نيويورك تايمز: خطة ترامب نقطة البداية أم طريق للنهاية؟
by لندن- عربي21- بلال ياسينتحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها عن خطة سلام الشرق الأوسط للرئيس دونالد ترامب، متسائلة عما إذا كانت هذه الخطة هي نقطة بداية أم النهاية.
وتبدأ الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، بالقول إن "من بين الخطط والمقترحات السلمية لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على مدى العقود الماضية، فإن الظروف التي أعلن فيها الرئيس دونالد ترامب عن خطته يوم الثلاثاء جعلت من الصعوبة التعامل معها بجدية".
وتشير الصحيفة إلى أن "ترامب قدم ما أسماه (رؤية) للسلام في الشرق الأوسط في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض المطلية بالذهب، ووسط موجات من التصفيق قامت به مجموعة مختارة من الحضور، في وقت كانت فيه محاكمته تتردد أصداؤها في الكونغرس".
وتفيد الافتتاحية بأنه "عندما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الواقف إلى جانب ترامب، يعلن بأنه (أعظم صديق لإسرائيل يدخل البيت الأبيض على الإطلاق) كانت أخبار قراره التخلي عن طلب الحصانة ومواجهة المحاكمة في تهم الفساد تتردد في إسرائيل".
وتجد الصحيفة أنه "مع المظاهر كلها فإن (صفقة القرن)، كما تم تقديمها، ليست إلا حرفا للأنظار عن مشكلات يواجهها سياسيان، ومداهنة لقواعدهما من أجل إعادة انتخابهما، نتنياهو في آذار/ مارس وترامب في تشرين الثاني/ نوفمبر، ووصفت كوكبة من المحللين الخطة بأنها جاءت ميتة وما هو أسوأ من هذا فإنها تؤكد تخلي الولايات المتحدة عن دورها بصفتها وسيطا في المستقبل".
وترى الافتتاحية أن "النزاع طال، والمعاناة أيضا، ولا يمكن في هذه الحالة رفض مبادرة جديدة دون النظر إليها، فرؤية تحسين حياة الفلسطينيين والإسرائيليين تم العمل عليها لثلاثة أعوام، حيث قام صهر الرئيس جارد كوشنر ومحاميه السابق جيسون غرينبلات بالتشاور المكثف مع القادة العرب ليدفعوا الرئيس عباس إلى طاولة المفاوضات".
وتقول الصحيفة: "ظاهريا فإن الخطة تبدو أنها قائمة على خطط سلام سابقة، وتحيي حل الدولتين المحتضر، وتغطي معظم الموضوعات -وضعية القدس وأمن إسرائيل والمستوطنات وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وحزمة 50 مليار دولار للاستثمار للفلسطينيين لو قبلوا بالخطة- على افتراض أن تقوم دول النفط العربية الثرية التي جندها ترامب بتمويلها، ومن خلال تسميتها بالرؤية وليس خريطة طريق أو خطة سلام فهي مفتوحة للمقايضات التي يعد الرئيس نفسه عبقريا فيها".
وتلفت الافتتاحية إلى تصريحات ترامب، التي قال فيها إن رؤيته قد تكون "الفرصة الأخيرة" لدولة يمكن للفلسطينيين الحصول عليها، أو أفضل صفقة يمكنهم الحصول عليها، مشيرة إلى أنه "في ضوء وضع الفلسطينيين ومزاعمهم التاريخية بحقهم في الأرض فإن النتيجة قد لا تكون عادلة، لكنها الحل الواقعي، فالفلسطينيون، الذين تفوقت عليهم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وأصبحوا منقسمين، وتجاهل حلفاؤهم العرب قضيتهم، باتوا لا يملكون إلا خيارات قليلة".
وتستدرك الصحيفة بأن "هذه الصفقة سيكون من الصعب حتى بالنسبة لأكثر الفلسطينيين براغماتية قبولها، ويعتقد ترامب أنه يقدم لهم صفقة لا يمكنهم رفضها، لكن بالطبع يمكنهم ذلك، ومن الصعب أن نرى كيف ستفيد هذه النتيجة إسرائيل، على المدى الطويل، ولا يتطلب الأمر إلا إلقاء نظرة سريعة على الخريطة المقترحة لـ(الدولة الفلسطينية)، وقراءة بعض التفاصيل ليعرف أنها لن تكون دولة بالمطلق، بل ستكون مجموعة من الرقع الإثنية سيتم على ما يقال إنه سيتم ربطها بجسور وطرق وأنفاق، وكلها عرضة للإجراءات الأمنية وتحت إشراف إسرائيل، وستكون مشابهة لما هو موجود الآن".
وتفيد الافتتاحية بأن "خطة ترامب تعطي إسرائيل الحق لضم المستوطنات الإسرائيلية كلها ووادي الأردن، فكيف يمكن التعامل مع خطة كهذه بحسن نية في المفاوضات مع الفلسطينيين، حيث قال نتنياهو حالا إنه طلب من حكومته التصويت على قرار الضم نهاية هذا الأسبوع، مع أن التحرك قد يتم تأجيله، وبناء على شروط الخطة، فيطلب من إسرائيل خلال السنوات الأربع تجميد الاستيطان، على الأقل خارج الكتل الاستيطانية، وسواء التزمت بهذه القيود أم لم تفعل ذلك، أو حاول ترامب إجبارها عليها، فإن ذلك سيكون بمثابة امتحان لجدية جهوده".
