بداية أميركية حذرة للخروج من غيبوبة كورونا وتداعياتها
by واشنطن ــ فكتور شلهوبمع مطلع هذا الأسبوع، تجمعت عدة مؤشرات واعدة نسبياً، وإن بحذر، لبداية خروج أميركي تدريجي من غيبوبة كورونا وتداعياتها، إذ فتحت قاعة بورصة نيويورك، أمس الثلاثاء، أبوابها للتداولات المباشرة، ولو جزئياً، بعد نحو شهرين من الإغلاق.
"
الكونغرس على خلاف عميق حول وجبة تعويم ومحفزات جديدة لا يرى العارفون مفراً منها
"
وانخفض العدد المتوقع للوفيات إلى 134 ألفاً بدلاً من 145–147 ألفاً، وهبط إلى تحت المائة لأول مرة في نيويورك، بؤرة الفيروس، وانخفضت الإصابات في 24 ولاية، ولو أن نسبتها ارتفعت قليلاً في 18 ولاية أخرى.
وتُعتبر هذه التطورات مشجعة إذا احتفظت بخطها البياني هذا، لكنه احتمال مشكوك فيه طبياً، نظراً لغياب شروط لازمة لمحاصرة الوباء، منها عملية المسح الصحي الشامل غير المتوافرة بالدرجة المطلوبة حتى الآن. ومع ذلك، أوحت الأرقام ببدء انكفاء الموجة، على الأقل حالياً، وسمحت بتزايد الحديث عن احتمالات انتعاش اقتصادي "بطيء". لكن أكثر التوقعات تفاؤلاً متحفظة، في المجالين.
الخسائر فادحة، وتجاوزها مكلف وبعيد، والوفيات نحو مائة ألف، والإصابات أكثر من مليون وسبعمائة ألف، فيما أكثر من 38 مليون خسروا وظائفهم، فضلاً عن توالي الإفلاسات لشركات كبيرة، بينما ملايين الأعمال المتوسطة والصغيرة مهددة بالإقفال الدائم.
ويزيد من المخاوف أن الكونغرس على خلاف عميق حول وجبة تعويم ومحفزات جديدة لا يرى العارفون مفراً منها، بمقادير تراوح بين 5 إلى 7 تريليونات دولار، وتمنع الحسابات السياسية المحكومة بالانتخابات التلاقي على حزمة بنصف هذا المبلغ، إذ يرفض الحزب الجمهوري حتى النظر بمثل هذا المبلغ، وقد لا يوافق على أكثر من تريليون واحد.
وبذلك، وفي ضوء عودة مترددة ومتقطعة لدورة العمل، ليس من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الأميركي غير "نصف انتعاش خلال النصف الثاني من العام الجاري، كما قال بروس كاسمن، كبير خبراء الاقتصاد في بنك "جي بي مورغان – تشاس"، أكبر المصارف الأميركية. ففي اعتقاده، أن نسبة البطالة الأميركية "في طريقها إلى الوصول إلى 20% خلال الأسابيع القادمة، على أن تنحسر إلى نحو 11% مع أواخر هذا العام".
وأضاف، في ندوة نظمها مكتب الصحافة الخارجية في نيويورك عبر اتصال مرئي، أن "الهبوط الاقتصادي الأميركي غير المسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، الذي سيؤدي مع نهاية السنة إلى خسارة 5% من الناتج القومي العام، لا بد أن يترك آثاره السلبية على الاقتصاد العالمي".
ويربط الخبير بين بطء الانتعاش وطول الفترة المتوقعة للخلاص من الفيروس الذي "جرى احتواؤه حتى الآن، ويُفترض أن القدرة ستكون متوافرة لاحتواء موجته الثانية المرتقبة" في الخريف المقبل.
وحتى ذلك الحين وما بعده بأشهر، من المرجَّح أن "يرتفع التضخم وتقلّ المداخيل في ضوء ارتفاع معدلات البطالة"، ولو جرى التوافق في الكونغرس على "صفقة تحفيز جديدة" لازمة لشحن الأوضاع بطاقة مالية، ولو محدودة، وهو خيار يعارضه الجانب الجمهوري، ومعه البيت الأبيض، بذريعة أن المديونية العامة تضخمت أكثر من اللازم (صارت 23 تريليون دولار)، علماً بأن الدول الغنية لديها إمكانات هائلة للنهوض بمثل هذه المهمة، وعلى مدى بعيد "لا خوف لو امتد لفترة سنتين"، خاصة في زمن انخفاض أسعار الفائدة.
"
المراجع الطبية والاقتصادية تحذر من "وجع" المرحلة الانتقالية المقبلة
"
أما على الصعيد العالمي، فيرى كاسمن أن احتمالات التعافي الآسيوي أفضل من غيرها، خاصة الصين التي "يتأثر الوضع الاقتصادي العالمي بوضعها الذي يبدو أن بدايات عودته جيدة".
في المقابل، يرى أن "الدول النفطية تتجه نحو ظروف صعبة، في ضوء تدني الأسعار التي قد تبقى تحت الأربعين دولاراً للبرميل ولغاية نهاية العام الجاري". وفي تقديرات آخرين، إن مثل هذه الأسعار ستبقى عند هذا الحد "ربما لسنتين، وحتى عودة النشاط الاقتصادي إلى حالته بعد العثور على لقاح للفيروس".
التقديرات لا تخرج إجمالاً عن مثل هذا الإطار، صحياً واقتصادياً. هناك تفاؤل متحفظ ومرهون بمصير المواجهة مع الوباء، وما زالت المراجع الطبية والاقتصادية تحذر من "وجع" المرحلة الانتقالية المقبلة، فعمليات الترميم والتعويم طويلة ومكلفة وغير قابلة للاختزال، وفق تمنيات البيت الأبيض وحساباته الانتخابية.