https://t1.hespress.com/files/2020/01/chine_virus_corona_18_130138028.jpeg

فيروس "كورونا" يهدد بانهيار الاقتصاد الصيني

by

أضحت الصين في شبه عزلة تامة عن العالم بعد أن قررت عدد من شركات الطيران العالمية تعليق رحلاتها الجوية إلى هذا البلد الآسيوي فيما هرعت دول لإجلاء رعاياها بعد تفشي فيروس كورونا بوتيرة سريعة وارتفاع ضحاياه، مادفع عددا من الشركات العالمية إلى إغلاق مصانعها في خطوة تنذر بانهيار الاقتصاد الصيني.

وحذر خبير اقتصادي حكومي من أن نمو اقتصاد بلاده قد يتراجع إلى 5 في المائة أو أكثر بسبب تفشي الفيروس، الذي تزامن ظهوره مع أدنى معدل للنمو تحققه البلاد في نحو ثلاثة عقود، حيث تراجع إلى 6.1 في المائة في عام 2019.

وبينما يأمل الصينيون أن يكون لفيروس كورونا تأثير قصير المدى على النمو الاقتصادي على غرار "سارس"، يرى محللون أن الظروف تغيرت بشكل كبير منذ بداية القرن الحادي والعشرين، مما يعني أن المرض قد يترك ندوبا أعمق بكثير .

وقال تشانغ مينغ الباحث فى الاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية انه فى حال وجود "سيناريو متفائل " بالسيطرة على تفشي المرض بحلول متم مارس القادم، فان معدل نمو الناتج المحلي في الصين في الربع الاول قد ينخفض، مع ذلك، الى أقل من 5 في المائة .

ومنذ عام 2003، تحولت محركات النمو الرئيسية في الصين من الاعتماد على الطلب الخارجي والإنفاق الرأسمالي إلى الاستهلاك المحلي والخدمات. وقال تشانغ انه حتى لو كانت درجة الضرر على الاستهلاك والخدمات مشابهة لتأثير السارس ، فان التأثير السلبي على الاقتصاد سيكون "أعلى بكثير"، موضحا أن الناتج المحلي الإجمالي للصين في عام 2019 كان أكبر بنحو تسعة أضعاف ما كان عليه في عام 2003 بالأسعار الحالية.

وأودى فيروس كورونا بحياة 213 شخصا وفق حصيلة حديثة اليوم الجمعة، وانتشر في ما يزيد على عشر دول، ليتجاوز إجمالي حالات وباء "سارس" في عامي 2002 و2003، وذلك في خضم أزمة صحية سريعة الانتشار من المتوقع أن توجه ضربة قوية لاقتصاد البلد.

وكان وباء التهاب الجهاز التنفسي الحاد (سارس) الذي تفشى في الصين وأودى بحياة 774 شخصا، قد كلف الاقتصاد العالمي نحو 33 مليار دولار أو 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2003. لكن خبراء اقتصاديين يتوقعون أن يكون التأثير في النمو العالمي أشد ضراوة إذ تشكل الصين ثاني أكبر اقتصاد على الصعيد العالمي. وما أثار المخاوف من تداعيات هذا الوضع على الاقتصاد العالمي، إعلان منظمة الصحة العالمية، أمس الخميس، عن "حالة طوارىء صحية ذات بعد دولي"، خاصة بعد انتشار فيروس كورونا في العديد من مناطق العالم. وأظهرت احصاءات المنظمة أن 18 بلدا آخر غير الصين أصابها الفيروس مع تأكيد أكثر من ثمانين حالة.

ورغم أن المنظمة أوصت بعدم الحد من الرحلات وعمليات التبادل التجاري وحركة الافراد، إلا أن شركات جوية عالمية سارعت الى اتخاذ تدابير احترازية عاجلة ، ومنها "بريتيش إيرويز " البريطانية التي قررت التعليق الفوري لكافة رحلاتها نحو الصين القارية، كأول شركة أوروبية تتخذ هذا الإجراء، استجابة لمذكرة من المملكة المتحدة تنصح فيها رعاياها بتفادي السفر إلى الصين. وتؤمن "بريتيش إيرويز" رحلات يومية من لندن إلى بكين وشنغهاي.

أما شركة "لوفتهانزا" الألمانية، فألغت جميع رحلاتها إلى الصين حتى 9 فبراير، بينما أعلنت شركة إيبيريا الإسبانية تعليق كافة رحلاتها إلى شنغهاي بدءا من اليوم.

وبدورها، قررت شركة "إير فرانس" تعليق كافة رحلاتها من وإلى الصين حتى 9 فبراير المقبل، مؤكدة أنها ستؤمن رحلات "خاصة من وإلى شنغهاي وبكين، على متنها طاقم من متطوعين، لتأمين عودة كل زبائنها وموظفيها".

