عاشق الأهلي.. حكاية الحارس «الثابت» الذي مات «بطلًا»
تحل اليوم الذكرى الخامسة عشرة لرحيل ثابت البطل، والذي وافته المنية في الـ14 من فبراير عام 2005، بعد صراع مع المرض، عن عمر يناهز 51 عامًا، قضاها عاشقًا في محراب الأهلي
by كريم مليم«إحنا لازم نتعلم من الناس اللي سبقونا، ولازم نفهم يعني إيه النادي الأهلي، ويعني إيه أخلاقيات ويعني إيه نظام، واللي عاوز يهاجم الأهلي يهاجمه جوه البيت، ويقول رأيه ويجد الحلول.. لا أستطيع أن أهاجم النادي اللي رباني وكبرني، وكل شخص له وجهة نظر يقولها داخل النادي، وليس في الإعلام والصحافة، ويجب في المواقف الصعبة نقف جنب بعض لمصلحة الأهلي لأنك أنت موجود النهارده وبكرة مش موجود.. لكن النادي الأهلي هو اللي باقي.. والأهلي خيره على أي حد وعلى أكبر حد، من أول رئيسه لأصغر واحد فيه» بتلك الكلمات كان يتحدث «ثابت البطل» حبا وفخرًا بالقلعة الحمراء.
تحل اليوم الجمعة 14 فبراير، الذكرى الخامسة عشرة لرحيل ثابت البطل، حارس مرمى الأهلي ومنتخب مصر ومدير الكرة الأسبق، والذي وافته المنية في الرابع عشر من فبراير عام 2005، بعد صراع مع المرض، عن عمر يناهز 51 عامًا، قضاها عاشقًا في محراب النادي الأهلي، حاميًا لعرينه كحارس مرمى، محققًا أفضل الأرقام على الصعيد المحلي والعالمي، وكما كان سدًا منيعًا لمرمى الأهلي فقد كان حارسًا لمبادئ ناديه، وواحدًا من أعظم من شغل منصب مديرًا للكرة في الأهلي.
النشأة
ولد ثابت البطل في السادس عشر من سبتمبر عام 1953، في مدينة الحوامدية التابعة لمحافظة الجيزة، استهل مشواره الكروي لاعبًا ضمن فريق سكر الحوامدية، قبل أن يكتشفه عبده البقال؛ لينضم لصفوف الأهلي عام 1972، ليبدأ مشواره مع القلعة الحمراء رسميًا عام 1974، ضمن جيل التلامذة التاريخي، وظل لاعبًا في صفوف الفريق الأول حتى اعتزاله في عام 1991.
خاض ثابت البطل بقميص النادي الأهلي 225 مباراةً محليةً، وساهم في تحقيق بطولة الدوري الممتاز في 11 مرةً، و6 ألقاب لبطولة كأس مصر.. على الصعيد القاري، تُوج ثابت البطل بـ6 ألقاب قارية؛ بطولة إفريقيا للأندية أبطال الدوري في مناسبتين، وكأس إفريقيا للأندية أبطال الكؤوس في ثلاث مناسبات، وكأس الأفرو-أسيوية في مناسبة.
نموذج إداري أهلاوي
بعد اعتزال «البطل» للكرة.. اختاره مجلس إدارة النادي الأهلي ليشغل منصب مدير الكرة، ليحصل البطل مع النادي الأهلي على 6 ألقاب لبطولة الدوري، ولقب واحد لبطولة كأس مصر، والسوبر المصري، بالإضافة إلى أربعة ألقاب عربية، هي البطولة العربية للأندية أبطال الدوري «مرتان»، وكأس السوبر العربي «مرتان».
وكان ثابت البطل نموذجًا إداريًا أهلاويًا يُشار له بالبنان؛ في كيفية التعامل مع المواقف المختلفة، وترويض النجوم بما يخدم مصلحة النادي.. بعد أن وضع شعار «الأهلي فوق الجميع» في قراراته، لم ينظر إلى ردة فعل الجماهير تجاه قراراته الصارمة ضد بعض اللاعبين.
فمن المواقف التي لا تُنسى تعرضه لهجوم من جمهور النادي الأهلي عقب رحيل أحد اللاعبين، وبكى «البطل» -ذاك الرجل القوي- بكاءً حارًا بعد تعرّضه لحملات غرضها النيْل منه؛ إلا أنه لم يفقد توازنه، ولم يخضع لأحد، واتخذ القرار الذي يخدم مصلحة النادي الأهلي، ليترك البطل منصبه كمدير للكرة على خلفية الأزمة، دون أن يدافع عن نفسه أو يبرئ ساحته، لينتقل للعمل في ليبيا مديرًا للكرة بضع سنوات.. ولما كلفه مجلس الإدارة بتولي منصب مدير الكرة مجددًا هرول ليلبيَ نداء الأهلي.
ومن المواقف التي لا تنساها الجماهير الأهلاوية لثابت البطل، هو منع كارثة محققة للاعبى الفريق الأحمر، فخلال فترة السبعينيات، التقى فريق الأهلي مع الإسماعيلي في بطولة الدوري، وشهدت المباراة إحراز هدف عن طريق جمال عبد الحميد لاعب الأهلي، عن طريق تسديدة قوية في أبو ليلة حارس الدراويش، ولكن الفرحة لم تكتمل بسبب جماهير الإسماعيلية.
