https://24.ae/images/Articles2/202021414143962590.jpg
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)

معارك إدلب تضع بوتين أمام التحدي الأخطر

by

رأى الصحافي سيث فرانتزمان في شبكة "بلومبيرغ" أن روسيا كانت حذرة بشكل غير اعتيادي مع تهديد الأزمة في شمال سوريا بتقويض علاقتها مع تركيا وبالتشكيك في دعمها للرئيس السوري بشار الأسد. كانت القوات الجوية الروسية تدعم بقوة هجوم الجيش السوري في إدلب وشمال غرب سوريا فيما شنت تركيا التي تدعم المعارضة ضربات ضد أهداف للنظام في إدلب.

آخر ما يريده بوتين هو الوقوف إلى جانب أحد الأطراف وهذا بالضبط ما قد تجبره عليه المعارك في إدلب

موسكو هي الداعم الأساسي للرئيس السوري بشار الأسد، وهي ملتزمة مساعدته في استعادة السيطرة على البلاد. من ناحية ثانية، تركيا هي شريك تجاري بارز لروسيا ومن أهم صفقاتهما بيع منظومة أس-400 بقيمة 2.5 مليار دولار إلى أنقرة. وصل حجم التجارة بين روسيا وتركيا إلى 25.6 مليار دولار سنة 2018. تريد الدولتان أن يبلغ هذا الرقم 100 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة. في المقابل، التبادل الاقتصادي بين موسكو ومنخرطين آخرين في النزاع السوري ضئيلة نسبياً.

بفعل العقوبات الأمريكية التي عرقلت التجارة الروسية مع إيران، وصل حجم تلك التجارة بينهما إلى ملياري دولار. وتبحث الدولتان عن أساليب لزيادة التدفقات عبر صفقات المقايضة. سوريا هي شريك تجاري صغير حتى ولو كانت موسكو تستفيد بطرق أخرى في النزاع. وتخطى حجم التجارة بين روسيا وإسرائيل 5 مليار دولار سنة 2019 للسنة الثانية على التوالي ويبدو أنه سيتوسع أكثر وفقاً لفرانتزمان.

الاتفاقات السياسية

كي تدعم روسيا الأسد وتحافظ على علاقتها مع تركيا، استضافت مسار أستانا للسلام حول سوريا وحاولت إرضاء جميع الأطراف. راهن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنه قادر على تحقيق ذلك لأن سوريا وتركيا تحتاجان إليها وهي تحتاج إليهما. بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعتمد بشكل متزايد على روسيا بما أنه يدخل في خلافات مع الولايات المتحدة وأوروبا. من جهته، الأسد مدين لبوتين بسبب تدخل روسيا في الحرب الأهلية السورية لدعمه.

كانت سوريا أساساً حليفاً أساسياً لروسيا منذ عهد الاتحاد السوفياتي. تحتفظ روسيا بقاعدتين بحرية وجوية في البلاد. وليست مساعدة الأسد على هزيمة المعارضة مجرد إبراز لمكانة لموسكو بل هي أيضاً عرض للأسلحة الروسية.

بحسب الكاتب، ناور بوتين كي يصبح قوة وسيطة رئيسية في سوريا، فترأس اتفاقات لوقف إطلاق النار مع الأردن والولايات المتحدة في 2017، واتفاقاً مع تركيا حول إدلب في 2018، واتفاقاً آخر بعد انسحاب واشنطن من بعض أجزاء شمال شرق سوريا في 2019. وسعت روسيا لتهدئة المخاوف الإسرائيلية من ترسيخ إيران نفوذها في جنوب سوريا عبر نشر شرطة عسكرية قرب مرتفعات الجولان.

تعقيد متزايد

كتب الصحافي نفسه أن رقعة الشطرنج السورية أصبحت أكثر تعقيداً بشكل متزايد. تقلص الحضور الأمريكي كثيراً لكنه لم يختفِ. تحمي القوات الأمريكية حقول النفط في شرق البلاد وتبقى قوات سوريا الديمقراطية قوة بارزة في الشرق. واجتاحت تركيا الشمال الشرقي لعزل الأكراد وخلق منطقة عازلة للاجئين.

يترك هذا الأمر روسيا أمام خيار المناورة بين إيران وتركيا والولايات المتحدة ودمشق. ينشئ ذلك وضعاً حيث تقاتل القوات الجوية الروسية لصالح الأسد في موازاة قيادة القوات الروسية دوريات مشتركة مع تركيا في المناطق الكردية والديبلوماسيون الروس يتفاوضون مع المجموعات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة.

أخطر تحد

وأضاف الصحافي أن إدلب أخطر تحد للجهد الروسي في إرضاء الجميع طوال الوقت. مع تصعيد دمشق هجماتها ضد إدلب هذا الشهر، قتلت قوات تركية. ردت أنقرة عبر نشر عربات مدرعة في إدلب أوائل فبراير (شباط) الحالي. وتخشى تركيا تدفقاً إضافياً للاجئين يضاف إلى 3 ملايين تستضيفهم أساساً.

تريد روسيا تخفيف التوتر في إدلب لكن لديها أزمة أخرى تتهيأ في الجنوب حيث أطلقت إسرائيل أكثر من ألف غارة جوية ضد أهداف إيرانية في سوريا. وأعلنت روسيا الأسبوع الماضي أن غارة إسرائيلية عرضت طائرة مدنية للخطر فوق دمشق. تغضب هذه الهجمات الأسد وإيران مما يدفع روسيا للتعامل معهما بشكل حذر.

آخر ما يريده بوتين

كانت نتيجة الجهد الروسي في إرضاء جميع أطراف النزاع تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ. تقوم سياسة بوتين على التأكد من ألا تحصل أي من هذه الدول على ما تريد وعلى التأكد من أن تعتمد جميعها على موسكو للاحتفاظ بما تملك. لا تستطيع إيران السيطرة على جنوب سوريا، ولا يستطيع الأسد الفوز بشكل فوري وكامل بالحرب الأهلية، ولا يمكن تركيا البقاء في شمال سوريا للأبد. وشرح فرانتزمان أن آخر ما يريده بوتين هو الوقوف إلى جانب أحد الأطراف وهذا بالضبط ما قد تجبره عليه المعارك في إدلب.