كيفية المساعدة أوقات الأزمات «2 من 2»

by

تماما كما هو الحال في التجربتين الأولى والثانية، أظهرت النتائج وجود علاقة سلبية بين مستوى الدخل والمعايير الذاتية للتبرع، كلما انخفض المبلغ الذي يتقاضاه المشاركون بالنسبة إلى الرقم المستهدف، زاد اعتقادهم أن المستهدف يجب عليه التبرع. وبالعكس، كلما تقاضى المشاركون أكثر بالنسبة إلى الهدف، خف اعتقادهم أن المستهدف يجب عليه التبرع. عبر جميع مستويات الدخل التي قيمناها، اعتقد الأشخاص أنه يجب استثناؤهم شخصيا من الالتزامات الخاصة بالتبرع. في الوقت نفسه شعروا أن أي شخص يكسب أكثر منهم، ملزم بالتبرع أكثر مما شعر به أصحاب الدخل الأعلى أنفسهم. تم تأكيد النتائج التي توصلنا إليها عبر النظر إلى النتائج التي توصلت إليها الدراسات الـ15 التي أجريناها "بما في ذلك التي لم تتضمنها ورقة العمل". تشير النتائج التي توصلنا إليها أيضا إلى أن أي مكاسب فيما يتعلق بالمبالغ المدخرة قد تكون على المدى القصير. وبمجرد أن يكسب الأشخاص مبالغ أكبر، يميلون حالا إلى زيادة إنفاقهم ليجدوا أنفسهم مرة أخرى تحت ضغوط للحصول على السيولة النقدية، وبالتالي يؤجلون التبرعات حتى يحصلوا على المزيد. بمعنى آخر، يمررون المسؤولية باستمرار إلى الأشخاص الأكثر غنى أو أنفسهم مستقبلا في حال كسبوا مزيدا من المال.
من قبيل المصادفة، تكررت النتائج التي توصلنا إليها في استطلاع أجراه بنك باركليز في 2019 على 400 من الأثرياء أصحاب الملايين في تسعة اقتصادات: وجد الاستطلاع أن 75 في المائة من هؤلاء الأثرياء يعتقدون أن الصدقة من مسؤولية الأشخاص الأكثر ثراء منهم. وبالمثل، أظهرت استطلاعات أخرى أن عديدا من الأشخاص الأغنياء لا يعدون أنفسهم حتى أثرياء أو آمنين ماديا.
حول مسألة التوقف عن مقاومة مسؤوليتنا، رغم أنه لا يمكننا أن ندعي جميعا أننا نملك الملايين في المصارف، من المرجح أن يكون دخل القارئ المتوسط لـ"إنسياد" للمعرفة، أعلى بكثير من المتوسط من الناحية المالية. فعلى سبيل المثال، يصنف الشخص الذي يكسب 50 ألف دولار بعد اقتطاع الضرائب في الولايات المتحدة، ضمن شريحة أعلى بنسبة 1.5 في المائة من أصحاب الدخل في العالم حتى بعد الأخذ في الحسبان الاختلافات في القوة الشرائية.
أدت جائحة كورونا إلى زيادة الفجوة بين الفقراء والأغنياء. ففي الدول المتقدمة، أصيب الأشخاص بجنون الشراء واندفعوا إلى الـ"سوبر ماركت" بسبب الجائحة وحالة القلق الناجمة عن العمل عن بعد وإغلاق عديد من قطاعات الأعمال. في الوقت نفسه، في دول مثل الهند والبرازيل، ينتظر الملايين من عمال اليومية مجاعة في حال تم حظر الخروج من المنزل. فأولئك الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة لا يوجد لديهم مكان ليعزلوا أنفسهم عن أحبائهم في المنزل. وفي الوقت الذي يقوم به الأشخاص في الدول المتطورة بغسل أيديهم كلما قضت الحاجة ليحموا أنفسهم من الفيروس، لا يجد عديد من الفقراء حول العالم المياه. حتى ضمن الدولة الواحدة، يعاني الأشخاص الفقراء الذين لا يملكون شيئا بشكل أكبر من الآخرين بسبب الوباء، مثل سعي الملايين من الأمريكيين إلى الحصول على مساعدة من الحكومة.
في حال لم يكن هناك وقت مناسب لنقل مسؤولية الأعمال الخيرية إلى الآخرين، فقد تكون الأزمة غير المسبوقة التي تعانيها الدول الغنية والفقيرة في الوقت الحالي هي أسوأ الأوقات لتجاهل هذه المسؤولية. ففي حال دمر فيروس كورونا الاقتصادات النامية في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، ستعاني الدول المتطورة تداعيات اقتصادية فترة طويلة بعد مرور الأزمة. تعطينا الأزمات البارزة مثل أزمة كوفيد - 19 الفرصة للتفكير في أولئك الذين نهمل مساعدتهم: الأعداد الهائلة من الأشخاص الذين يعانون بسبب مشكلات مجتمعية لا تنتهي، مثل الفقر والحروب والأمراض القابلة للعلاج، والذين ينالون اهتماما أقل، لكنها ستتسبب في كارثة إنسانية في حال استمرت. هناك بعض المعايير الراسخة للتبرع خارج المجتمعات الأخرى. وبالطبع، قليل منها يتطابق مع الهبات الخيرية للأثرياء والمشاهير. مع ذلك، فشل أغلبنا في إدراك قدرتنا على إعطاء شيء للفقراء والعاطلين عن العمل والنازحين بسبب الحروب حتى في ظل هذه الأزمة والأزمات المستقبلية.