المرأة القطرية.. بروز أثار إعجاب العالم وعانق السماء
خبران مهمان نشرتهما وسائل الإعلام القطرية الأربعاء (29 يناير الجاري)، يفرضان الوقوف عندهما، إذ على الرغم من أنهما يختلفان في الوقع، حيث الأول يحمل الحزن والألم والثاني نقيضه، فإنهما يشيران في الوقت ذاته إلى استمرار سير المرأة القطرية على طريق التقدم والعطاء.
الأول خبر وفاة "شيخة أحمد المحمود" وزيرة التربية والتعليم سابقاً، وهي أول امرأة في قطر تتقلد منصباً وزارياً، أما الخبر الثاني هو تخرج أول فتاة قطرية بصفة طيار مقاتل، هي ملازم طيار "الجازي بنت ناصر محمد النصر".
الوزيرة الراحلة.. مسيرة عمل طويلة
مسيرة طويلة من العمل توجت خلالها الراحلة شيخة آل محمود بكونها أول سيدة قطرية تتقلد منصباً حكومياً في مجلس الوزراء.
شيخة آل محمود واحدة من بناة مراكب التعليم في قطر، بدأت السلم الوظيفي من البداية، حيث عملت معلمة مخلصة وصارمة، وتدرجت في الوظائف، وكانت أول امرأة تصل إلى مركز نائب مساعد لوزير التعليم في قطر، ثم وكيل وزارة التعليم، إلى أن أصبحت أول سيدة في منصب وزيرة.
خلال حياتها المهنية كانت لشيخة آل محمود بصمات واضحة في تعزيز وتطوير المنظومة التعليمية، وأثبتت قدرة المرأة القطرية وكفاءتها التي رشحتها لنيل أرفع المناصب العليا في الدولة.
حصلت الوزيرة الراحلة على العديد من التكريمات، حيث كُرمت باعتبارها شخصية رائدة على مستوى الوطن العربي في يوم المرأة العربية، الذي عقد في دولة الإمارات في فبراير 2002.
واختارتها جامعة قطر لتكون شخصية العام للمسؤولية الاجتماعية لسنة 2018؛ تقديراً لجهودها المبذولة على مدار حياتها المهنية في إلهام الأجيال من خلال العديد من الإنجازات والمبادرات، لا سيما في مسيرتها المهنية التعليمية الممتدة لعقود.
محارِبة في السماء
اليوم الذي توفيت فيه أول وزيرة قطرية، عرفت خلال مسيرتها بأنها محاربة لتطوير المنظومة التعليمية، أعلن تخرج أول قطرية محاربة في السماء، انضمت لسرب الطيارين المقاتلين القطريين.
وأعرب العميد حمد الإبراهيم، قائد كلية الزعيم الجوية في قطر، عن فخره بتخريج أول فتاة قطرية بصفة طيار مقاتل، بعد أن أنهت ساعات الدراسة والتدريب، وأكملت متطلبات التخرج بكفاءة.
وانتشر مقطع فيديو من التلفزيون الرسمي للحظة تخريج الملازم أول الجازي بنت ناصر محمد النصر، لتكون أول فتاة قطرية طيار مقاتل في تاريخ قطر، وتكريم أمير البلاد لها.
ونشر الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني تغريدة عبر "تويتر" تضمنت صورة للفتاة خلال مصافحتها للأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبارك للملازم أول الجازي هذا التخرج، وأعرب عن اعتزاز وفخر جميع القطريين بها.
القطريات بين المحارِبتين
وبين المحارِبة في قطاع التعليم والمحارِبة في السماء، محارِبات قطريات كثيرات غزون مجالات مختلفة كان الرجل فارضاً سطوته عليها.
واحتلت المرأة دوراً بارزاً في هذا البلد الخليجي، وأصبحت تنافس الرجل في أعلى المناصب الإدارية والعلمية، ولم تقتصر على منافسة الرجل وأخذ دورها المستحق في داخل البلاد فحسب، بل على المستوى الخارجي أيضاً؛ من خلال التمثيل الدبلوماسي المثير للإعجاب والاحترام.
