المساعدات في طريقها إلى لبنان.. إذا التزم بهذيْن الشرطيْن
by ترجمة فاطمة معطيبعد نيل الحكومة الثقة، صدرت جملة من المواقف الدولية التي طالبت السلطات اللبنانية بتنفيذ إصلاحات عميقة وجريئة ومحاربة الفساد، ولكن ما مصير المساعدات في ظل الانهيار المالي الواقع؟ يرهن محللون حصول لبنان على المساعدات بمسألتيْن، إجراء الإصلاحات اللازمة أولاً والالتزام بسياسة النأي بالنفس ثانياً، بحسب تقرير نشرته صحيفة "ديلي ستار" اللبنانية.
الدكتور سيمون حداد، وهو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، يرى أنّ "التحدي الأهم الذي تواجهه الحكومة الجديدة يتمثّل في حل الأزمة الاقتصادية-الاجتماعية-المالية"، مشدداً على ضرورة قيام الحكومة بإرسال إشارات قوية إلى المجتمع الدولي بشأن نيتها تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية ومكافحة الفساد ووقف هدر المال العام وخفض عجز مؤسسة كهرباء لبنان، وذلك كجزء من الوعود التي قطعها لبنان في مؤتمر "سيدر". في السياق نفسه، يرى حداد أنّ الالتزام الصارم بسياسة النأي بالنفس وعدم ربط لبنان بالنزاعات الإقليمية، لا سيما الخلاف الأميركي-الإيراني، يشكّل واحداً من التحديات السياسية التي تواجهها حكومة الرئيس حسان دياب، إذ يعتبر حداد أنّه من شأن الالتزام الكامل بسياسة النأي بالنفس أن يشجع المجتمع الدولي على تقديم المساعدات للبنان، ويعلّق: "سترضي هذه الخطوة الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي كما ستجنّب لبنان الانهيار الاقتصادي".
من جانبه، يعتبر الدكتور عماد سلامة، وهو أستاذ مساعد في العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية، أنّ التحدي الأول بالنسبة إلى حكومة دياب يقضي بتثبيت ارتباطات لبنان بالدول العربية والتزاماته بمبادئ التضامن العربي، أي ما ينطوي على التأكيد على إعلان بعبدا لجهة النأي بالنفس عن النزاعات الإقليمية وسياسة عدم التدخل في شؤون الدول العربية. ويتابع سلامة حديثه بالتشديد على حاجة لبنان إلى استعادة ثقة الداخل والخارج بمؤسساته المالية عبر التزامه بالاتفاقات العالمية وتوفير فرص استثمار مناسبة لتعزيز النمو.
وتعليقاً على جلسة الثقة، يحذّر سلامة من أنّ التصويت على الثقة الذي "دلّ إلى الثقة الشعبية والسياسية الضعيفة بالتسوية الجديدة" من شأنه أن يثني المجتمع الدولي عن مساعدة لبنان ويزيد عزلته السياسية. وعلى مستوى حصول لبنان على مساعدات عربية، يقول سلامة إنّ الدوافع العربية لمساعدة لبنان باتت شبه معدومة، مضيفاً: "يحتاج لبنان إلى إثبات قدرته على استعادة الدعم العربي والامتناع عن استخدام لهجة غير مسؤولة وعن التدخل في شؤون الدول العربية (..)".
بدوره، يقول المحلل السياسي، قاسم قصير، إنّ التحدي الأكبر الذي تواجهه حكومة دياب يقضي بإصلاح الوضع الاقتصادي والوضع المالي وخفض الدين العام والعجز في الميزانية وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي وتعزيز قطاع الكهرباء، مؤكداً حاجة لبنان إلى الالتزام بسياسة النأي بالنفس والابتعاد عن التحالفات الإقليمية وتعزيز العلاقات مع الدول العربية والمجتمع الدولي.
وبعد منح الحكومة الثقة، دعت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان إلى "اتخاذ مجموعة من التدابير والإصلاحات الملموسة وذات المصداقية والشاملة بسرعة وبشكل حازم لوقف ومعاكسة الأزمات المتفاقمة، ولتلبية احتياجات ومطالب الشعب اللبناني"، مشددةً على "أهمية العمل من أجل استعادة ثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي وتفعيل المساعدات الدولية المستقبلية للبنان"، ومناشدة "جميع القوى السياسية والقادة اللبنانيين إعطاء الأولوية لدعم الإصلاحات التي تصب في المصلحة الوطنية ومصلحة الشعب والبلاد". وأعربت المجموعة عن استعدادها لـ"دعم الجهود الموثقة لقادة الحكومة لمحاربة الفساد والتهرب الضريبي، بما في ذلك اعتماد وتطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، قانون هيئة مكافحة الفساد وإصلاح القضاء، بالإضافة إلى غيرها من التدابير الضامنة لإقرار تغييرات ملموسة في إطار الشفافية والمساءلة الكاملة".
بدورها، أعلنت المتحدثة الخارجية الفرنسية أنّه "يقع حالياً على عاتق هذه الحكومة التحرك سريعاً من أجل تلبية التطلعات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية التي يعبّر عنها اللبنانيون منذ عدّة أشهر"، مشيرةً إلى أنّ المجتمع الدولي "ينتظر إصلاحات عميقة وجريئة من قبل السلطات اللبنانية، خصوصاً في ما يتعلق بالشفافية الإقتصادية، القدرة على التحمل الإقتصادي والمالي، مكافحة الفساد واستقلال القضاء". وذكّرت الخارجية أيضاً بأنّ "فرنسا تبقى إلى جانب اللبنانيين، كما فعلت دوماً"، مضيفة أنّها تؤكّد مجدداً "تمسكها بسيادة واستقرار وأمن لبنان الذي لا بدّ من فصله عن التوترات والأزمات الإقليمية".