سويسرا .. تزايد غير القادرين على دفع أقساط التأمين الصحي والأزمة تنذر بتفاقم "القوائم السوداء"
by ماجد الجميل من جنيفدعت اللجنة المركزية للأخلاقيات التابعة للأكاديمية السويسرية للعلوم الطبية صناديق التأمين الصحي الحكومية إلى التخلي عن "القوائم السوداء"، الخاصة بالأشخاص الذين لا يدفعون أقساط التأمين الصحي، قائلة، "إنها قوائم ليست أخلاقية، ولا يمكن الدفاع عنها من الناحية القانونية".
وذكرت اللجنة في بيان لها أمس، أن الهدف من التأمين الصحي الإلزامي هو ضمان الرعاية الطبية الشاملة وعالية الجودة لجميع السكان، لكن تلك القوائم تنص على تفاوت فرص الحصول على الخدمات الطبية بين دافعي الضرائب "الجيدين" و"السيئين"، وهذا ينتهك مبادئ الإحسان والإنصاف.
وقالت "إن وضع عقبات أمام حصول الناس على الخدمات الصحية لا يوجد ما يبرره بموجب القانون الذي يضمن الحق القانوني في الرعاية، إضافة إلى ذلك، فإن هذه العقبات تشكل خطرا على الفرد وعلى الصحة العامة". وتشير اللجنة إلى أنه في حال الأمراض المعدية، كحالة فيروس كورونا الراهنة، يمكن أن يؤدي الوصول المحدود إلى الخدمات الطبية إلى انتشار الأمراض، وهو وضع يعده القانون "غير مقبول".
وأوضحت أن عدم المساواة يحدث أيضا بين الأشخاص الذين لا يدفعون أقساطهم للتأمين الصحي. وحتى مفهوم الرعاية الصحية في حالات الطوارئ - المفهوم الوحيد الذي يشمله التأمين الصحي في هذه الحالات - إنما هو موضع تفسيرات مختلفة في مقاطعات مختلفة، فالبعض يرى "الحالة طارئة" والآخر لا يراها. وقالت اللجنة "إنها لا تزال تلاحظ أن الآثار الرادعة للقوائم السوداء غير فعالة، في حين إن الأثر الموصوم بالعار لهذه القوائم واضح".
وفي الوقت الراهن، تحتفظ سبع مقاطعات سويسرية بقوائم سوداء للذين لا يدفعون أقساط تأمينهم، على الرغم من الملاحقات القانونية، هي أركاو، لوسيرن، شوفهاوس، سانت كالن، ثوركوفي، تيجينو، وزوك. جميع المقاطعات ناطقة بالألمانية باستثناء مقاطعة تجينو الناطقة بالإيطالية.
كما أدخلت مقاطعتا، سولير وكريسون نظام القوائم السوداء، قبل إزالتهما له في وقت لاحق، بعد أن اكتشفتا أن هذه القوائم لم تسفر عن الأثر الرادع المنشود وزادت العبء الإداري زيادة كبيرة، بينما تضم المقاطعات السبع، أكثر من 30 ألف شخص مدرج حاليا على القوائم السوداء، أي بانسداد يكاد يكون تاما للخدمات الصحية في وجه هؤلاء.
ومقاطعة ثوركوفي هي الوحيدة التي لديها "قائمة سوداء" خاصة بالقاصرين. وقالت اللجنة "إن إدراج القصَّر على القوائم السوداء هو أكثر إشكالية، لأن هؤلاء معرضون للخطر بوجه خاص، إنه من وجهة النظر الأخلاقية، لا يمكن معاقبة الأطفال القصر أو المراهقين، لأن والديهم لا يدفعون أقساط التأمين".
فيما يؤكد الخبراء أن "نقص خدمات العلاج يمكن أن تكون له عواقب صحية طويلة الأجل وتداعيات مالية كان يمكن تجنبها من خلال العلاج المبكر".
ويتزايد باستمرار عدد الأشخاص الذين لا يدفعون أقساط التأمين الصحي في سويسرا، ما يؤدي إلى أعباء مالية كبيرة على الكانتونات. وتؤكد الإحصاءات الرسمية أن هناك نحو 166 ألف شخص لا يدفعون أقساطهم، وهو رقم يترجم إلى متأخرات تزيد على 453 مليون فرنك "472 مليون دولار" سنويا.
ووفقا لقانون العقوبات، يُطلب من هؤلاء دفع 85 في المائة من المطالبات "أقساط التأمين، المساهمة في تكاليف التطبيب، وتكاليف الملاحقة القضائية".
في المناقشات البرلمانية، هناك تمييز بين الذين هم في الواقع معسرون وأولئك الذين يسيئون النية "الذين يعيشون خارج نطاق إمكاناتهم ويفضلون شراء سلع زائدة عن الحاجة بدلا من دفع أقساط التأمين الصحي الخاصة بهم". في هذا الصدد، يمكن للسلطات المطالبة بأقساط التأمين للمدينين بسوء نية، ويحق للأشخاص الذين يتمتعون بمركز اقتصادي متواضع الحصول على تخفيضات في الأقساط أو المساعدة الاجتماعية.
وقالت اللجنة "إن ارتفاع التكاليف الصحية وجائحة كوفيد - 19 لن يساعدا على حل المشكلة، فيما يتوقع الخبراء الذين صاغوا مواقفهم قبل الأزمة الصحية العالمية زيادة في عدد الأشخاص غير القادرين على دفع أقساطهم، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي.