مبايع البغدادي ومنظر العمليات الانتحارية بضيافة وزير أوقاف قطر
by الرياض - هدى الصالحأعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية، مؤخراً، عن مشاركة "راشد الغنوشي" رئيس البرلمان في تونس، وزعيم حركة النهضة ذراع "جماعة الإخوان المسلمين" التونسية، مساء يوم الاثنين 18 مايو 2020، عن بُعد، في جلسة دينية عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي وتحمل عنوان (وآمنهم من خوف).
هذا البرنامج الحواري الرمضاني، الذي دأبت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية، على إعداده خلال شهر رمضان المبارك، منذ عام 1435هـ، عبر جلسات نقاشية حول "مشكلات وقضايا تهم الأمة الإسلامية ومستقبل أمنها الثقافي الشامل والتحديات التي تواجهها"، وفقاً لما هو مذكور على الصفحة الرسمية لمنصة "وآمنهم من خوف".
الغنوشي وأجندة قطر وتركيا
ورغم الجدل الدائر والمثار شعبياً في تونس حول زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان، والتي كان آخرها توقيع عريضة إلكترونية للتحقيق بشأن مصادر ثروته المشبوهة، إلى جانب اتهامات بتنفيذ أجندة سياسية مرتبطة بالمشروع الإخواني ومحاولة تمرير مشروعين لاتفاقيتين تجاريتين "مشبوهتين" مع تركيا وقطر.
وكانت قد أفادت وزارة الأوقاف في إعلان صادر عنها، نشرته بصفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك" بأن الجلسة والتي ستنظم عبر موقعها ستشهد مشاركة الغنوشي، والذي قدمته الوزارة تارة على أنه "مفكر" إسلامي، وأخرى على أنه "شيخ".
إلى جانب "الغنوشي"، و"يوسف القرضاوي" الأب الروحي لجماعة الإخوان المسلمين ومفتيها، جمع البرنامج الحواري باقة من أعضاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (المصنف على قوائم الإرهاب للرباعية العربية)، من بينهم الباكستاني "محمد إلياس"، ومن إندونيسيا "نصر الله جاسام"، ومن الهند "يوسف الندوي"، ومن مصر "محمد يسري" نائب رئيس رابطة علماء المسلمين، ومن الصين "يوسف مافودة".
وليس من المستغرب حضور "الغنوشي" التونسي إلى قطر، والمشاركة في إحدى مبادراتها فهو قديم الصلة بالنظام القطري، كما أنه من المراجع الفكرية والسياسية والتنظيمية لدى قطر في حراكها العالمي، وخاصة من خلال ذراعها المعروف بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي يتخذ من الدوحة مقراً له، بصفته عضواً سابقاً في مجلس أمناء الاتحاد.
الندوي.. هنأ وبايع البغدادي
لكن اللافت هو أن يستضيف وزير الأوقاف القطري ممثلاً لحكومته، مشاركين رئيسيين أمثال: الداعية الهندي "سلمان الندوي"، والذي كان أول من اعترف في شبه القارة الهندية، بداعش وقدم تهنئته الشخصية لـ"البغدادي" في رسالة وجهها إليه بمناسبة توليه منصب "الخليفة".
ومما جاء في رسالته التي اطلعت عليها "العربية.نت" قال: "من سلمان الحسيني الندوي، سبط أبي الإمام أبي الحسن علي الندوي، أحد خدام الإسلام إلى أمير المؤمنين أمير الدولة الإسلامية في العراق والشام، السيد أبي بكر البغدادي الحسيني ونفع به الأمة، ورفع به راية الإسلام، فضيلة الشيخ القائد الإسلامي، إنني متابع منذ زمن لأخبار الدولة الإسلامية، وكنت متحمساً جداً حيال ذلك، كما تابعت أخبار أفغانستان من أيام الجهاد ضد السوفييت، كانت الخلافات بين التنظيمات المقاتلة في سوريا أمراً سيئاً بالنسبة لنا، ومع ذلك، وفي نفس الوقت، سمعنا الخبر السار بأنك استوليت على الموصل في العراق وحققت النصر على الطاغية المالكي".
