https://s.mc-doualiya.com/media/display/6017aa4a-4f44-11ea-a2cf-005056bfd1d9/w:310/p:16x9/erdogan-12-02-2020-parti.jpg
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان © ( أ ف ب)

أردوغان وسياسة الحرباء في إدلب

by

من المؤكد أن التنظيمات الإسلامية المسلحة في إدلب أصيبت بالدهشة الشديدة وهي تستمع لكلمات وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الذي هدد بضربهم إذا لم يحترموا وقف إطلاق النار، نظرا لأن هذه التهديدات تأتي ممن دخل إلى الأراضي السورية تحت شعار حمايتهم وإنقاذ آخر الجيوب التي لجأ إليها الجهاديون في سوريا.

وحجم دهشتهم كان كبيرا لأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان قد هدد قبل ذلك بأيام بضرب قوات النظام السوري في كافة أرجاء البلاد، بعد مصرع عدد من جنوده.

ربما لم ينتبهوا إلى الرد الذي جاء من الخارجية الروسية، وليس من الكرملين، إذ دعت تركيا للكف عن إصدار بيانات استفزازية حول الأحداث في سوريا، وسلسلة التصريحات الروسية التي اتهمت تركيا بعدم احترام وقف إطلاق النار في إدلب ولجم زمام الجهاديين، بينما دمشق هي التي تشن هجوما قويا لاستعادة المنطقة بضوء أخضر وبدعم عسكري قوي من موسكو.

أنقرة سارعت للإعلان عن إرسال وفد إلى موسكو لبحث أزمة إدلب مع المسئولين الروس، زيارة لم يرفضها الكرملين، ولكنه استقبلها ببرود، وأفادت مصادره أنه لا ينبغي على أردوغان أن ينتظر الكثير منها.

الواضح هو أن روسيا تريد تحقيق نتيجة سريعة في سوريا، وليست مستعدة لتضييع الكثير من الوقت لبحث وإرضاء مطامع تركيا في سوريا، خصوصا وأنها الطرف القوي في العلاقة مع أنقرة.

زيارة بوتين، قبل حوالي الشهر إلى أنقرة، لافتتاح خط أنابيب الغاز الروسي الذي يمر تحت البحر الأسود، وقيام موسكو ببناء أول مفاعل ذري في تركيا، إلى جانب منظومة الدفاع الروسية إس ٤٠٠ التي اشترتها تركيا وغيرها تؤكد أن أردوغان سيفكر مائة مرة قبل أن يخاطر بأزمة جديدة مع الروس في ظل تدهور علاقاته الأوروبية والأمريكية.

أضف إلى ذلك أن الكرملين لا ينظر بعين الرضا إلى قيامه بإرسال مقاتلين إلى ليبيا لمواجهة مقاتلي "فاجنر" أو مرتزقة بوتين الذين يقاتلون إلى جانب حفتر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن فتح جبهتين في سوريا وليبيا في آن واحد هو أمر مكلف للغاية ويثقل على وضع، أقل ما يقال عنه أنه مضطرب داخل تركيا، والكعكة الليبية أكثر إغراء لأنقرة على المستوى الاقتصادي من الكعكة السورية.

سياسة الحرباء والقفز من معسكر إلى المعسكر المضاد هي عنصر ثابت، تاريخيًا، لدى الإسلام السياسي، الذي يعتبر أردوغان قطبه الرئيسي، حاليا، في المنطقة، وهي وإن كانت سياسة تحقق بعض المكاسب لقوى سياسية خارج السلطة، إلا أن اعتمادها كسياسة ثابتة ومستمرة لدولة تطمح لأن تكون القوة الإقليمية الرئيسية يبدو أمرا مشكوكا فيه.

النشرة الإعلاميةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

اشترك

تحميل التطبيق

google-play-badge_AR