وتلاحظ الصحيفة أنه "تم تخصيص مساحة أقل بكثير للفلسطينيين، مقارنة مع الخطط السابقة، ومقابل عمليات الضم، قد تتنازل إسرائيل عن مناطق في وسط إسرائيل تعيش فيها الأقلية العربية، وهي خطوة للإمام من جانب القوميين اليهود الذين يريدون تخفيض عدد المواطنين العرب في إسرائيل".
وتنوه الافتتاحية إلى أنه "تم منح القدس كاملة لإسرائيل، فيما منح الفلسطينيون حق إقامة عاصمتهم في الأحياء المحيطة بها، و(الدولة) التي تقترحها الخطة ستظل تحت رقابة إسرائيل، وسيتم الإعلان عنها بعد أربعة أعوام عندما يقوم الفلسطينيون بتطبيق شروط مشددة، وعندها ستقرر إسرائيل إن تم تنفيذ الشروط، أي منحها فيتو على ولادة الدولة".
وتقول الصحيفة إن "رؤية ترامب تعبر عن تبنيه أماني المتطرفين اليهود والمتبرعين الإنجيليين واليهود، وعن موقف يزدري الفلسطينيين، ومع أن الخطط السابقة عبرت عن أهمية تلبية المصالح الأمنية الإسرائيلية، إلا أنها لم تتحدث علانية عن الضم، بل أشارت إلى (تأجير) الأراضي".
وترى الافتتاحية أن "الخطة وتفاصيلها المدروسة واضحة في عدم منح الفلسطينيين أي أمل في السيادة على أرضهم أو تحسين ظروف شعبهم، وعلينا ألا نندهش بعد القرارات التي تم اتخاذها من طرف واحد، مثل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، واعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان، واعتباره المستوطنات الإسرائيلية قانونية بحسب القانون الدولي، وهذه القرارات كلها تخلت عن سياسة التزمت فيها أمريكا منذ عقود وينقصها أي نوع من الإنصاف، ولم يستطع نتنياهو إخفاء فرحه عندما أعلن ودون شك قبوله للرؤية".
وتقول الصحيفة: "لم تكن هناك حاجة لأن تصل الأمور إلى هذا الحد، فعندما وصل ترامب إلى البيت الأبيض وكلف صهره بالعمل على (أقوى صفقة) من بين الصفقات شعر الفلسطينيون بالدهشة، فقد فشلت الإدارات السابقة بعقد صفقة سلام دائم، وبدا حل الدولتين ميتا وغطس في المياه منذ وقت، وأشار مسؤول فلسطيني في حينه إلى أن خلفية ترامب في التجارة وطريقته غير التقليدية هي المطلوب لكسر الجمود، ففي أيار/ مايو 2017 استقبل ترامب عباس في البيت الأبيض، وبعد شهر أخر نقل السفارة لمنح السلام فرصة".
وتشير الافتتاحية إلى أن "هذا كله تغير عندما أصبحت إدارة ترامب تعيش حالة استقطاب، وتعاني من الفوضى والتناحر، وفي كانون الأول/ ديسمبر 2017 عبر الرئيس عن تحول كبير في السياسة، وأمر بنقل السفارة إلى القدس، التي تعد في مركز النزاع بين العرب واليهود، واعتبر التنازل فيها مفتاحا للحل وأصبحت خارج النقاش، وعندما رد عباس غاضبا، وأوقف الاتصالات مع واشنطن، فإن ترامب رد بقطع المساعدات الأمريكية كلها، ومنذ ذلك الوقت لم يكن للفلسطينيين أي رأي في الخطة".
وتلفت الصحيفة إلى أن "الإعلان عن الخطة تم تأجيله نظرا لعدم قدرة نتنياهو على الفوز بغالبية في جولتين انتخابيتين العام الماضي، وهناك جولة ثالثة في 2 آذار/ مارس، وبعد ذلك جاءت الاتهامات ضد نتنياهو، وبالنسبة لترامب، الذي يواجه محاكمة، فإنه كان بحاجة لتعبئة أنصاره، وخلق هالة رجل دولة حول نفسه، ومن هنا تم تجهيز المسرح في الغرفة الشرقية".
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالقول إن "توقيت الإعلان عن الخطة، وتجاهل المصالح الفلسطينية، وسجل ترامب الفقير في عدم متابعة المقترحات الجريئة (كوريا الشمالية مثالا)، لا تبشر ببداية فترة من المحادثات المتعددة الأطراف وتحقيق سلام حقيقي، ومن الواضح أن ترامب أو نتنياهو لم يذكرا المحاكمة في الكونغرس ولا التهم الجنائية أثناء الإعلان عن الخطة، وهذا رهان آمن، وقاما باستغلال أمر له آثاره على النزاع الإسرائيلي الفلسطيني لتحقيق غايات سياسية، وهو ما يكشف عن إساءة حقيقية للسلطة يتهم بها الرجلان".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)