كما قررت شركة الخطوط الملكية المغربية تعليق رحلاتها مؤقتا بين الدار البيضاء وبكين (ذهابا وإيابا)، وذلك ابتداء من اليوم الجمعة وإلى غاية متم فبراير 2020، عازية هذا القرار إلى التراجع القوي في الطلب على رحلات الدار البيضاء -بكين -الدار البيضاء.

وقالت الشركة إنها ستبلغ الزبناء الذين كانوا مبرمجين في البداية على هذا الخط، بعد تاريخ 31 يناير الجاري، بشكل شخصي، وذلك بفضل المعلومات المتاحة في ملفاتهم الخاصة بالحجز (الهاتف النقال و/أو البريد الإلكتروني)، مبرزة أنها ستقترح عليهم تواريخ رحلات جديدة، دون أداء أي رسوم إضافية.

وبدورها أعلنت المجموعة الإندونيسية، التي تملك أكبر أسطول جوي في جنوب شرق آسيا، تعليق رحلاتها إلى الصين بدءا من الأول من فبراير، وتؤمن هذه الشركة بتعاون مع فرعها "بالتيك إير" رحلات إلى 15 منطقة صينية، ويزور مليون سائح صيني إندونيسيا كل عام.

وأعلنت شركتا مصر للطيران وطيران مدغشقر وثلاث شركات جوية بورمية هي "الخطوط الوطنية لميانمار" و"إير. كي. بي. زيد" و"خطوط ميانمار الدولية"، وقف جميع رحلاتها للصين، ابتداء من يوم غد السبت، فيما قررت الخطوط الهولندية "كا ال إم" تعليق رحلاتها إلى شنغدو وهانغزو، وتخفيض رحلاتها اليومية إلى شنغهاي حتى 11 شتنبر المقبل .

وإضافة إلى الخطوط الجوية الروسية والاوكرانية، قررت الشركات الجوية الامريكية ك"دلتا" و"أمريكان إيرلاينز" و "يونايتد إيرلاينز"، تعليق رحلات وخفض أخرى الى مدن صينية بسبب انخفاض شديد في الطلب. كما أن قرار هذه الشركات مدفوع بتوصية السلطات الأمريكية للمواطنين الأمريكيين بعدم زيارة الصين في الوقت الحالي.

من جانبها، أعلنت روسيا أنها ستغلق حدودها، التي تمتد على طول 4250 كيلومترا مع الصين بدءا من اليوم، فيما أمرت كازاخستان بوقف الرحلات عبر الحافلات والطائرات والقطارات إلى الصين.

وبخصوص قطاعات تجارية وصناعية أخرى، قررت شركات عالمية تعليق عملها في الصين ك"ألفابت"، الشركة الأم لمحرك البحث العملاق غوغل، التي دعت موظفيها في الصين إلى مغادرة البلاد، في حين أغلقت شركة "ستاربكس" للبن ما لا يقل عن 4300 فرع لها في الصين، وهي ثاني أكبر سوق لها في العالم.

واتخذت شركات أخرى قرارات مماثلة إلى حين إشعار آخر، من بينها شركة "إيكيا" لصناعة الأثاث، وسلسلة المطاعم الجاهزة "كي إف سي"، و"بيتزا هت"، و"تاكو بيل" و"ماكدونالدز"، و"ديزني لاند شنغهاي". أما شركة آبل للتكنولوجيا، فقامت بتقليص ساعات العمل في الصين، فيما تلقت شركة "وولمارت" للبيع بالتجزئة، والتي تتوفر على أكثر من 400 متجر، التماسا حكوميا بالإبقاء على فروعها في الصين مفتوحة.

وشملت قرارات الإغلاق مصانع سيارات يابانية وكورية جنوبية وفرنسية وألمانية، فضلا عن شركات ملابس شهيرة ، فيما تضررت إيرادات الفنادق بفعل إلغاء الحجوزات.

كما اتسعت قائمة القطاعات المتضررة من هذا الوضع، الى المجال الرياضي، حيث أرجأ الاتحاد الصيني لكرة القدم المباريات المحلية في 2020 فيما تحيط الشكوك بمباريات التصفيات المؤهلة للأولمبياد في أستراليا .

وبدأت بكين تخطط لاستغلال مخزوناتها من مواد استهلاكية كالخضر. وأعلنت أنها ستفرج عن احتياطيات الخضروات الشتوية والربيعية في المدن الشمالية الرئيسية لتخفيف النقص في الامدادات وسط تفشي الفيروس . ونقلت صحيفة (تشاينا ديلي) عن نشرة اصدرتها اللجنة الوطنية للتنمية والاصلاح ولجنة التنمية والاصلاح ووزارة الصناعة الصينية، أن المدن الكبرى في شمال الصين يجب ان تعزز مراقبة السوق المحلية وتطلق احتياطيات الخضروات في الوقت المناسب لضمان احتياجات السكان من الاستهلاك اليومي .

ومن شأن هذه الاجراءات أن تثير مخاوف الأسواق العالمية مما قد يزيد من تفاقم الآثار الناجمة عن الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الصيني.