https://24.ae/images/Articles2/202013118484425OH.jpg
جانب من الحملة الإعلامية لغرفة صناعة دمشق

حملات دعم رمزية وعقوبات قاسية لحماية الليرة السورية

by

مع تدهور قيمة العملة المحلية لتسجّل أدنى مستوياتها أمام الدولار، انطلقت حملات رمزية لدعم الليرة السورية، مقابل تدابير مشددة فرضتها الحكومة لحمايتها، بينها ملاحقة كل من يستعمل النقد الأجنبي في البيع والشراء.

وشهدت الليرة في الأسابيع القليلة الماضية انخفاضاً قياسياً، وتجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء 1000 ليرة للمرة الأولى، فيما سعر الصرف الرسمي 434 ليرة.

على مواقع التواصل الاجتماعي، أطلق ناشطون سوريون هذا الشهر حملة رمزية بعنوان "ليرتنا عزتنا"، لتشجيع استخدام العملات المعدنية التي بات تداولها نادراً منذ انعدام قيمتها، إذ كان الدولار يعادل 48 ليرة قبل اندلاع النزاع في 2011.

ونظمت غرفة صناعة دمشق وريفها في الأسبوع الماضي معرض "كل شيء بليرة" ليوم واحد فقط في العاصمة، عرضت فيه 50 شركة منتجاتها مقابل العملة المعدنية من فئة الليرة.

وتقول ناديا، وهي تقف قرب والدها الثمانيني الذي يحمل كيساً بلاستيكياً مليئاً بالليرات المعدنية لفرانس برس في المعرض: "كان والدي يعمل سائق حافلة لنقل الركاب، واحتفظ بهذه الليرات عندما توقف العمل بها منذ سنوات"، وتضيف مبتسمة "حان الآن وقت استخدامها".

ورغم أنه لا تأثيراً فعلياً لمبادرات مماثلة على الاقتصاد الذي أنهكته سنوات الحرب، إلا أن المشاركين يعتبرون أنهم يساهمون ولو رمزياً في دعم الليرة.

ويقول عبد السلام عشي، مندوب مبيعات في شركة منتجات تنظيف، لفرانس برس: "كان بإمكاننا توزيع المنتجات مجاناً لكننا شاركنا في الحملة دعماً للاقتصاد".

على بعد أمتار منه، يوضح سامر درويش، مندوب شركة منتجات غذائية، "نحن نخسر، لكن في النهاية يعود الأمر بالفائدة على اقتصاد البلد".

ويضيف "كلما تحسن الاقتصاد كلما عاد ذلك بالنفع على الشركة".

لم تمر حملة دعم الليرة دون انتقادات، لأنها ليست حلاً للوضع الاقتصادي المتردي أو لارتفاع الأسعار.

وتقول فدوى التي دفعها فضولها إلى زيارة المعرض لفرانس برس: "المبادرة جيدة، لكن تطبيقها للأسف شبه مستحيل لأن الليرة الواحدة منقرضة".

ودعمت محال تجارية عدة الحملة من صالونات الحلاقة إلى المقاهي والمراكز التجارية، ورفع أحدها شعار "لديهم بلاك فرايدي  ونحن لدينا ليرتنا عزتنا".

في إحدى ضواحي دمشق، استعاض صاحب متجر لبيع مساحيق التجميل عن البيع مقابل ليرة واحدة بإعلان تخفيضات كبرى، ويقول: "لا أجد أن البيع بالليرة منطقياً، إنها غير متوفرة" ببساطة.

وتوافقه الرأي زبونة تنتقي مشترياتها بعناية، موضحة أن "تأثير الحملة اجتماعي وليس اقتصادياً".

وعلق أحد متاجر الألبسة النسائية على واجهته لافتةً عليها "اشتر قطعة واحدة واحصلي على الثانية بليرة سورية".

ويعزو محللون تسارع "انهيار" الليرة إلى الأزمة الاقتصادية في لبنان المجاور، أين يودع التجار السوريون ملايين الدولارات في المصارف التي فرضت قيوداً مشددة على السحب والتحويلات في ظل أزمة سيولة حادة.

وتترافق المبادرات الرمزية مع تكثيف السلطات للإجراءات القانونية لملاحقة كل من يتداول بغير الليرة السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" بتوقيف مالكي ثلاث مؤسسات منذ الخميس في دمشق، بعد ضبط تعاملهم بغير الليرة، في إطار سلسلة توقيفات بدأت منذ أسبوعين في محافظات عدة، أعقبت إصدار الرئيس بشار الأسد مرسوماً تشريعياً ينص على تشديد العقوبات ضد كل متعامل بغير الليرة السورية "وسيلة للمدفوعات أو لأي نوع من أنواع التداول التجاري أو التسديدات النقدية، سواءً كان ذلك بالقطع الأجنبي أم المعادن الثمينة".

ورفع المرسوم العقوبة بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن 7 أعوام بعدما كانت تنص على الحبس من ستة أشهر الى 3 أعوام، مع غرامة مالية.

وأغلق مصرف سوريا المركزي، وفق تقارير إعلامية محلية، عدداً من مؤسسات الصيرفة التي لم تلتزم بالقرارات.

وتزامن انخفاض قيمة الليرة مع ارتفاع قياسي في أسعار معظم المواد الغذائية والتموينية، بينها السكر والأرز، فضلاً عن اللحوم، وحليب الأطفال، وغيرها من المنتجات.

ويكرر مسؤولون سوريون الإشارة إلى أن بلادهم تواجه حرباً جديدة تتمثل في الحصار الاقتصادي والعقوبات، بينما يقترب النزاع الدامي، والمدمّر من اتمام عامه التاسع.