رحيل الكاتب الفرنسي التونسي ألبير ممي مناهض نظريات الاستعمار وباحث الهويات المعقدة
by فرانس24توفي ألبير ممي، الكاتب والمفكر الفرنسي من أصل تونسي في باريس، ليلة 22 مايو/ أيار عن عمر قارب 100 عام بعد معاناة طويلة مع المرض.
يعتبر ممي من بين المثقفين والمفكرين الذين ناضلوا ضد العنصرية والاستعمار. فعرف بمساندته لحركات التحرر الوطني وخصص كتبا هامة لهذا الموضوع، أبرزها "بورتريه المُسْتَعْمَرين"، وتبع عمله هذا "بورتريه المتحررين من الاستعمار" في 1957 الذي ألف الفيلسوف الفرنسي الشهير جان بول سارتر مقدمته.
ولد ألبير ممي في حي يهودي فقير بتونس العاصمة يدعى "الحارة" في ديسمبر/كانون الأول 1920. كان والده حرفيا من أصول إيطالية، أما والدته فكانت امرأة أمية من أصول أمازيغية، فترعرع في كنف عائلة كبيرة ومتواضعة مكونة من 12 فردا.
بدأ دراسته منذ سن الرابعة في مدرسة حاخامية حيث تعلم اللغة العبرية، وكانت لغته الأم العربية (وبالتحديد العامية التونسية) التي لم تكن والدته تتكلم غيرها.
وإضافة إلى ذلك بدأ ممي بتعلم الفرنسية عام 1927 في المدرسة الابتدائية للتحالف الإسرائيلي بتونس العاصمة التي بناها "أوروبيون من أصحاب العمل الخيري" بهدف "نشر اللغة والثقافة الفرنسية"، كما قال ممي في إحدى تصريحاته لجريدة "لوموند" الفرنسية.
في عام 1945 انتقل ألبير ممي للجزائر حيث درس الفلسفة، ثم التحق بجامعة السوربون في باريس لإكمال دراسته الجامعية.
ألبير ممي من بين أبرز الكتاب المغاربة
وكان صديقه وزميله غي دوغاس، وهو أستاذ في جامعة مونبلييه (جنوب شرق فرنسا)، نشر خبر وفاة ألبير ممي قائلا "توفي ألبير ممي بهدوء ليل الخميس الجمعة".
كما تعاون غي دوغاس مع ألبير ممي وألف الكثير من الكتب حول حياة وأعمال هذا الرجل الذي كرس حياته للدفاع عن الحقوق والحريات ومحاربة الأفكار الاستعمارية والعنصرية.
سعى ألبير ممي طيلة حياته إلى بناء جسور بين الثقافة الشرقية والغربية وبين أوروبا والمغرب العربي، فألف كتبا عديدة تتناول ثنائية المستعمِر والمستعمَـر ومتاهة البحث عن الهوية.
وكان يملك موهبة خلاقة في الكتابة ما جعله يلفت أنظار الكبار.
فقبل جان بول سارتر، كان عملاق الأدب وصاحب جائزة نوبل ألبير كامو قد كتب مقدمة لسيرة ممي الذاتية "عمود الملح" في 1953.
ثلاثة عوالم وثلاث ثقافات مختلفة
وفي مقال نشرته جريدة "الوطن" الجزائرية الناطقة بالفرنسية في 2005 من توقيع الكاتب الجزائري الشهير رشيد بوجدرة، كتب هذا الأخير "ألبير ممي كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بتونس حيث عاش طفولته هناك ويملك ثقافة استقاها من الفضاء المغاربي فضلا عن أنه كان يتحدث بسهولة كبيرة العربية العامية (الدارجة)".
وأضاف "ألبير ممي يعيش في ثلاثة عوالم وثلاث ثقافات مختلفة (العربية والفرنسية واليهودية). استطاع أن يترجم تجربته الحياتية الصعبة إلى دراسات اجتماعية حيث كان يعبر فيها عن "الصعوبات التي كانت تواجهها الشعوب الأصلية التي تعيش في ظل الاستعمار والمواطنين اليهود الذين يعيشون في فضاء معاد للسامية أو السكان من أصول أفريقية في مجتمع أوروبي يسود فيه الرجل الأبيض". وتابع الكاتب الجزائري "ألبير ممي حاول عبر تاريخه الغني وحياته الشخصية فهم ماذا يعني أن نكون يهودا أو عربا أو أناسا ببشرة سوداء أو نساء أو محتلين".
وإلى ذلك، عبر السفير الفرنسي في تونس أولفييه بوافر دارفور عن حزنه بعد رحيل ممي قائلا "لقد رحل بعيدا عن تونس حيث ولد. بعيدا عن تونس التي أثرت فيه وساعدته على تأليف أثر فريد وقوي ورائع ومعقد وغير مفهوم أحيانا". وتابع "إنه كاتب كبير من شمال أفريقيا، سارتر وكامو كانا يعتبرانه كاتبا مغاربيا كبيرا في حين لا يعترف له المغاربة بهذه المكانة فيرونه ككاتب فرنسي من أصل يهودي".
فرانس24