https://www.alquds.co.uk/wp-content/uploads/2020/01/1-807-730x438.jpg?v=1580480963
جارد كوشنر

ما الغاية من خطة معدة بعناية للرفض الفلسطيني؟

منذ نحو ثلاث سنوات والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعدنا بأن يتقدم بحل للنزاع الذي لا ينتهي، المواجهة الإسرائيلية – الفلسطينية. وفي خطابه في البيت الأبيض في هذا الأسبوع أيضاً روى بأن رجال الأعمال يستخدمون هذا النزاع كي يصفوا فجوات غير قابلة للجسر. وقد أراد أن يطرح على جدول الأعمال حلاً لم يقترحه أي من أسلافه قبله، بل وأعلن بأنه إذا لم ينجح صهره جارد كوشنير في حله فلن ينجح أحد غيره، ليس أقل.
أما كوشنير نفسه فتحدث عن أن الحل سيأتي من خلال خطوات غير مسبوقة، لأن هذه هي رؤيا وليست سياسة، وأنه سيكون للجانب الاقتصادي وزن كبير جداً في الحل. ولكن عند النظر إلى خطة السلام لترامب فإنها تذكر، أكثر من أي شيء آخر، بخطط القرن السابق: عودة إلى حل الدولتين، وعاصمة فلسطينية في شرقي القدس (وهنا يكون قد اخترع تربيعاً للدائرة، بحيث تبقى القدس موحدة، وفيها مكان لعاصمة فلسطينية بل حتى لسفارة أمريكية!)، قسم كبير من الضفة الغربية سيسلم إلى الفلسطينيين، وبقاء الوضع الراهن في الحرم، وغيره وغيره.
يمكن بالتأكيد القول إن الإدارة قبلت بالمبادئ الهامة للفلسطينيين (ليس كلها)، وهي تقترح حلولاً بخيلة لتحقيق هذه المبادئ. مع الخمسين مليار دولار التي تعرض على الفلسطينيين كإغراء، ما كنت أقترح عليهم أن يذهبوا الى البقالة.
كمبدأ، “الحرد” الفلسطيني ليس حلاً لأي شيء. حتى لو لم يدر الحديث عن الفرصة الأخيرة للدولة الفلسطينية، مثلما أعلنها الرئيس، كان صحيحاً من ناحيتهم أن يقولوا إنهم مستعدون للحوار، مع عرض خطوطهم الحمراء التي يعدوا بألا يتجاوزوها. غير أن الحديث يدور هنا عن شيء مختلف تماماً، فبينما يرحب بيني غانتس بالخطة ومستعد لأن يجري على أساسها مفاوضات مع الطرف الفلسطيني، فإن الخطوة التالية التي وعد بها نتنياهو هي ضم غور الأردن. وبقوله هذا، جعل كل الحدث نوعاً من إصدار رخصة للضم، بعد رفض الفلسطينيين للخطة.
لقد أوضح نتنياهو بأن الأرض التي أعدت، حسب الخطة، للدولة الفلسطينية، ستبقيها إسرائيل بلا ضم في السنوات الأربع التالية، بينما الباقي سيضم في أقرب وقت ممكن. لمثل هذا القول، الذي يعرض السلام مع الأردن للخطر، وكذا مع مصر والتنسيق الأمني مع الفلسطينيين، لا يمكن لأي طرف فلسطيني أن يرتبط. هذه خطة كلها وكليلها معدة للرفض الفلسطيني، كي يكون السبيل إلى ضم نصف المنطقة “ج” مفتوحاً.
نتنياهو، المضغوط جداً من الظروف الناشئة، يتحرك بين طلب الحصانة وإلغائه، وكذلك بين طلبه من ترامب بألا يعرض خطته، وطلبه بأن يعرضها الآن. وهو يرى الـ 61 مقعداً تبتعد عنه، ومحاكمته تقترب. من الصعب أن نعرف إذا كان ضم الغور أو إعادة نوعاما يسسخار إلى الديار سيجري التغيير الانتخابي الكبير ويمنحه الأغلبية اللازمة كي يتغلب على قرار مستقبلي من العليا ضد لائحة الاتهام القاسية بحقه. ولكن نوعاما ليست حبيس صهيون نتان شيرانسكي. وضم الغور لا يفترض أن يحمي إسرائيل من جيوش يبعث بها العرب فتصل من الأردن وعبره. يحتمل أن يتأثر الجمهور بذلك، ويحتمل أن يرد بهز الرأس، مثلما رد لقول ترامب بأنه يعترف بضم هضبة الجولان، أو لا يرى في المستوطنات خرقاً للقانون الدولي. معقول جداً الافتراض بأن الأمر حسم، وأن جمهور الناخبين، إلى جانب أولئك الذين في الوسط، لا يتأثرون على نحو خاص بخطوة اليمين الجمهوري في واشنطن حيال اليمين في إسرائيل، بغياب الديمقراطيين من الجانب الأمريكي والفلسطينيين في الجانب الشرق أوسطي.
خطة ترامب ليست خطة لسلام إسرائيلي – فلسطيني، وليست الفرصة الأخيرة للوصول إلى تسوية بين الشعبين. ضم أجزاء في الضفة الغربية، دون اتفاق بيننا وبين الفلسطينيين يعدّ خرقاً للاتفاق الانتقالي في 1955 وللقانون الدولي. حكومة تقوم بعد الانتخابات ثم تصمم على الوصول إلى السلام، ستتمكن من تحقيق هذا الهدف فقط إذا لم تر في خطة ترامب ضوءاً أخضر للضم.

بقلم: يوسي بيلين
إسرائيل اليوم 31/1/2020