بوريس جونسون بطل بريكست الذي وفى بوعده
قبل أربع سنوات، كان دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مغامرة كبيرة حتى بالنسبة لسياسي غير تقليدي مثل بوريس جونسون، لكن فيما حانت ساعة بريكست الجمعة، ها هو يحصد ثماره بشكل مذهل.
لا يزال زعيم المحافظين يمثل شخصية مثيرة للانقسام؛ ففيما رحب به الكثيرون بسبب تفاؤله وحس الدعابة لديه، اتهمه الآخرون بالشعبوية على غرار ترامب وبتجاهل صارخ للوقائع.
وبغض النظرعن ذلك، سيكتب التاريخ اسمه على أنه نجح في قيادة الحملة من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016، وبعد ذلك كرئيس للوزراء.
ويُتوقع أن يكون التفاوض على اتفاق تجاري جديد مع بروكسل تحديًا أكبر، لكن رئيس بلدية لندن السابق يبدو متفائلاً بالنجاح.
بالنسبة لرجل أراد كطفل أن يصير "ملك العالم"، فقد انتظر طويلاً لحظة الانتصار هذه.
- قبل ساعات من بريكست .. إليكم 15 محطة رئيسية في تاريخ العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا
- تعرف على أبرز مراحل بريكست منذ استفتاء عام 2016
ولد ألكساندر بوريس دي فيفل جونسون في نيويورك في عام 1964 في عائلة طموحة. وأمضى سنواته الأولى في بروكسل، حيث عمل والده في الاتحاد الأوروبي، ثم التحق بمدرسة إيتون للنخبة في بريطانيا قبل دراسة الحضارات القديمة في جامعة أكسفورد.
عمل صحافياً في صحيفة التايمز التي فصلته بسبب فبركة تصريحات، وانتقل ليصبح مراسلًا في بروكسل لصحيفة ديلي تلغراف اليمينية. وهناك اشتُهر من خلال كتابة "خرافات أوروبية" عبر المبالغة في تصوير ما يحدث في الاتحاد الأوروبي.
وعُرف على المستوى الشعبي في التسعينات لدى استضافته كخبير في برنامج تلفزيوني ساخ، حيث ساهمت فطنته وعدم تردده في انتقاد نقاط ضعفه في جعله شخصية وطنية عُرفت باسم "بوريس".
لم تمر سنواته الأولى في السياسة بسلاسة، إذ أقيل في عام 2004 من منصب وزير الخزانة في حكومة الظل لدى المحافظين بسبب الكذب بشأن علاقة أقامها خارج إطار الزواج.
لكن في عام 2008، انتُخب رئيساً لبلدية لندن، المدينة متعددة الثقافات التي تصوت عادة لصالح حزب العمل، وهو فوز عزاه المراقبون إلى أسلوبه غير التقليدي.
يختلف جونسون عن السياسيين الآخرين، بشعره الأشقر غير الأنيق وأسلوبه الفريد ورغبته في جعل نفسه يبدو سخيفًا إذ علق مرة على كابل فولاذي نازل بعد أن ربط نفسه به وانزلق عليه وهو يلوح بعلمين بريطانيين.
وهو يختلف عن العديد من زملائه المحافظين بوجهات نظره المؤيدة للهجرة ومواقفه الليبرالية الاجتماعية التي لقيت صدى في لندن.
ومع ذلك، فقد واجه اتهامات بالتحامل في مقالاته التي كتبها على مر السنين، سواء من خلال تهجمه على الرجال المثليين والمواطنين الأفارقة السود في دول الكومنولث.
وحتى قبل وقت قريب في عام 2018، وجهت إليه انتقادات لأنه كتب أن النساء المسلمات المنقبات يشبهن "صناديق البريد"، على الرغم من أنه قال إنه بإمكانهن أن يرتدين ما يحلو لهن.
لكن جونسون يرفض اتهامه بالعنصرية، في حين يقول مؤيدوه إنه ببساطة يحب الإثارة بعض الشيء.
في الانتخابات العامة المبكرة التي جرت في الشهر الماضي، أثبت أيضًا أنه لا يزال بإمكانه جذب عدد كبير من الناخبين من خلال تأمين أفضل نتيجة للمحافظين لم يحصلوا عليها منذ أيام مارغريت ثاتشر في الثمانينيات.
ومع وعده "بتنفيذ بريكست" وبأن يكون صارمًا في تطبيق القانون والنظام والاستثمار في الخدمات العامة، استعاد مقاعد الطبقة العاملة التي لم يشغلها حزبه منذ عقود.
يُعرف جونسون بحياته الخاصة غير المستقرة. إذ تزوج مرتين، ويعتقد أن لديه خمسة أطفال، أحدهم من علاقة غرامية. ويعيش حاليا مع صديقته في مقر الحكومة.
لكن مكانته الشهيرة سمحت له بتجاهل الفضائح التي كان يمكن أن تدمر كثيرين غيره.
وكانت الأسئلة الأكثر وقعاً بالنسبة له تتعلق بمدى كفاءته، حيث قضى عامين في منصب وزير الخارجية بعد بريكست اعتبر أداؤه خلالهما محبطاً.
وتقول عائلة نازانين زاغاري-راتكليف، البريطانية الإيرانية المحتجزة في طهران بتهمة إثارة الفتنة، إنه أساء لقضيتها عبر وصف ما تفعله بخلاف الحقيقة.
بعد أن صار رئيسًا للوزراء في تموز/ يوليو 2019، تحدى منتقديه من خلال إعادة التفاوض بشأن شروط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي رفضها النواب ثلاث مرات.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ذلك الوقت: "أولئك الذين لم يأخذوه على محمل الجد كانوا على خطأ".
ولا يزال جونسون متهمًا بالتقليل من شأن صعوبة تنفيذ بريكست، لكنه يرفض هذه الانتقادات ويصف منتقديه بأنهم "يهوِّلون الأمور".
وقد يواجه مهمته الأكثر صعوبة لدى التفاوض على اتفاق تجاري جديد مع بروكسل، وكذلك مع الولايات المتحدة.
ومع تنفيذ بريكست، وملف حافل بالقضايا الداخلية، يجب على رئيس الوزراء الآن أن يبرهن أنه قادر على الإيفاء بأكثر من مجرد طلاق بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.