صياغة الاستراتيجيات الاقتصادية من فحوصات «كوفيد 19»
by آندريا غاليوتيفي ظل نقص البيانات الدقيقة المتعلقة بخصائص وباء «كوفيد 19» وكيفية انتشاره، تجد الكثير من الحكومات والهيئات المسؤولة عن الرعاية الصحية نفسها أمام تحديات كبيرة تتمثل في وضع السياسات الصحية والاقتصادية الناجحة.
ونتيجة لذلك، تشن بعض الدول - وليس كلها - حرباً أثبتت فعاليتها في مواجهة الفيروس، وأثارت قلقاً كبيراً حول موعد انتهاء الحظر ومتى يمكن للدول معاودة نشاطها الاقتصادي.هنالك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أن الأفراد الذين لا تظهر عليهم الأعراض هم الأكثر نقلاً لـ«كورونا»، وهنا، تبرز أهمية تحديد هؤلاء الأفراد كحل وحيد لوقف موجات عدوى جديدة.
ولطالما كان للفحوصات أهمية كبرى، لكن لا يجب اعتبار هذا الأسلوب فرضاً يجب تطبيقه على نطاق واسع وفي كل المناطق، إذ يمكن لهذا الخيار ألا يكون عملياً بما فيه الكفاية قبل تطوره في مراحل لاحقة إلى استراتيجيات جديدة ودقيقة لإجراء الفحوصات، تعتمد على تحديد معدلات إصابة الأفراد في المجتمعات المحلية.
بالتزامن مع الحصول على تقييم أكثر دقة على المعدل العام لانتشار الفيروس بين شرائح أكبر من السكان. واستناداً إلى هذه المعلومات، يمكن إعداد استراتيجيات لتتبع درجات المخالطة والاحتواء الذكي لها للحد من ارتفاع منحنى العدوى.
أثبت «كوفيد 19» قدرته على إصابة الأشخاص بغض النظر عن عوامل العمر والعرق والجنس والموقع الجغرافي، ما يزيد من صعوبة استباقه، وبالتالي احتوائه. وتبدو صعوبة الاستباق واضحة عند النظر إلى تباين الاستراتيجيات الحكومية المتبعة في أنحاء العالم.
حيث تقوم دول مثل إيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بإجراء الفحوص للمرضى الذين يعانون من أعراض شديدة، دون تركيز على الأفراد الذين لا تظهر عليهم أي أعراض.
وعلى النقيض، فإن دولاً مثل الإمارات وألمانيا وآيسلندا وكوريا الجنوبية، وسعت نطاق الفحوص بسرعة لتشمل أولئك الذين يعانون من أعراض طفيفة، إضافة إلى الأفراد الذين تنطوي طبيعة أعمالهم على أخطار أكبر للإصابة بالعدوى، مثل الكوادر الطبية والعاملين في مراكز النقل، أو الأشخاص المخالطين لمرضى ثبتت إصابتهم بالعدوى.
وربما جاءت هذه المقاربات المختلفة كنتيجة لقيود لوجستية مختلفة، لكن الواضح هنا هو اعتماد هذه الدول على استراتيجيات ذكية للفحوصات وتتبع المخالطة أثبتت فعالية أكبر في احتواء الجائحة.
وكانت الإمارات قد أعلنت الشهر الماضي أنها أجرت أكثر من مليون اختبار منذ تفشي الوباء من خلال مراكز التشخيص ومراكز الفحص داخل السيارة. وسمحت الاستراتيجية للسلطات الصحية بتحديد مواقع النقاط الساخنة، وتكريس عدد كبير من العاملين في المجال الصحي لاحتواء الفيروس كما حصل في منطقتي نايف والراس في دبي.
ماذا يمكن لدول مثل الولايات المتحدة وإيطاليا والمملكة المتحدة أن تفعل لصياغة استراتيجيات خروج فعّالة وضمان عودة النشاط التجاري بين الإمارات والغرب إلى مستويات أكثر صحة؟
يجب على الدول تطوير برنامج اختبار للتحري المصلي على عينة سكانية، والعمل على جمع معلومات حول الخصائص الديموغرافية كالعمر، والجنس، وعدد الأطفال، ونوع العمل، والارتباطات الاجتماعية.
تكشف الاختبارات المصلية وجود الأجسام المضادة للفيروس. وباستخدام هذا الأسلوب لإجراء الاختبارات، ستتمكن الحكومات من الحصول على صورة واضحة عن مدى الانتشار الفعلي له، ومدى عدم تجانس هذا الانتشار عبر المناطق الجغرافية المختلفة، والخصائص والسمات الفردية.
هناك مزايا مختلفة لإجراء اختبارات على عينة تمثيلية. أولاً، إنه سهل نسبياً وقابل للتنفيذ بكلفة معقولة. كما أنه سهل لأنه يتيح للدول استخدام عينات تمثيلية من السكان، التي تستخدم بانتظام لإجراء الدراسات الاجتماعية الاقتصادية. ثانياً، يمكن تحليل البيانات التي تم جمعها من خلال الأساليب الإحصائية القياسية، والتي تساعد على استنتاج مجموعة من التحليلات والنتائج القيمة المتعلقة بانتشار الفيروس بين السكان بشكل أوسع.
* أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للأعمال، المؤلف المشارك مع باولو سوريكو لدراسة «اقتصاديات الجائحة: حالة كوفيد 19».