https://t1.hespress.com/files/2019/04/jrada_ovriers_charbon3_280007997.jpg

سيدي بوبكر .. قرية مغربية شيدت ربع فرنسا بخيرات باطنية هائلة

by

قد لا يعرف كثير من المغاربة موقع بلدة "سيدي بوبكر" على خريطة المملكة، وقد لا يكون معظمهم قد سمعوا عنها أبدا، عدَا الذين قرؤوا خبر عودة عمّال الساندريات مؤخرا إلى مزاولة نشاطهم في هذه البلدة الواقعة نواحي مدينة جرادة.

كانت "سيدي بوبكر" مدينة قائمة بذاتها، تضمّ مصانع ضخمة لتكرير المعادن المستخرجة من باطنها، وتتمتع ببنية تحتية صلبة، وتتوفر على مرافق عديدة، منها مدرسة وكنيسة ومسبح كبير ومتجر ممتاز، لكنّ قُدر لها أن تتحوّل إلى بلدة بئيسة، مباشرة بعد أن غادرها الفرنسيون.

بالصدفة اكتُشفت الخيرات الهائلة التي يحويها باطن قرية سيدي بوبكر إبان فترة الحماية، حيث مرّ من منطقة محاذية لها جيولوجي فرنسي يسمّى جون والتر، ممتطيا صهوة جواده، بمعيّة رفيق له، هذا الأخير لمَح حجرا يلمع على الأرض، فنزل من على حصانه وحمل الحجر، فاكتشف بخبرته أن المنطقة تضم معادن.

هذه الرواية يرويها سكان قرية سيدي بوبكر، ومنهم هشام، أحد أبناء القرية الواقعة على الحدود المغربية الجزائرية، الذي قال إنّ جون والتر فضل إكمال الطريق إلى أن وصل إلى المنطقة التي توجد بها الآن قرية سيدي بوبكر، حيث اكتشف أن هذه المنطقة توجد بها معادن.

ما تزال أطلال مصانع تكرير المعادن الضخمة شاهدة على العصر الذهبي لقرية سيدي بوبكر، التي كانت يوم عمّرها الفرنسيون مدينة يسمّونها "La terre riche" (الأرض الغنية)، وفق رواية هشام، مضيفا بكثير من الحنين إلى الماضي أن "الرّْبع ديال فرنسا تّْبنا بالرزق ديال هاد البلاد".

وينقلُ عن والده الذي كان يعمل في قرية أو مدينة سيدي بوبكر إبان تواجد الفرنسيين بها قوله إنّه "حين كان يعود إلى بيته كانت ملابسه تعبق برائحة الورد الذي كان يزين جنان القرية"، قبل أن يشير إلى أنّ القرية التي تدهور وضعها، كانت تضمّ مسبحا ما زالت آثاره قائمة، ومدرسة، وسوقا ممتازا كبيرا، وكنيسة تحوّلت اليوم إلى مقهى.

وإلى جانب آثار المرافق الاجتماعية، ما زالت أطلال المصانع الضخمة صامدة في مكانها، رغم تعرضها للتخريب والسرقة، فكلّ ما كان قابلا للسرقة سرق، وبالرغم من أنّ المشهد العام للمكان ما زال مبهرا، فإنّ الوضع الذي كان قائما في الماضي، كان أكثر إثارة للانبهار، يقول هشام ثم يمد يده ويسحب هاتفه مستعرضا مقطع فيديو قديما لأيام سيدي بوبكر الخوالي يؤكد به كلامه.

ويُضيف بحسرة: "هاد البلاد كانت كتصدّر الّلوكس ديال الفضة، لكن حين غادر الفرنسيون عام ستة وسبعين من القرن الماضي، سُرق كل شيء"، قبل أن يُعيد التذكير بأن "ربع فرنسا بني بفضل خيرات سيدي بوبكر".