر بنقل الآلاف من عناصر داعش والقاعدة إلى ليبيا، للقتال إلى جانب حكومة الوفاق ضد قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن وفي تصريح صحفي "لدينا معلومات موثقة بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقوم بإرسال عناصر سورية سابقة من تنظيم القاعدة وداعش إلى ليبيا العملية بدأت في أكتوبر الماضي وما زالت مستمرة".
وقدَّر "عدد الإرهابيين الذين نقلهم أردوغان من إدلب إلى ليبيا حتى الآن بنحو تسعة آلاف مقاتل بينهم عشرات المقاتلين معروفين للمرصد كانوا مع داعش ثم هربوا إلى ريف حلب الشمالي والآن باتوا بالتأكيد في ليبيا".
وأضاف عبدالرحمن أن ”الأمر ليس مقتصرا فقط على العناصر الإرهابية السورية وهناك أيضا عناصر غير سورية منضوية تحت منظمات جهادية داخل سورية يتم نقلهم إلى ليبيا وغالبيتهم من الجنسية التونسية".
وتابع أن ”عمليات النقل الموثقة هذه إلى ليبيا دليل قاطع على أن لأردوغان صلات مباشرة بداعش والقاعدة رغم ادعائه بأنه يقاتلهما".
وتسائل عبدالرحمن "هل يعقل ألا تكون هناك أجهزة مخابرات دولية لمراقبة ما يجري من عمليات نقل للجهاديين من سوريا إلى شمال أفريقيا؟”.
ولا تخفي دول الجوار الغربي لليبيا قلقها من تأثير التدخل التركي المباشر في الأزمة الليبية على أمنها وحدودها حيث تخشى تونس والجزائر أن يتسلل الإرهابيون الذين كان أغلبهم يقاتل ضمن جماعات متشددة و من داعش في سوريا إليها عبر الحدود الليبية بعد أن أمنت لهم تركيا السلاح.
وأعرب وزير الخارجية الجزائري استعداد بلاده "لاحتضان الحوار الليبي، وتأكيدها على الدور المحوري الذي يجب أن تلعبه دول الجوار والاتحاد الإفريقي في المسار الأممي لتسوية الأزمة الليبية".
وأشار إلى أن الجزائر تواصل "التشاور مع كل الأطراف الليبية، ودول الجوار، والاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة، من أجل لم شمل الفرقاء وتقريب وجهات نظرهم".
وقادت الجزائر خلال الأسابيع الماضية مساع دبلوماسية بين فرقاء الأزمة الليبية، واقترحت استضافة جلسات حوار الصيف القادم لإطلاق عملية سياسية تفضي إلى حل للأزمة، لكن استقواء حكومة الوفاق بالدعم التركي جعل التسوية مرفوضة في ظل تواصل سيطرة الميليشيات والجماعات الإرهابية على سلطة القرار في طرابلس وولائهم التام لأنقرة.
وقبل أيام، قال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون "لقد كنا قاب قوسين أو أدنى من الحل في ليبيا وإطلاق عملية سياسية، لكن فشلت المساعي (..) هناك من عطل الجهود الجزائرية لأنه يعتقد أن ذلك سيكون نجاحا دبلوماسيا وبروزا له في المنطقة".
وتعول حكومة الوفاق والميليشيات التابعة لها هذه الفترة على ترسانة الأسلحة الكبيرة والمتطورة التي وصلتها من تركيا لتحقيق تفوّق في المعركة وتقدم ميداني، وهو ما يفسر تجاهلها الهدنة التي دعا إليها الجيش الليبي والاستمرار في تصعيد القتال، وكذلك رفضها للمهمة الأوروبية "إيرني" لمراقبة تنفيذ حظر توريد السلاح إلى ليبيا في البحر المتوسط.
من جهته حاول الرئيس التونسي قيس سعيد الدفع بتسوية سياسية عبر حوار ليبي-ليبي دون تدخل خارجي لكن حركة النهضة الإسلامية التي تسيطر على البرلمان عرقلت تلك المساعي عبر اصطفافها كليا مع المحور التركي القطري معلنة دعمها لحكومة الوفاق ما أثار جدلا ورفضا كبيرا لسياسة المحاور التي يريد رئيس الحركة راشد الغنوشي زج البلاد فيها في وقت تؤكد فيه تونس على حيادها ودعوتها لإنهاء الأزمة سياسيا بين الليبيين دون تدخل خارجي.
وحاولت تركيا وقطر في الأشهر الماضية استمالة الجزائر وتونس للاصطفاف مع حكومة الوفاق لكن تلك المساعي فشلت لمعرفة دول جوار ليبيا الجيدة بخطورة ذلك الدعم باعتباره دعم للجماعات اللام السياسي والميليشيات وخطوة واضحة لاطلاق يدهم لنشر الفوضى والإرهاب في المنطقة خدمة للمشروع التوسعي للمحور القطري التركي وليس خدمة لمصلحة ليبيا.
وحذرت أحزاب ومنظمات مدنية في تونس من الدور الخطير الذي تلعبه تركيا في الجارة ليبيا وتأثيراته على أمن البلاد خصوصا بعد سيطرة قوات الوفاق والميليشيات على قاعدة الوطية العسكرية القريبة من الحدود التونسية.
وحذر النائب عن حركة "تحيا تونس" في البرلمان مبروك كرشيد من تحويل تركيا قاعدة الوطية مركزا لانطلاق الإرهابيين نحو تونس، مشيرا إلى أن أنقرة تستعد لنشر 5 آلاف مرتزق من ضمن 10 آلاف في القاعدة التي كانت تحت سيطرة الجيش الوطني الليبي.