سلمان الندوي مع القرضاوي
الدم.. "وآمنهم من خوف"
ورغم العنوان الذي اختارته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية للبرنامج الحواري "وآمنهم من خوف"، ورسالته التي كما زعم الموقع الرسمي بأنه يسعى إلى: "تجديد عهد الأمة الإسلامية بأصواتها الحية المعتدلة المسموعة.. ومنبراً يبعث الأمل في نفوس شباب الأمة من أجل الإسهام بشكل فعلي في مكافحة أفكار التشدد والغلو"، بالإضافة إلى محاربة من تقمصوا: "جلباب العلم الشرعي بغير علم وساقوا فريقاً من شباب الأمة إلى جحيم الغلو وأغرقوهم في بحار من الدماء..".
أتى وزير الأوقاف القطري غيث مبارك الكواري، إلى جانب "الندوي" صاحب التهنئة "الشهيرة" للبغدادي زعيم تنظيم "داعش"، بمشارك رئيسي آخر وهو "نواف هايل التكروري"، رئيس هيئة علماء فلسطين، وعضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي.
نواف تكروري
التكروري، كان قد حصل على درجة الماجستير في الفقه وأصوله، برسالة عنوانها "العمليات الاستشهادية في الميزان الفقهي" في العام 1998.
قدمها كل من محمد الزحيلي وكيل كلية الشريعة بجامعة دمشق، وأحمد معاذ الخطيب، خطيب وإمام مسجد بني أمية الكبير سابقاً، ورئيس الاتلاف السوري ما بين 2012-2013.
منظر العمليات الانتحارية
ومما جاء في مقدمة رسالته عن العمليات "الاستشهادية" وفق وصفه قال: "فهذه بلاد الشيشان تسام خسفاً وخراباً وتدميراً، ويذوق أهلها ألوان العذاب.. وبلاد البوسنة والهرسك ذاقت الأمرين لأنها بقعة مباركة.. فتآمر الشرق والغرب وأخذ دوره في تضييع هوية هؤلاء المسلمين.. والمسلمون في كشمير وفي الهند قاطبة.. وفي لبنان عاث اليهود فساداً.. وأما فلسطين أم القدس الشريف فقد عاث فيها أذل خلق الله..".
وأضاف: "ومن هناك كان قضاء الله تعالى في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها المسلمون أن تبدأ ثمار الصحوة الإسلامية في العالم تؤتي أكلها، ويبدأ حملتها مع الضيق وقلة الطول يحملون لواء الدفاع عن كرامة الأمة ويرفعون راية الجهاد في سبيل خلاصها.. فتطوع الشباب بدمائهم، لا هروباً من الحياة أو المسؤولية.. وإنما إيماناً منهم بأن الجهاد هو السبيل الوحيد لتحرير البلاد والعباد".
طارق السويدان وعادل رفوش
ورسالة "نواف التكروري" عضو مجلس أمناء الاتحاد عن العمليات الانتحارية هي لا تقتصر على المشهد الفلسطيني وإنما كما ذكر: "ينسحب على الجهاد في كل مكان، فما في البحث من أحكام يصلح أن يكون للشيشان ولأهل كشمير والسودان والصومال والفلبين ولكل المسلمين المجاهدين في سبيل الله في كل مكان وما ذكر فلسطين إلا تمثيل لا حصر".
مواقف ودعوات نواف التكروري لا تنحصر في رسالة الماجستير الخاصة به، وإنما بنشاطاته أيضاً ومحاضراته التي يلقيها من محل إقامته في العاصمة التركية "إسطنبول"، وهي مقر هيئته، ومنه على سبيل المثال لا الحصر، مرثيته التي نعى فيها "عمر عبد الرحمن" الزعيم الروحي والحركي للجماعة الإسلامية"، الذي كان يقضي عقوبة السجن مدى الحياة لتورطه في هجمات نيويورك 1993.
و"عمر عبد الرحمن" هو أحد أهم منظري التكفير والخروج على الأنظمة، الداعي إلى إقامة "الفريضة الغائبة" وهي الجهاد، وإعادة الخلافة.
