عن حزب الله و"التّنغيص" الإسرائيلي

by

"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني

بين تأكيد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في كلامه الأخير أن المقاومة تمهد كل الأرضية لليوم الذي سيأتي حتماً ونصلي جميعاً في القدس، وإعلان إسرائيل مؤّخراً عن خطة "رياح السماء" لتعزيز الجاهزية في المنطقة الشمالية على جبهتي سوريا ولبنان لمواجهة سيناريوهات من التصعيد أو نشوب حرب، تبدو الأمور بين ذاهبة في المُقبل من الأيّام نحو تصعيد مُحتمل، يُنذر بمناوشات عند الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، وسط مخاوف من احتمال تحوّلها إلى مواجهات تُشبه في مضمونها ونتائجها، حرب تموز 2006.

لا تبدو أجواء الحدود اللبنانيّة الجنوبيّة اليوم ضبابيّة، إذ ثمّة رياح ربيعيّة ساخنة، تهبّ على الجنوبيين بين الحين والآخر، معطوفة على تصريحات العديد من المسؤولين الإسرائيليين تتعلّق بتهديدات متفاوتة لها علاقة بإحتمال إنقلاب مشهد "التهدئة" الحالي بين إسرائيل و"حزب الله"، إلى حرب مُفاجئة تقوم بها إسرائيل، مركونة على الكثير من الأسباب التي تعتبرها أكثر من ضرورية لخوضها. ولعل أبرز الأسباب أو المُسبّبات هذه، استمرار "الحزب" بالتسلّح والإستعداد لأي "حماقة" يُمكن أن يرتكبها عدوّه.


يوجد اليوم خارطة وحيدة للجنوب وأهله، تقوم على مبدأ وحيد يقول "من يُريد أن يقتلعني من أرضي أو يُدمّر منزلي ورزقي، سأقتلع قلبه من مكانه". كما وفي الوقت عينه، يرنو الجنوبيون إلى أمر عقلاني هذا في حال وجد العقل من أساسه لدى الطرف الآخر، وهو تجنّب أي حرب في الوقت الراهن خصوصاً وأن الجميع يؤكّد بأن أي حرب مُحتملة، لن تكون في مصلحة أحد. لكن في الوقت نفسه، لا يُمكن الركون إلى النوايا فقط خصوصاً وأن التجارب الماضية مع إسرائيل، لا تُبشّر بالخير، والحال نفسه بالنسبة إلى الحاضر، حيث بالكاد يمر أسبوع من دون أن تُغيرَ على هدف لـ"حزب الله"، تحديداً في الداخل السوري.

لا تزال التقارير التي تصدرها المؤسّسات الأمنيّة في إسرائيل تشير إلى أن "حزب الله" لا يزال يشكل أكبر تهديد للدولة العبريّة، تَليه إيران ثم حركة "حماس". لكن في المقابل، تعتبر قيادة "حزب الله" ان كل هذه التقارير والرسائل "الفوقيّة" التي يتداولها الإعلام الإسرائيلي بالإضافة الى التهديدات المتواصلة سواء لجهة الخروقات في الجنوب أو الاستهدافات المتكررة لعناصرها في سوريا، ما هي سوى مُحاولات استفزازية تدخل في إطار الحرب النفسية، ذلك على الرغم من تصاريح جنرالات إسرائيل المُستمرة، حول التحضير لحرب ثالثة.

مصادرٌ مطلعة على شؤون "حزب الله" والإستعدادات التي يُجريها على الدوام، وخصوصاً تلك المتعلقة بإسرائيل تؤكد لـ"ليبانون ديبايت" أن "حزب الله" يأخذ على محمل الجدّ كل ما يصدر عن الداخل الإسرائيلي، وتحديداً الدراسات التي تصدرها المؤسّسات الأمنية وبالتالي هو يتعاطى معها بجديّة كاملة ليبني على الشيء مُقتضاه. كما أن لـ"الحزب" وحدات أو مؤسّسات خاصّة، تُتابع الشأن الإسرائيلي بشكل مُفصّل من النواحي كافة.

وتُضيف المصادر: من عادة "الحزب" أنه يقوم بتقدير المواقف التي تصدر بحيث يجمع بين التحليل وقراءة المناخ السياسي، بالإضافة إلى متابعته عن كثب للمعطيات الداخليّة وحركة المناقلات على الأرض، ومن بعدها يذهب الى تقييم موقفه لبناء خلاصة حول نسبة وقوع أي حرب يُحكى عنها. فعلى سبيل المثال، كل توقعات "الحزب" خلال الأعوام القليلة الماضية، صبّت باتجاه عدم وقوع حرب، وهذا ما حصل بالفعل".

وتُشير إلى أنه من زاوية أخرى، ثمّة عمل وجهد إسرائيلي متواصل للحصول على أي معلومة تتعلّق بـ"حزب الله"، إمّا جوّاً من خلال مُسيّراته أو برّاً من خلال عملائه. كما أن هناك مناخاً في الداخل الاسرائيلي، قائم على أن لا يكون "الحزب" مرتاحاً خاصّة عندما يتماهي هذا المناخ مع مُعطىً إقليمي ما على غرار ثورة 17 تشرين التي رأى فيها الإسرائيلي فرصة لتقليب الرأي اللبناني على "حزب الله"، قبل أن يتبيّن أنه واهم.
وتختم المصادر بالقول: أحياناً تكون الدراسات أو البيانات الإسرائيلية، صادرة عن صحف وتحليلات شخصيّة بمعنى أنها لا تكون في صلب القرار الإسرائيلي، وهذا الامر يندرج ضمن حسابات داخليّة مبنيّة على مصالح شخصيّة وحزبيّة، لكن في المقابل يتعامل "حزب الله" على الدوام وكأن الحرب قائمة اليوم وهناك تعليمات واضحة للمقاومة، بالبقاء في اقصى حدود الجهوزية، لأننا أمام عدو لا يؤتمن له.