https://www.mobtada.com/resize?src=uploads/images/2020/01/15786649132.jpg&w=750&h=450&zc=0&q=70
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

وزير الأوقاف : الدين فن صناعة الحياة لا الموت

by

ألقى الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، اليوم، خطبة الجمعة بمسجد الفرقان، بكفر الطويلة مركز طلخا محافظة الدقهلية، تحت عنوان : عناية القرآن الكريم بالقِيم الأخلاقية، فى إطار دور وزارة الأوقاف التنويرى والتثقيفى، ومحاربة الأفكار المتطرفة، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة، وبمناسبة العيد القومى لمحافظة الدقهلية.

حضر الخطبة الدكتور أيمن مختار محافظ الدقهلية، و الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، وهيثم الشيخ نائب محافظ الدقهلية، وعدد من قيادات المحافظة.

وخلال الخطبة أكد وزير الأوقاف أن الرسول صلى الله عليه وسلم تمثل القرآن خلقًا وواقعًا، فكان كما وصفته أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها حينما قالت: " كان خلقه القرآن " فجميع حركاته وسكانته صلى الله عليه وسلم خالصة لله عز وجل، والقرآن الكريم كتاب الله تعالى من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ولا تنقضى عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا ينفد عطاؤه إلى يوم القيامة غير أنه يعطى كل جيل بقدر عطائه لدين الله عز وجل وإخلاصه له، وهو الذى لم تلبث الجن إذ سمعته أن قالوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا، وما أن سمع أحد الأعراب قوله تعالى: وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِى مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِى وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ حتى انطلق قائًلا : أشهد أن هذا كلام رب العالمين لا يشبه كلام المخلوقين، وإلا فمن الذى يمكن أن يأمر السماء أن تقلع عن إنزال الماء فتقلع، ويأمر الأرض أن تبلع ماءها فتبلع، إنه رب العالمين ولا أحد سواه، والقرآن الكريم ذكر للناس، قال تعالى :" وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ "، وسوف تسألون عن ماذا قدمتم لخدمته حفظًا وأداء، وتجويدًا فهمًا وتفسيرًا وتطبيقا ؟، يقول الحسن البصرى : إنما أنزل القرآن ليتدبر وليعمل بما فيه، ولكن اتخذ الناس قراءته عملا ، فما بالكم إذا اتخذوا هذا القرآن مهجورا .

وأوضح الدكتور مختار جمعة، أنه وللأسف حاولت بعض الجماعات والتيارات الانحراف بتأويل بعض نصوص القرآن الكريم، وأن تقتطع بعض النصوص من سياقها محرفة لها، وأن تخرج بها عن مراد الله لها، ضاربًا معاليه أنموذجًا لعظمة القرآن الكريم بجانب واحد من الجوانب الأخلاقية، فالقرآن كتاب الجمال والكمال ومكارم الأخلاق وأعاليها، وقد تحدث القرآن الكريم عن الصبر الجميل، والصفح الجميل والهجر الجميل والسراح الجميل، والخلق الجميل، والدفع الجميل، والسعى الجميل، واللباس الجميل، والعطاء الجميل، والتحية الجميلة، والوجه الجميل، والعيشة الجميلة، فقال تعالى عن الصبر الجميل : فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ،وهو الذى لا شكوى معه، منتهى الرضا بقضاء الله وقدره، والصفح الجميل هو الذى لا منّ معه :" فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ مستشهدًا بأن غلاماً لعمر بن عبد العزيز أخطأ فى حضرته، فقال الغلام : ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾، قال: كظمت غيظى، فقال: ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾، قال: قد عفوت عنك، قال: ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾، قال: أنت حر لوجه الله .

كما بين وزير الأوقاف أن الهجر الجميل الذى لا أذى معه يقول الحق سبحانه : وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا "، وقال تعالى :" وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا " وهو الذى لا ظلم للمرأة فيه، ولا عضل لها فيه، فالمسلم الذى تأدب بآداب القرآن لا يمكن أن يؤذى أحدا، يقول الحق سبحانه " وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ". وقد سئل بعضهم ما السيئة التى لا تنفع معها حسنة؟، قال التكبر على خلق الله، والخلق الجميل حيث يقول تعالى لنبينا صلى الله عليه وسلم :" وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ "، والقول الجميل، قال تعالى :" وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا "، لكل الناس مسلمهم وغير مسلمهم، طائعهم وعاصيهم، بل القول الأحسن، يقول تعالى :" وَقُل لِّعِبَادِى يَقُولُوا الَّتِى هِيَ أَحْسَنُ "، وهذا فضل الله تعالى ومنحة منه، يقول تعالى :" وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ "، فالهداية إلى الطيب من القول هداية للطريق المستقيم، كما تحدث القرآن الكريم عن الوجه الجميل، وجه المؤمن " سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِمْ " فليس المقصود منها تلك العلامة التى تجدها فى وجوه بعض الناس دون بعض، وإنما نور يلقيه الله عز وجل على وجه المؤمن،" وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ "، "تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ "، كما تحدث القرآن الكريم عن اللباس الجميل حيث ذكره القرآن الكريم فى قوله تعالى :" وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ".

وفى ذات السياق أكد جمعة، أن القرآن الكريم تحدث عن العطاء الجميل الذى لا منّ معه، والعطاء من أفضل ما تملك " لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ "، كما تحدث القرآن عن السعى الجميل الذى قصد به وجه الله تعالى، وهو الطريق إلى الآخرة، فمهمتنا أن نعمر الدنيا باسم الدين، لا أن نخربها باسم الدين، فالدين فن صناعة الحياة لا صناعة الموت، يقول تعالى : " وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا "، والجزاء الجميل، قال تعالى :" وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا "، هذا هو الجزاء الجميل ؛ أن تجعل جزاءك عند الله، وأن تدخر مالك عنده.

واختتم الدكتور جمعة بالعيشة الجميلة : تلك العيشة الراضية الهنيئة فى الدنيا والآخرة، وهى الرضى بما قسم الله، ويفسرها قول الله تعالى: "فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ "، والأصل فى غير القرآن أن يقال عيشة مرضية ؛ لأن العيشة مرضى عنها، فجعل العيشة راضية مبالغة فى قمة رضى أصحابها بها، هذا هو القرآن وهذا هو جمال القرآن وهذه هى عظمة القرآن .