المشارك الثالث
أما المشارك الثالث الذي حظي بمساهماته الدائمة في الحوار الرمضاني مع غيث الكواري وزير الأوقاف القطري، هو المصري "محمد يسري إبراهيم"، الذي رأى في كتابه "قراءة في الاستراتيجية الغربية لحرب الإسلام.. ولتستبين سبيل المجرمين" الصادر عام 2011 ، أن من إيجابيات تفجيرات الـ11 من سبتمبر ما وصفه بتمحيص وتمايز المعسكرات: "فمعسكر الكفر وأشياعه ومعسكر الإسلام وأتباعه إلى جانب.. وكما خرج أهل الايمان كالإبريز النقي من هذه الفتنة، وقد تحرر ولاؤهم لله ولرسوله وللمؤمنين، فقد سقط أهل الإرجاف التغريبي والنفاق العلماني.. وأعيد طرح مفاهيم الولاء والبراء والأخوة والعداء..".
وأضاف في معرض حديثه عن العراق وأفغانستان وطالبان: "هذا الصوت الجهادي المبارك الذي يتردد صداه في جنبات الأرض اليوم في أنحاء شتى، إنما هو ثمرة مباركة لجهاد الأفغان وأهل العراق وفلسطين والفلبين وكشمير، وهذا يبرهن عملياً بأن الجهاد ماض إلى يوم القيامة.. ونفي الغثائية ومحاربة الوهن، وتجدد الأمل عبر المجاهدين الصادقين..".
تلميذ سفر الحوالي
أما المغربي عادل رفوش، المشرف العام على مؤسسة ابن تاشفين للدراسات، وأحد تلاميذ السروري "سفر الحوالي"، (الموقوف أمنياً لدى الاجهزة الأمنية في السعودية)، فمن مآثره رسالة وجهها إلى من وصفهم بـ "علماء الانقلاب"، والتي جاءت عقب عزل محمد مرسي، وانتهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين، في ثورة 30 يونيو، في مقال له حمل عنوان "الأخرسون.. إلا القرضاوي ومن معه"، نشر في أغسطس 2013، وحرض فيه "رفوش" على العلماء والدعاة من غير جماعة الإخوان، وكذلك على الحكام العرب، داعياً إلى محاربتهم قائلاً: "وقد قمت الشواهد اليقينية على أن هؤلاء الانقلابيين وأشباههم من أعداء الفضيلة، لا يؤمنون بالمبادئ إلا حين تخدمهم ولا يدافعون إلا على أنفسهم ولاء لأسيادهم وبيعاً للشعوب والأوطان، يغالبون الشريعة والشرعية"، مستشهداً بأبيات شعرية حلا لذلك بقوله: "لا عدل إلا أن تعادلت القوى.. وتصادم الإرهاب بالإرهاب".
عادل رفوش والقرضاوي
واستكمل "عادل رفوش" مهاجمته للأنظمة والحكام العرب بقوله: "هم الإرهاب والإفساد حقاً.. وفي إعلامهم حرب تكاد ... صناديق الدمقرطة احتيال.. ويحمي الحق في الأبد الجهاد، إلا فانطلقوا يا حراس الفضيلة، أين أنتم أيها الموقعون عن الله مولاكم الحق".
عنوان عكس أفكار الحضور
هذا الحوار الرمضاني "وآمنهم من خوف"، والذي لم يأخذ من اسمه نصيب، يأتي في ظل إعلان الخطاب القطري الرسمي أنه ضد الإرهاب وضد العمليات الانتحارية.
ونتذكر في هذا الصدد اتخاذ الدوحة مقراً لمكتب مكافحة الإرهاب الدولي التابع للأمم المتحدة، بعد توقيع قطر مؤخراً مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
راشد الغنوشي وعلي قرة داغي
والذي جاء في أعقاب الاجتماع الثنائي الذي عقده مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في مقره في نيويورك، وجمع بين الروسي "فلاديمير فورونكوف" وكيل الأمين العام لشؤون مكافحة الإرهاب، ورئيس اللجنة الوطنية القطرية لمكافحة الإرهاب "عبد العزيز الأنصاري"، ضمن ما سمي بـ "الحوار الاستراتيجي الأول".
بل يشارك أيضا مع وزير الاوقاف والشؤون الإسلامية القطري، ووفقاً إلى إعلان "منصة آمنهم من خوف" الإلكترونية، باقة من الشخصيات التابعة للاتحاد القطري لعلماء المسلمين.