سوريا تعترف بإبادة الأرمن على يد الأتراك .. وشبح التعويضات يلاحق أنقرة
by عبير العدوىتزداد منصات الإدانة لجرائم النظام التركى بحق الشعوب يوما بعد بوم، لاسيما مذابح الأرمن، التى كانت ولاتزال حاضرة فى ذاكرة الشعب الأرمينى والكثير من الدول الرافضة لممارسات جرائم الإبادة التى انتهجها النظام العثمانى بحق الشعوب.
وعلى الرغم من تأخر اعتراف سوريا بمذابح الأرمن على يد الأتراك، إلا أن التصعيد الأخير بين دمشق وأنقرة بعد المواجهات العسكرية فى شمال غرب سوريا، كانت دافعًا لتجعل السوريين يتأكدون بأنه لم تعد لهم مع الأتراك علاقات جيرة طبيعية، وإنما عداء محتل غاصب، لذا جاء قرار البرلمان السورى، مساء أمس الخميس، ليؤكد بالإجماع على أن ما تعرض له الأرمن فى الفترة بين عامى 1915 و1917، وأدت إلى مقتل وانتهاك آدمية أكثر من مليون شخص، هى جرائم "إبادة جماعية".
مجلس الشعب السورى يقر بجريمة العثمانيين
وجاء في بيان مجلس الشعب السورى صريحا، يؤكد فيه أنه "يدين ويقر جريمة الإبادة الجماعية للأرمن على يد الدولة العثمانية بداية القرن العشرين"، وأنه كذلك "يدين أى محاولة من أى جهة كانت لإنكار هذه الجريمة، وتحريف الحقيقة التاريخية حولها".
ولم تكن سوريا هى الدولة الأولى أو الوحيدة التى تندد بجرائم العثمانيين فى جريمة إبادة الأرمن، فهناك 30 دولة تعرف بمذابح الأرمن وإبادتهم على يد الأتراك العثمانيين، كان آخرها إقرار مجلس النواب والكونجرس الأمريكى بهذه الجرئمة النكراء فى ديسمبر 2019، ما يعنى أن المزيد من الاعترافات ستجبر أنقرة على دفع تعويضات للعائلات الأرمينية المكلومة.
سقوط قناع أنقرة ورعب التعويضات يلاحق أردوغان
وعلى مدار 100 عام كاملة، كانت هناك محاولات للاعتراف رسميا بإبادة الأرمن، إلا أن لعبة المصالح كانت تتدخل دائمًا لتؤجل هذا الحلم الأرمنى، وتؤجل معه إسقاط أقنعة أنقرة، ومحاسبتها على ما جنته بحق البشرية.
وتؤكد التقديرات الدولية أن جريمة إبادة الأرمن على يد الأتراك طالت ما بين 1.2 و1.5 مليون أرمنى قتلوا خلال الحرب العالمية الأولى بأيدى القوات العثمانية التى كانت متحالفة آنذاك مع ألمانيا والنمسا والمجر، ومورست ضد هؤلاء الأرمن أقسى أنواع التعذيب والانتهاكات الإنسانية قبل قتلهم.
وبطبيعة الحال، ترفض تركيا استخدام كلمة "إبادة" وترى أن جرائم العثمانيين ضد الأرمن كانت مجازر متبادلة على خلفية حرب أهلية ومجاعة، على عكس الوقائع التاريخية.
وبسبب مخاوف تركيا من دفع تعويضات هائلة حال إقرار المزيد من الدول بجريمة الإبادة، اندفعت أنقرة للتعليق على قرار مجلس الشعب السورى، ووصفته بأنه "صورة من نفاق نظام ارتكب مجازر ضد شعبه"، فى إشارة للميليشيات الإرهابية السورية التى تسلحها أنقرة لمقاتلة الجيش السورى واحتلال شمال غرب سوريا.
الأرمن يصنفون جريمة الإبادة دوليا
وبالرغم من أن الأرمن كانوا وراء تصنيف جريمة "الإبادة" ضمن القانون الدولى، وتصنيفها كأكبر جريمة دولية، إلا أن الاعتراف الدولى بجريمة المذابح التركية بحق الأرمن مازالت منقوصة، حيث تأخرت كثير من شعوب العالم المتحضر فى الإقرار بها، ومن بينها النمسا وألمانيا، ربما لكونهم تواطؤوا مع تركيا فى جريمتهم بالصمت بسبب المصالح المشتركة التى جمعت البلدين بالدولة العثمانية.
ويؤكد المحامى رافائيل ليمكين، وهو صائغ عبارة "الإبادة الجماعية" ومؤيدها لاحقًا فى الأمم المتحدة، أن اختياره لهذه العبارة جاء بسبب ما تابعه عبر صفحات الصحف حول الجرائم العثمانية ضد الأرمن، والتى كانت الدافع وراء توجهه للتفكير بضرورة وجود حماية قانونية للجماعات.
الجيش السورى Vs الاحتلال التركى
ويأتى القرار بعد أسابيع من تصعيد غير مسبوق بين دمشق وأنقرة فى شمال غرب سوريا، ومحافظتى إدلب وحلب، حيث سيطرت الميليشيات الإرهابية المدعومة من تركيا هناك كطليعة لاحتلال تركى أخرج لأجله الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ثلاث حملات عسكرية كبرى، باءت جميعها بالفشل فى مواجهات مع الجيش السورى.
وعلى مدار الأسابيع الماضية تكررت تهديدات الرئيس التركى للجيش السورى، كان آخرها فى خطاب ألقاه الأربعاء، فى أنقرة، وهدد فيه بـ "ضرب النظام السورى فى كل مكان" فى سوريا فى حال تعرضت القوات التركية التى تحتل أجزاءًا من إدلب لهجوم جديد، فيما يصر الجيش السورى على تحرير كامل أراضيه وملاحقة الميليشيات الإرهابية التى تدعمها أنقرة مثل "جبهة النصرة" و"هيئة تحرير الشام".