شائعة "موت الجنرال": "ضريبة" العهد!
by ملاك عقيل"ليبانون ديبايت"- ملاك عقيل
ليست المرّة الأولى التي تُطلق فيها الشائعات حول صحّة ميشال عون... ولن تكون الأخيرة بالتأكيد. "جوقة النعي" الموسمية لا تستسلم. تستنفدُ كلّ الأسلحةِ في السياسة، في تشويهِ السمعةِ والرصيد المتراكم والتنكيل بما يُفترض أنه إنجازات، وفي تجاوزِ أدبيات المواجهة حتّى ببعدها الانساني. ثمّ تعودُ الى السلاح المحرّم: دفن الخصم قبل أوانه!
صحّةُ "الجنرال" شَغلت بال المتربّصين به حتّى قبل انتخابه رئيسًا للجمهورية. هذا أمرٌ غير مألوفٍ في السياسة. تطوّرت "الحالة" مع الأشهر الأولى لإنطلاق العهد. ضُرِب أكثر من موعدٍ لرحيلٍ يتمنّاه أصحاب العقول المريضة. لا تفسير للركون الى السلاح القذر سوى الحقد الأعمى والإفلاس الأخلاقي. حتّى الحروب لها قواعدها وخطوطها الحُمر. مجموعة قواعدٍ في القانون الدولي الانساني تحدّد ما يمكن وما لا يجوز فعله خلال النزاعات المسلحة. لكن في النزاع ضد ميشال عون تسقط كل المحرّمات، ويصبح حفر القبر وتجهيزه "لذّة" لدى الحاقدين ووسيلة في الحرب النفسية للتخلّص من "العدو". يبدو الأمر كضريبة متوقعة لعهدٍ فُرض فرضًا وجاء نتاج مطالبة عونية خالِصة!
يَكبر ميشال عون الرئيس نبيه بري بثلاث سنوات فقط. مع ذلك لا أحد ينشغل بصحّة "الأستاذ"، أو أي سياسيّ آخر. لا تنشط غرفة عمليات الرصد "الطبي" سوى باتجاه بعبدا.
المراهنون على ساعة "الجنرال" يفتعلون بطولة رخيصة تخدم الضحية على الأرجح وتشدّ عصب مؤيّدي العهد الى حدّ التطرّف في ردّات الفعل: إسألوا تويتر وفايسبوك. هنا تفلش العصبية العونية بكل سيئاتها فتتجاوز المسموح وتتحوّل الضحية الى جلاد يُظهِر سادية فظيعة وصولًا الى الضغط لطرد مغرّدة من عملها لأنها شمتت بموت الرئيس!
رَجمُ هذا العهد جائزٌ بالسياسة ومشروعٌ، فالإخفاقات كثيرة تسهّل مهمّة إصطياد الأخطاء. العونية السياسية قامت على محاربة الحريرية السياسية وتغذّت من التصويب على ارتكاباتها، لكن لا بأس من قيام تسوية مع سعد الحريري تأتي بعون رئيسًا للجمهورية. نبيه بري رمزُ الفساد في القاموس البرتقالي، لكنّ "البلطجي" يصبح حليفًا في محاربة الفساد وشريكاً في الكابيتال كونترول لإنقاذ المودعين. وليد جنبلاط إمبراطورية في نهب المال العام لكن "مُداراته" واجبٌ. وملفات فُتحت ثم أغلقت. تطنيش عن فاسدين ثم قرار بملاحقتهم... عرضٌ وطلب!
ثمّة لائحة طويلة بالإخفاقات يجوز محاسبة العهد عليها. هذا الضعف غير المفهوم وغير المبرّر لزعيمٍ بوزن ميشال عون أمام جبران باسيل يستحقُّ وحده جردة حساب. سجون خالية من كبار الفاسدين تستأهل محاكمة شعبية... لكن ما الذي يبرّر تمنّي موتَ رجل سياسةٍ يصدفُ أنه رئيس جمهورية لا غبار على وطنيّته ونبذه للفساد؟
يتّبعُ ميشال عون، منذ سنواتٍ، نظامًا صحيًا وغذائيًا صارمًا. وككثيرٍ من السياسيين هو على موعد يومي مع عدد من الأدوية وزيارات روتينية لطبيبه الخاص. لكن بعكس غالبيتهم العظمى يعشق الطبيعة ورائحة الصباح والتراب. الأرض حبّه الأول ومنها ينهل المزيد من شغف الاستمرار لإكمال المطلوب منه.
باكرًا جدًا طمّأن السائلين بأنه لن يمدّد ولن يجدّد. وحتى يحين آوان الاستحقاق الرئاسي والتفتيش عن البديل يبدو الرجل في عزّ "شباب" عهده. يقرّ كل من يجالسه بعزيمته على الالتزام بتنفيذ ما انتخب لأجله. بدأ الأمر باستعادة صلاحيات رئيس الجمهورية، بالممارسة، من دون تعديل الدستور. وآخر الجولات طلب إعادة النظر في قرار مجلس الوزراء الذي قضى باستبعاد معمل سلعاتا ضمن خطة الكهرباء مستخدمًا صلاحيته بناء على المادة 56 من الدستور. ويستمر المشروع الرئاسي بأجندة إصلاحية أكثر من مرة جاهر عون أمام القريبين منه "أنهم يحاربونني لمنعي من تنفيذها".
أزعجَ ميشال عون كثيرًا حلفاء العهد فيمكن تخيّل ما يمكن أن يفعله بالخصوم. في مقابل الحالمين بأن "مشروع عون" ليس مرحلة زائلة بل تأسيس للمستقبل، هناك فريق أكثر واقعيّة يرى أن كل ما فعله ميشال عون في مسيرته العسكرية ثمّ السياسية مهّد لاحتضاره في السياسة وتتويجه كبير الخاسرين في رحلة البحث عن استعادة الدولة.
إبن حارة حريك، لم يتعب، ولديهِ الكثير ليقومَ به. عمرُهُ لا يقاس بالأرقام. هذا ما يقوله مُريدوه. وهم يذهبون أبعد من ذلك بكثيرٍ حين يصوّرونه عاصيًا حتّى على الموت، مستخدمين أساليب محرّمة في الدفاعِ عن النفس...