https://24.ae/images/Articles2/2020214204347958J8.jpg
مهندسون في منشأة فوردو النووية (أرشيف)

تفعيل آلية النزاع في النووي الإيراني...حد فاصل بين الحرب والتفاوض

by

قال الصحافي صهيب صادقي، في مقال بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن تفعيل ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، آلية فض النزاعات في الاتفاق النووي مع إيران، سيقود إلى المزيد من التصعيد الذي قد يصل إلى النزاع العسكري، بدل إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات.

إعادة تطبيق قرارات مجلس الأمن خط أحمر، لأن القرارات تصدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يمهد الطريق لاتخاذ تدابير جادة ضدها مثل الحرب

وأوشك الاتفاق النووي على الانهيار بعد مرور قرابة عام ونصف من انسحاب الولايات المتحدة منه، وذلك رغم محاولات بقية الأطراف في الاتفاق إبقاءه على قيد الحياة، ولكن الأمور باتت أكثر تعقيداً.

تفعيل آلية فض النزاع

ورداً على إخلال إيران بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، أعلنت ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، في بيان مشترك في 14 يناير(كانون الثاني) الماضي، تفعيل آلية فض النزاعات في الاتفاق النووي، وهي العملية التي تُحل عبرها الشكاوى المتعلقة بانتهاك الاتفاق، وقد ينتهي النزاع في مجلس الأمن الدولي الذي ربما يقرر إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران.

وتستغرق هذه العملية حوالي شهرين، ويمكن خلالها تسوية النزاع بطرق مختلفة مثل عودة إيران إلى التزاماتها في الاتفاق، أو تراجع الدول الأوروبية الثلاث عن إحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي.

وحسب الصحافي، لا إشارات في الوقت الحالي على أن إيران أو الدول الأوروبية الثلاث ستتراجع عن مواقفها، خاصةً بعد تصريحات طهران المتكررة عن التزامها بتعهداتها النووية فقط إذا حصلت على الفوائد الاقتصادية التي وعد بها الاتفاق، كما طالبت طهران أوروبا بضمانات لمواصلة شراء النفط الإيراني ومنحها إمكانية الوصول إلى العائدات.

تدرك إيران جيداً أن أوروبا غير قادرة على تلبية هذه المطالب، فالعديد من الشركات الأوروبية الكبرى التي اعتادت شراء النفط الإيراني لها علاقات تجارية ومالية واسعة النطاق مع الولايات المتحدة، وتخشى التعرض للعقوبات الأمريكية، وفي الوقت نفسه، لا تستطيع الحكومات الأوروبية إجبارها على تغيير مواقفها.

انهيار الاتفاق النووي

ومن ناحية أخرى، يمكن أن تشير الدول الأوروبية الثلاث إلى أن الاتفاق النووي بات على وشك الانهيار، إذا لم تقتنع إيران بوقف برنامجها النووي، واحترام التزاماتها بموجب الاتفاق، وستعود القضية النووية حتماً إلى مجلس الأمن الدولي، ومن المؤكد أن الأمور ستتحول إلى الأسوأ بالنسبة إلى إيران.

ويلفت الصحافي إلى سيناريو آخر محتمل، يتمثل في تمديد أوروبا المهلة التي تنظر فيها اللجنة المشتركة للاتفاق النووي القضية محل الشكوى، قبل نقلها إلى مجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة.

وربما تطلب هذه اللجنة المزيد من الوقت لمعرفة رد إيران، ومحاولة إقناع الولايات المتحدة بالعودة إلى المفاوضات، فضلاً عن النظر في نتائج عمليات التفتيش المستمرة لوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران.

ورغم استئناف إيران لتخصيب اليورانيوم في موقع "فوردو" النووي، وتراجعها عن التزاماتها فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم، والبحث، والتطوير، وكمية المواد المخصبة التي ستخزنها، إلا أن برنامجها النووي، حسب الصحافي، لايزال بعيداً عن قدراته السابقة قبل عام من توقيع الاتفاق النووي.

ورقة مساومة

ولكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، اتخذت طهران خطوات تدريجية لانتهاك التزاماتها بموجب الصفقة، كان آخرها إعلانها في بيان أنها لن تلتزم بأي قيود تشغيلية على صناعتها النووية، كما تعهدت بتطوير برنامجها النووي من الآن فصاعداً وفقاً لاحتياجاتها الفنية، وذلك في 5 يناير(كانون الثاني) الماضي، بعد أيام من اغتيال الولايات المتحدة الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس السابق.

ويرى الصحافي أنه يجب آخذ تصريحات إيران على محمل الجد، خاصةً لأنها بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% لاستخدامه ورقة مساومة على طاولة المفاوضات المستقبلية، ولم تردع مساعيها النووية ستة قرارات لمجلس الأمن، ولا حتى فرض العقوبات الاقتصادية الصارمة.

وتعتبر طهران أن تكثيف برنامجها النووي سيقود إلى الضغط على الدول الأوروبية لتكثيف جهودها لتأمين الفوائد الاقتصادية التي كان يُفترض أن تتدفق إلى إيران في جزء من الصفقة النووية، خاصةً أنها باتت غير قادرة على بيع نفطها بسبب العقوبات الأمريكية.

إعادة تطبيق قرارات مجلس الأمن

ويرى الصحافي أن الأمور قد تنقلب رأسا على عقب إذا أعاد مجلس الأمن الدولي تطبيق قراراته ضد إيران، وإذا استمرت الولايات المتحدة في إصرارها على إجبار نظام الملالي على المزيد من التنازلات حول البرنامج النووي، وشبكة الميليشيات بالوكالة التي تدعمها إيران، بما فيها حزب الله في لبنان، وحماس، والحشد الشعبي في العراق.

وتعتبر إيران أن إعادة تطبيق قرارات مجلس الأمن خط أحمر، لأن القرارات تصدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يمهد الطريق لاتخاذ تدابير جادة ضدها مثل الحرب، وهو ما يشكل تهديداً عسكرياً وأمنياً.

وعلاوة على ذلك لن تتفاوض إيران على برنامجها النووي أو جهودها لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، لأنها جزء أساسي من أمنها القومي، ومن المستبعد أن تتفاوض عليها مستقبلاً.

ويشير الصحافي إلى أن إيران قد تضع قيوداً على تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحظر على المفتشين الدوليين الوصول إلى منشآتها وأنشطتها النووية، وربما تنسحب أيضاً من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وبذلك يصبح برنامجها النووي أقل شفافية.

ويختم الصحافي قائلاً: "في مثل هذه الظروف سيكون الحد الفاصل بين الحرب والتفاوض ضعيفاً، وإذا فشل الغرب وإيران في التوصل إلى اتفاق من خلال المحادثات، فإن خطر اندلاع نزاع عسكري سيزيد. وليس هناك ما يدعو إلى التفاؤل مع إصرار إيران على التمسك ببرنامجها النووي وأنشطتها الإقليمية لتوسيع نفوذها، وعلى النقيض من ذلك يرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن هذه، هي العيوب الخطيرة في صفقة النووي المعيبة، ومن المستبعد أن يتراجع أيضاً عن موقفه".