وما زالت المرأة في قطر تتوسع في نطاق التخصصات التي تدرسها؛ لتثري بها الدولة في مجالات واسعة تنافس وتواكب بها مجريات العصر.
ومن أبرز ما حققته المرأة القطرية، تعيين الدكتورة شيخة عبد الله المسند رئيسة لجامعة قطر، وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب.
وواصلت المرأة القطرية عملها في المجال الصحي الذي تبوأت به مناصب عليا دللت على نجاحاتها في التطوير والعمل، حيث عينت الشيخة غالية بنت محمد بن حمد آل ثاني وزيرة للصحة.
تَخريج 33 ضابطاً كويتياً من كلية عسكرية قطرية
وفي الصحة أيضاً عينت المرأة القطرية في العديد من المناصب، منها مديرة لمؤسسة حمد الطبية، ومديرة في إدارة التمريض والصيدلة والمراكز الصحية.
ولم يخل مجال القانون من عمل المرأة القطرية، فقد ترأست عدة أقسام في وزارة العدل، وعينت مريم عبد الله الجابر أول وكيل نيابة على مستوى الخليج، في سابقة اعتبرت أيضاً الأولى من نوعها على مستوى دول المنطقة.
وشمل دور المرأة القطرية العمل الدبلوماسي الذي تبوأت به المناصب العليا مؤكدة بذلك مشروعية حقها في تمثيل دولة قطر بالخارج، حيث تم تعيين الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني كأول سفيرة تعمل في منصب المندوب الدائم لدولة قطر لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة بجنيف، ثم أصبحت المندوبة الدائمة لدولة قطر في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
مؤثرة عالمياً
وصلت المرأة القطرية إلى العالمية بتأثيرها وما حققته في مجالات عملها.
وهنا لا بد من الحديث في هذا الشأن عن الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، حيث اختيرت أكثر الشخصيات تأثيراً في الفن، في قائمة المئة لمجلة أرتريفيو.
وتظهر بشكل بارز في "تايم 100"، وقائمة "فوربس لأقوى 100 امرأة في العالم".
سمعة الشيخة المياسة العالمية جاءت من خلال ترؤسها هيئة متاحف قطر، التي تعتبر اليوم واحدة من أبرز المراكز الثقافية في العالم، فضلاً عن أنها ترأس مؤسسة الدوحة للأفلام، التي عقدت شراكة مع مهرجان "تريبيكا" السينمائي لإنتاج العديد من التكرارات السنوية لمهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي.
نجاحات في قطاع المال
الاقتصاد والمال والمشاريع والاستثمار كانت مجالات تحدت فيها المرأة القطرية نفسها، فحققت نجاحات كبيرة.
حيث أدارت الشيخة هنادي بنت ناصر آل ثاني شركة الاستثمار الأولى التي أنشئت في المنطقة، وأسست رابطة سيدات الأعمال القطريات، ووصلت إلى مناصب إدارية مهمة في مجال الأعمال، محققة الكثير من النجاحات والتميز المالي الإداري في العمل.
وسبق أن اختارت الجمعية الدولية لتطوير كليات إدارة الأعمال (AACSB International) الشيخة هنادي بنت ناصر، إحدى الشخصيات القيادية المؤثرة عام 2018، عن فئة الخريجين من قادة الأعمال العاملين في المنظمات غير الربحية أو المجتمعية، وذلك ضمن مجموعة من 29 شخصية من رواد الأعمال حول العالم.
قطاع السياحة شهد نجاح المرأة أيضاً، حيث شاركت المرأة القطرية في الفعاليات السياحية التي تنظمها الدولة وهيئة متاحف قطر وكتارا للضيافة.
