هل تنسحب واشنطن لصالح ”الناتو“ في العراق؟
by المصدر:تشير الشواهد إلى رغبة أمريكية لنقل مهامها في العراق لصالح الحلف الأطلسي، وذلك في أعقاب توتر بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني قرب بغداد، يزكيه أيضا توجه للرئيس دونالد ترامب بالانسحاب التدريجي من مناطق عمليات انخرطت فيها القوات الأمريكية خلال السنوات الماضية.
وأمس الخميس، طلب حلفاء الولايات المتحدة، الذين وافقوا على تعزيز دور بعثة الحلف الأطلسي في العراق، من واشنطن الإبقاء على انخراطها العسكري في المنطقة لمكافحة تنظيم داعش.
وقال دبلوماسي أوروبي ”إن نقل المسؤوليات إلى الحلف الأطلسي كان على الدوام مؤشرا مسبقا إلى فك ارتباط الولايات المتحدة“، ذاكرا ممثلي قوة ”كفور“ في كوسوفو وبعثة ”الدعم الحازم“ في أفغانستان، ومشددًا على أن ”هذا لا ينجح إلا إذا تضمنت بعثة الحلف الأطلسي عنصرا أمريكيا قويا“.
ويمثل الأمريكيون حاليا نصف عناصر بعثة ”الدعم الحازم“ البالغ عددها 16 ألف عنصر.
نقل أنشطة التدريب
وأوضح الدبلوماسي أن الطلب الأمريكي بنقل بعض أنشطة تدريب القوات العراقية من التحالف الدولي ضد تنظيم داعش بقيادة أمريكية إلى الحلف الأطلسي يندرج في هذا السياق.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه خفض الوجود الأمريكي في العالم، والانسحاب من العديد من مناطق العمليات، لا سيما في أفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، لتركيز جهوده في آسيا في سياق مواجة الصين.
لكن الوضع تبدل مع تصاعد التوتر مع إيران، فعززت الولايات المتحدة قواتها وأرسلت وسائل جوية إلى منطقة الخليج.
وإثر مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، مطلع كانون الثاني/يناير الماضي، في ضربة أمريكية قرب بغداد، تصاعدت النقمة ضد الولايات المتحدة في العراق، ما أرغم واشنطن على تعليق عمليات التحالف الدولي والسعي للحد من وجودها.
وكان الحل لتحقيق ذلك تعزيز دور البعثة الأطلسية الصغيرة المنتشرة في العراق منذ عام 2018.
وصادق وزراء الدفاع لدول الحلف الأطلسي خلال اجتماعهم يومي الأربعاء والخميس الماضيين في بروكسل على نقل بعض أنشطة التحالف إلى بعثة الحلف الأطلسي، على أن يتم تعزيز البعثة بوحدات من التحالف.
وبعد أن وافقت الحكومة العراقية ليل الأربعاء/الخميس على نقل بعض أنشطة التدريب إلى الحلف الأطلسي، من المتوقع أن يتم تعزيز البعثة بشكل سريع.
وقال الأمين العام للحلف الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أمس، إنه سيجري بحث في ”عدد القوات التي سيتم نقلها من التحالف إلى مهمة الحلف الأطلسي وتفاصيل أنشطة التدريب التي ستستأنفها المهمة“، خلال اجتماع يعقده التحالف الدولي اليوم الجمعة في ميونخ على هامش مؤتمر الأمن.
وأكدت إسبانيا، أمس الخميس، للحلف الأطلسي نقل قسم من وحداتها إلى البعثة الأطلسية، لكن وزيرة الدفاع الإسبانية مارغاريتا روبليس أكدت أنه ”من غير الوارد تولي الأنشطة القتالية“.
لا حلف بدون الأمريكيين
ويوضح ستولتنبرغ في كل مداخلاته أن على الحلف الأطلسي تدريب القوات العراقية ليصبح بإمكانها محاربة تنظيم داعش، ومنعه من إعادة تنظيم صفوفه وتكثيف أنشطته في العراق.
وسيبقي الأمريكيون على وجودهم لمحاربة التنظيم، لكن واشنطن عازمة على مواصلة تعزيز بعثة الحلف في العراق مع نقل مهمات دفاعية إليها، وتطالب الحلفاء الآخرين بتولي المزيد من المسؤوليات، ما سيسمح لها بفك ارتباطها بالعراق، على ما أوضح وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، خلال الاجتماع في بروكسل.
وحذرت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي من هذا التوجه الأمريكي خلال زيارة إلى واشنطن في نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، وقالت إن سياسة ”الحلف الأطلسي-الشرق الأوسط“ التي ينتهجها ترامب يجب ألا تتحول إلى ”الحلف الأطلسي دوني“، وجددت تحذيرها خلال الاجتماع في الحلف الأطلسي.
وكانت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب-كارنباور أكثر وضوحا، إذ أكدت أن من غير الوارد زيادة مشاركة ألمانيا للحلول محل القوات الأمريكية.