جونسون يتحمّل وزر مخالفة مستشاره كامينغز لإجراءات الحجر
by لندن ــ العربي الجديديبدو أنّ رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، سيتحمّل وزر مخالفة أبرز مستشاريه دومينيك كامينغز إجراءات الحجر الصحي عبر التجوّل وإجراء زيارات لمناطق بعيدة أثناء إصابته بفيروس كورونا؛ إذ أظهر استطلاع للرأي تراجع شعبية حزبه قبيل مساءلة له أمام النواب بشأن طريقة إدارته لأزمة فيروس كورونا الجديد.
وبيّن استطلاع للرأي أجراه مركز "يوغوف" لصحيفة "ذا تايمز" تراجعاً بنسبة تأييد حزب المحافظين الذي ينتمي إليه جونسون بتسع نقاط، ليبلغ 44 في المائة. في المقابل، كسب حزب العمال المعارض خمس نقاط لترتفع نسبة تأييده إلى 38 في المائة خلال الفترة نفسها.
وشوهد كامينغز مع ابنه الصغير قرب منزل والديه في دورهام في شمال شرقي إنكلترا، على بعد أكثر من 400 كيلومتر من منزله في لندن، يوم 31 مارس/ آذار، وذلك بعد يوم من إعلانه أنه هو نفسه يعاني من عوارض "كوفيد-19". وأفادت صحيفتا "ذي أبزرفر" و"صنداري ميرور" بأن كامينغز انتهك القواعد مرة أخرى، وشوهد في دورهام مرة ثانية في 19 إبريل/ نيسان، بعد أيام من عودته للعمل في لندن عقب رحلته الأولى، وذلك نقلاً عن شهود لم تكشف هوياتهم.
وتحتل قضية دومينيك كامينغز، المستشار النافذ لجونسون والعقل المدبر لحملة استفتاء عام 2016 الذي قاد إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، منذ خمسة أيام الصفحات الأولى في الصحف البريطانية، وبدأت آثارها تظهر على الرأي العام. وداخل معسكر الحزب المحافظ نفسه، يطالب نحو 40 نائباً باستقالة كامينغز، بحسب ما نقلته وكالة "فرانس برس".
كما أن وزيراً استقال الثلاثاء على خلفية هذه القضية، موضحاً أنه غير قادر على الدفاع عن المستشار في وقت لم يتمكن بعض السكان في دائرته الانتخابية "من زيارة أقربائهم المرضى لأنهم كانوا يلتزمون بتوصيات الحكومة". وقال وزير الدولة لشؤون اسكتلندا دوغلاس روس، في تغريدة عبر "تويتر": "لا تزال هناك نقاط من التوضيح (الذي قدمه كامينغز) التي تثير لدي بعض الشكوك"، وذلك غداة مؤتمر صحافي لكامينغز برّر فيه أسباب خرقه للقيود.
في حين دافع، وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني مايكل غوف، عن كامينغز، قائلاً إنه تصرف بطريقة معقولة عندما سافر إلى شمال إنكلترا خلال إجراءات العزل العام التي فُرضت لاحتواء فيروس كورونا الجديد، ووصفه بأنه رجل يتمتع بالنزاهة. وأضاف غوف، وهو حليف منذ فترة طويلة لكامينغز، أن الأخير لم ينتهك نص الإرشادات الحكومية المتعلقة بإجراءات العزل العام، لكنه كان ببساطة يحاول رعاية زوجته وابنه البالغ من العمر أربع سنوات. وقال الوزير البريطاني، لهيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي"، إن "دومينيك يتفهم بالكامل ما شعر به الناس من قلق لدى انتشار هذه القصة... سيتفهم أغلب الناس أنه كان تحت ضغط وسعى لوضع صحة زوجته وابنه أولاً"، واصفاً كامينغز بأنه "رجل يتمتع بالشرف والنزاهة".
ويصر كامينغز على عدم الاستقالة، قائلاً في مؤتمره الصحافي إنه لن يقدّم استقالته، وإنه غير نادم على اجتيازه مسافة 260 ميلاً من لندن خلال الإغلاق المرتبط بفيروس كورونا، كاشفاً عن أنه لم يخبر رئيس الوزراء عندما قرّر أخذ عائلته إلى مدينة دورهام، بعدما ظهرت على زوجته أعراض مرض "كوفيد-19". وأوضح مستشار رئيس الوزراء أنه اعتقد أنه تصرّف "بعقلانية" وضمن القانون.
وتظهر هذه القضية أيضاً مدى تأثير كامينغز على جونسون، كما يلفت بعض الكتاب الصحافيين، في وقت يعمل رئيس الوزراء على الشروع بتخفيف قيود العزل المفروضة منذ منتصف آذار/مارس. وتشكل هذه الخطوة منعطفاً حساساً لجونسون، المتهم بأنه أدرك متأخرا خطورة الوباء ولم يسارع إلى فرض تدابير تمنع تفشيه. وجاء في مقال في صحيفة "ذا تايمز": "من الواضح أن رئيس الوزراء يحتاج كامينغز إلى جانبه خلال هذه الأزمة".
وفي مقلب اليسار، بدت صحيفة "ذا غارديان" أكثر قسوة تجاه جونسون، فوصفته بأنه "رجل لا يملك أفكاراً" وغير قادر على التخلي عن محرك سياساته من خلف الأضواء، دومينيك كامينغز، في وقت تسجل البلاد أعلى معدل وفيات بفيروس كورونا في أوروبا.
ورغم الانتقادات، دافع جونسون، الأحد، عن كامينغز، رافضاً دعوات نواب من حزبه لإقالته على خلفية اتّهامات له بخرق قواعد الإغلاق المفروضة لمكافحة وباء كورونا.
وقال جونسون، في مؤتمر صحافي، إن كامينغز "تصرّف بمسؤولية ونزاهة وبشكل قانوني"، وذلك عقب محادثات ثنائية بين الرجلين. وأضاف جونسون: "أعتقد أنه اتّبع غريزة الأب" حين أجرى رحلته لإيجاد الرعاية اللازمة لابنه، بعدما كان فيروس كورونا على وشك شل قدراته وقدرات زوجته، معتبراً أن كامينغز "لم يكن لديه خيار آخر".
وتوفي 37 ألف شخص تأكدت إصابتهم بفيروس كورونا في المملكة المتحدة، وفق حصيلة نشرتها وزارة الصحة، أمس الثلاثاء، لكن العدد قد يزيد على 46 ألفاً إذا أضيفت إليه الحالات التي كان يشتبه بإصابتها بالفيروس، وفق المكتب الوطني للإحصاءات.