ونجحت كثيراً في مجالات الفنون المختلفة والإعلام، واستمرت به إلى أن شغلت المناصب الكبرى في مجال الإعلام المرئي والمسموع. بالإضافة إلى أن للمرأة القطرية دوراً مهماً في العمل التطوعي الخيري.
نجاح في السلك الدبلوماسي
تظهر المرأة القطرية براعة في العمل الدبلوماسي، نال احتراماً دولياً واسعاً، وهنا تبرز الشيخة علياء بنت أحمد بن سيف آل ثاني، ممثل دولة قطر الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف.
شغلت الشيخة علياء منصب سفير في ديوان وزارة الشؤون الخارجية منذ أغسطس 2011. وعملت في البعثة الدائمة لقطر لدى الأمم المتحدة في نيويورك، من أبريل 2007 إلى يوليو 2011، أولاً كمستشارة، ثم وزيرة مفوضة، ثم نائبة الممثل الدائم هناك.
وبالإضافة إلى العديد من المناصب التي تولتها، مثلت دولة قطر في العديد من اجتماعات الأمم المتحدة في لجنة المرأة ولجنة التنمية الاجتماعية والجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ولجنة حقوق الإنسان.
وعند الحديث عن الدبلوماسية القطرية لا بد من التطرق إلى لولوة بنت راشد الخاطر، المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية القطرية، ومساعدة وزير الخارجية، بحسب قرار أمير البلاد رقم 56 لسنة 2019.
ونالت "الخاطر" إعجاب الكثيرين بأسلوبها في الحوار والطرح والتصريحات التي تعكس سياسة بلدها، خصوصاً خلال الأزمة الخليجية المشتعلة منذ صيف 2017.
وقبيل تعيينها كمتحدث رسمي، انضمت لولوة الخاطر إلى وزارة الخارجية بمنصب وزير مفوض، وسبق لها تسنم العديد من المناصب.
وإلى جانب مهامها الرسمية، عملت لولوة الخاطر محللة مستقلة للسياسات العامة، وعملت أيضاً محاضرة في معهد الدوحة للدراسات العليا، وهي باحثة مشاركة في منتدى أوكسفورد لدراسات الخليج والجزيرة العربية، وعضوة مجلس إدارة في معهد الدراسات الفلسطينية.
حقوق المرأة القطرية
في ديسمبر 2018، قالت رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي، البرازيلية غابرييلا كويفاس بارون، خلال زيارتها إلى قطر، إن القوانين والتشريعات القطرية أعطت المرأة كامل حقوقها، وفتحت لها مجالات الإبداع والوصول إلى المناصب القيادية في مختلف مناحي الحياة.
وبحسب إحصائيات وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية، تتجاوز نسبة النساء القطريات في أماكن العمل الـ 37% في الفئة العمرية من 25 إلى 29 سنة، وتزداد هذه النسبة إلى 49% في الفئات العمرية من 30 إلى 34 سنة.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن تمثيل المرأة القطرية في مناصب صنع القرار يتخطى حاجز الـ30% في الوقت الحالي.
ودخلت المرأة القطرية مجلس الشورى لأول مرة بموجب قرار أميري في 9 نوفمبر 2017، بتعيين 28 عضواً جديداً في مجلس الشورى، بينهم 4 سيدات.
وعن مشاركة القطريات في المجالات الثقافية والإعلامية، كشف تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن قطر تبدي اهتماماً ملحوظاً بمختلف مناحي الحياة الثقافية كإنشاء المكتبات والمتاحف والمسارح ومراكز الفنون، ودعم دور النشر والمجلات الثقافية وتنظيم عشرات المهرجانات والفعاليات الثقافية والرياضية والاجتماعية على مدار السنة.
وذكر التقرير أن عدد الكاتبات القطريات يزيد على 70 كاتبة. وتعمل عشرات النساء القطريات في مجال الإعلام، والتمثيل، والمسرح، والفن التشكيلي، وغير ذلك من الفنون.