واقتحمت جماهير الإسماعيلي ملعب المباراة اعتراضا على قرار الحكم، وتم إلغاء المباراة، ولكن اندفعت الجماهير ضد لاعبي الأهلي حتى غرف خلع الملابس، ولكن كانت الغرف مغلقة لأن المباراة لم تكن قد انتهى وقتها الفعلى، حيث كانت غرف الملابس يتم إغلاقها خلال أشواط المباراة، ولا يتم فتحها إلا بين الشوطين، وبعد انتهاء اللقاء، وقف اللاعبون أمام الغرف وجماهير الدراويش تقترب منهم، حتى جاء البطل، وكسر أحد الأبواب بقدمه، لينقذ لاعبي الأهلي، ويمنع كارثة محققة بين الأهلي والإسماعيلي بسبب الجماهير.
عائليًا
تخرج ثابت فى كلية الدراسات التعاونية عام 1980، وتزوج من حنان حلمي صبري، وأنجب ابنتيه لينا ولميس وكانا يدرسان بالأكاديمية البحرية بالإسكندرية، وتزوجت لينا نجم الأهلي وائل رياض شيتوس، وكان «البطل» شخصية جادة جدا ونموذجا في الالتزام والرجولة.
كلمات لا تنسى
- رحيل التوأم: قال «البطل» إبان الأزمة الشهيرة لحسام حسن وإبراهيم حسن ورحيلهما من الأهلي للانتقال إلى الزمالك: "إذا كان غياب البطولات بسبب رحيل التوأم فليغلق النادي أبوابه فورًا".
- قبل وفاته: قال «البطل» قبل وفاته بساعات: "لو مشيت من هنا هتعب أكثر"، وذلك أثناء وجوده لحضور مباراة الأهلي والزمالك قبل وفاته بيوم واحد، وهو جالس على مقاعد الجهاز الفني لا يحتمي من آلام الموت سوى ببطانية حمراء ليبقى المشهد حاضرًا في قلوب الجماهير مرسخًا لمعنى الانتماء.
- التضحية بالأموال: قال «البطل»: "الأهلي خيره عليا"، وذلك بعد حالة الانفلات التي شهدها الأهلي، في فترة تولي علاء عبدالصادق إدارة الكرة، واستدعاء الأحمر له للعودة من الاتحاد الليبي الذي كان يتقاضى معه راتبا 15 ألف دولار.
- منع شوبير من تصوير خلاف جماهير الأهلي: كانت واقعة شهيرة عندما منع أحمد شوبير من تصوير هجوم الجماهير على المدير الفني تسوبيل واللاعبين، قائلاً: "مش هسمح يصور أبويا في وضع مسىء فما بالك لو اللي بيصوره أخويا".
- رسالته للاعبين: كانت له جملة مازال يحفظها الجميع عندما قال لمن يهاجم الأهلي: "عايز تهاجم هاجم جوا البيت متطلعش في الإعلام".
- هجوم أبوزيد: خرج طاهر أبوزيد، ليهاجم مجلس الأهلي في الإعلام، وقال له «البطل»: "ازاي تطلع في التلفزيون تهاجم النادي اللي كان سبب في إنك تطلع في التلفزيون".
الرحيل
رحل «البطل» وما زالت لقطة تدثّره بغطاءٍ يحمي جسده -الذي نال منه المرض اللعين- لتكشف المعدن النفيس لذلك الرجل، الذي رفض الخلود إلى الراحة وفريقه مقبل على مباراة القمة أمام الزمالك، ليصمم على ممارسة مهام عمله بالتواجد على مقعده مديرًا للكرة، قبل ساعات من انتقاله إلى جوار ربّه؛ لتأتي ثلاثية الأهلي في شباك الزمالك أفضل هدية من الفريق في وداع مدير الكرة.
الجنازة
فى مشهد مهيب ودع الآلاف من جماهير الكرة المصرية والمسؤولين جثمان الراحل إلى مثواه الأخير، بعد أداء صلاة الجنازة فى مسجد مصطفى محمود بحى المهندسين بالجيزة قبل أن يدفن فى مدينة الحوامدية مسقط رأسه.
وحضر الجنازة عدد كبير من المسئولين أبرزهم مجلس إدارة النادي الأهلي آنذاك بالكامل يتقدمه حسن حمدى رئيس النادى ونائبه محمود الخطيب رفيقا الفقيد فى رحلته الكروية، وعدد من أعضاء مجلس إدارة نادى الزمالك في ذلك الوقت منهم دكتور كمال درويش وعزمي مجاهد والمندوه الحسيني.
علاوة على اللواء الدهشوري حرب رئيس اتحاد الكرة في ذلك الوقت، وعدد كبير من لاعبى كرة القدم، والعديد من الأجهزة الفنية والعاملين بالحقل الرياضى، بجانب عدد من الفنانين على رأسهم صديقه صلاح السعدني.