تل مليتا: الشاهد على الذكرى 20 للانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان
euronews_icons_loading
تمضي اليوم عشرون سنة على انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، عندما حقق اللبنانيون وحزب الله المدعوم من إيران تحديدا الانتصار، الذي أدى إلى أول انسحاب إسرائيلي من أراض عربية تحت ضغط عسكري، والذي أنهي 18 سنة من ذلك الاحتلال للجنوب.
ويحتاج حزب الله اللبناني دائما إلى استذكار الماضي، بحسب الكاتب بشير سعادة، حتى يضفي المعنى لوجوده السياسي ورؤيته. وأفضل مكان يحتفل فيه حزب الله بإرثه التاريخي، هو نصب ومتحف في تل مليتا، تم إنشاؤه سنة 2010، تخليدا لذكرى الانسحاب الإسرائيلي.
مقبرة للمحتل
عند قاعدة انطلاق العمليات السابقة لحزب الله، يشير المرشد السياحي محمد لماح إلى دبابة ميركافا إسرائيلية وسط حفرة جسم من براميل ارتفع نحو السماء وأخذ شكلا ملتويا، بجوار مقبرة صورية لجنود إسرائيليين.
وتحت أشجار البلوط، ألبست دمية عرض أزياء تمثل مقاتلا من حزب الله لباسا عسكريا، فيما يلاحظ تمثالان مشابهان يحملان حقيبة ثقيلة من المعدات. وأسفل ذلك المشهد يمكن للزائرين المشي مسافة 200 متر في نفق بناه مقاتلو حزب الله على مدى ثلاث سنوات، لمقاومة القوات الإسرائيلية.
ويقول محمد لماح إن هدف المتحف هو أن يعطي دلائل ملموسة على ما حدث للاجيال المقبلة، ويظهر لهم أن المقاومة استحقت ذلك. وبعكس معظم المعالم التذكارية، فإن الموقع السابق لحزب الله لا يخلد قضية محلولة، إذ أن إسرائيل لا تزال هناك، كما يشير المرشد السياحي.
نبذة عما بعد الاجتياح
في آذار/مارس 1978، اجتاح الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان لوضع حد لهجمات فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ودفع الأخيرة عشرات الكيلومترات شمالا حتى نهر الليطاني، قبل أن ينسحب في حزيران/يونيو.
وعقب هجمات جديدة نُسبت لمنظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تتخذ من بيروت مقرا، اجتاحت إسرائيل لبنان مرة أخرى في حزيران/يونيو 1982، وأدت العملية إلى مقتل 20 ألف شخص وجرح 30 ألفا آخرين، وفق حصيلة لبنانية رسمية. وواجه العسكريون الإسرائيليون عناصر حزب الله الذي تأسس في أعقاب الاجتياح، وجرى تمويله من الحرس الثوري الإيراني.
متجذّرا في جنوب البلاد، شنّ حزب الله حربا متعددة الشكل على الجنود الاسرائيليين، وتسبّب بخسائر بشرية في صفوف القوات الإسرائيلية وميليشيا "جيش لبنان الجنوبي" الموالية لها. وخلال 18 عاما، قُتل أكثر من 1200 عسكري إسرائيلي وجرح آلاف آخرون.
وقد هزّت حصيلة القتلى الرأي العام الإسرائيلي، ودفعت رئيس الوزراء حينها، إيهود باراك، لسحب القوات الإسرائيلية، بعد احتلال استمر نحو ثمانية عشر عاما. وفي الليلة الفاصلة بين 23 و24 أيار/مايو 2000، عبرت آخر قافلة عسكرية إسرائيلية الحدود. كان بيني غانتس الذي يشغل اليوم منصب وزير الدفاع ويُفترض أن يتولى رئاسة الوزراء بعد عام ونصف عام، آخر ضابط يغادر جنوب لبنان.
وتحل الذكرى العشرون للانسحاب في سياق متوتر، اذ تتهم الدولة العبرية حزب الله اللبناني بالاستعداد لهجمات ضدها انطلاقا من لبنان وسوريا، وتستهدفه هي في عمليات، على الأراضي السورية.
حزب الله اليوم
احتفل بالانسحاب الإسرائيلي داخل لبنان وفي العالم العربي، واعتبر إنجازا كبيرا، وأكسب ذلك حزب الله شهرة إقليمية، وازدادت شعبية الحزب بين أنصاره بعد أن خاض حربا ضد إسرائيل استمرت 33 يوما في لبنان، سنة 2006.
ومنذ ذلك الوقت تحول حزب الله إلى قوة إقليمية تدعمها إيران، وتعمل في سوريا وتؤيد مجموعات في اليمن والعراق، ما أدى إلى انتقاده لأنه كحزب حول أسلحته بعيدا عن إسرائيل، ووجهه إلى إخوانه العرب.
ويمثل حزب الله اليوم المجموعة اللبنانية الوحيدة التي لم يتم نزع سلاحها، بعد الحرب الاهلية اللبنانية التي امتدت من 1975 إلى 1990، وهو يتحكم في ترسانة عسكرية تنافس الجيش اللبناني الذي تدعمه الولايات المتحدة.
ولكن الدعم في الداخل اللبناني تضاءل من خلال الطوائف، بعد مواجهة مسلحة مع مواطنين لبنانيين خلال أزمة سياسية في 2008. وبعد ذلك أصبح حزب الله الذي دخل الحياة السياسية بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، لاعبا سياسيا مهيمنا في لبنان، ويشكل مع حلفائه أغلبية في البرلمان وفي الحكومة.
كذلك يدير جزب الله قناة تلفزيونية وشبكة خدمات اجتماعية واسعة النطاق، تجمع المدارس والمستشفيات والجمعيات الخيرية. ومنذ 2006، تجنب حزب الله وإسرائيل صراعا شاملا، ولكن الدولة العبرية تستهدف باستمرار مواقع الحزب في سوريا.
وتبادل الجانبان إطلاق نار متقطع وتبادلا تهديدات لا حدود لها، ولكن المحللين يقولون إن صراعا جديدا ليس في مصلحة أي منهما، ولكن إذا كانت هناك عودة لمواجهة شاملة، فإن الانسحاب الإسرائيلي لسنة 2000سيكون على الأرجح مصدر إلهام، لعديد الشبان الموالين لحزب الله.
- ترامب يؤكد مغادرة "جزار سجن الخيام" لبنان
- لبناني يقرّ أمام القضاء الأميركي بإرسال تكنولوجيا طائرات مسيرة لحزب الله
- لبنان يبرئ "جزار المعتقل" وغضب في وسائل التواصل الاجتماعي