إندبندنت: صفقة القرن أم "الطريق إلى الأبارتايد"؟
by لندن- عربي21- باسل درويشنشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للصحفية بيل ترو، تقول فيه إن دونالد ترامب وصديقه الحميم بنيامين نتنياهو أطلقا ما وصفاه بأنه "فرصة القرن" لحل أصعب صراع في زمننا الحالي.
وتشير ترو في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أصواتا صدرت عن كل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ومعظم دول الخليج، تنم عن التأييد لخطة السلام المؤلفة من 181 صفحة، بصفتها بداية لمحاولة العودة إلى مفاوضات السلام التي ماتت منذ زمن.
وتستدرك الكاتبة بأن "القيادة الفلسطينية المنقسمة شجبت في لحظة نادرة من الوحدة الخطة، ووصفتها بأنها (سخيفة) و(مؤامرة)، وقالت المنظمات الحقوقية الإسرائيلية بأنه بدلا من بناء السلام، فإن الخطة (جاءت بالأبارتايد)، وقال أحدهم إن الخطة كانت (منفصلة عن الواقع بالمقدار ذاته الذي كانت فيه لافتة للانتباه)، إذن ما هي هذه الخطة؟".
وتقول ترو: "هذه الوثيقة الكبيرة، التي تسببت باستقطاب الآراء بشكل درامي، مفصلة من بعض النواحي، وفي جزء منها، وبعد 100 صفحة، تحدد تمويلا لفترات تدريب مدتها عام لفلسطينيين في الخارج".
وتلفت الكاتبة إلى أنه "في أجزاء أخرى تمر مرورا سريعا على بعض أصعب القضايا التي تقع في لب الصراع، مثل ماذا يمكن فعله بالنسبة لأكثر من خمسة ملايين لاجئ مسجلين وموزعين في أنحاء العالم، الذين حافظوا على مدى عقود على حق العودة بصفته أملا قريبا من قلوبهم، فيما هناك قلة ستناقش بأن هذه الوثيقة هي الأكثر تأييدا لإسرائيل لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تخرج من البيت الأبيض".
وتفيد ترو بأن "القدس ستكون العاصمة غير المقسمة لإسرائيل، وسيكون بإمكان إسرائيل ضم وادي الأردن والمستوطنات كلها تقريبا في الضفة الغربية، مع أنها غير شرعية في القانون الدولي، وسيكون هناك تبادل أراض، ووضع حد لتمدد المستوطنات، لكن عدا ذلك، فإنها يبدو أنها تتماشى مع معظم المطالب الإسرائيلية".
وتجد الكاتبة أنه "لذلك فإن نتنياهو وافق على توقيع الوثيقة وسماها (أفضل خطة لإسرائيل وأفضل خطة للسلام)، لكن هذا هو السبب بأنه محكوم عليها أن تبقى مجرد (رؤية)، فالفلسطينيون رفضوها بشكل كامل، وبدلا من ذلك فهي تخدم هدفا آخر، فالخطة تقوض مبادئ السلام التي تم قبولها سابقا، واللغة المستخدمة إلى الآن تتسبب لتلك المبادئ بأضرار لا يمكن إصلاحها، وبإعادة تأطير شروط الصراع، تثير تحولا نموذجيا في المواقف تجاه ما يجب أن تكون عليه قواعد الصراع".
وتبين ترو أن "خطة السلام، على خلاف ما كان عليه المؤتمر الاقتصادي الذي عقده زوج ابنة الرئيس جاريد كوشنر في البحرين، ترتكز الرؤية فيها إلى حل دولتين، وهي الطريقة المقبولة على نطاق واسع، لكن الخطة هي أن ما يشكل (دولة) بالنسبة للفلسطينيين يجب أن يتغير، وكذلك فكرة تقرير المصير.
وتقول الكاتبة: "(السيادة عبارة عن مفهوم غير متبلور تم تطوره مع الوقت)، هكذا يبدو الجزء الذي يتحدث عن مستقبل الدولة الفلسطينية، التي لن تكون لها سيطرة على حدودها ولا أمنها الداخلي ولا بحرها ولا جوها، وتقول الخطة إن أمن إسرائيل يأتي أولا تحت (قضايا إجرائية وبراغماتية)".
وتبين ترو أنه "إن وافق الفلسطينيون على توقيع الاتفاقية، فإنه يمكن للدولة الفلسطينية أن تستفيد من مبلغ 50 مليار دولار استثمارات على مدى العقد القادم، ومع أن الخطة لا توضح من أين ستأتي تلك الأموال، إلا أن الشق الاقتصادي يحتوي على مجموعة من الاستثمارات في المستشفيات ومرافق النفايات والشوارع والصناعات والتعليم، وكذلك في إسرائيل وجيران فلسطين، من طرق إلى لبنان ومحطات توليد في سيناء وتحلية مياه في الأردن".
وتستدرك الكاتبة بأنه "عدا عن هذه الجزرة يبدو أن الباقي عصي، ومن الصعب رؤية كيف يمكن للدولة الجديدة أن تكون لها أي سيادة".
وتنوه ترو إلى أن منظمة الحقوق الإسرائيلية "بيتسليم" تذهب إلى حد أن تقارن رؤية ترامب ببانتوستانات جنوب أفريقيا العنصرية، وقالت إنه سيتم "حصر الفلسطينيين في جيوب صغيرة مغلقة منعزلة دون أي سيطرة على حياتهم"، فيما قالت مجموعة أخرى هي، منظمة "كسر حاجز الصمت": "إن الاتفاقية تقوي الاحتلال والتشرذم والتمييز، وهو ما يعني الفصل العنصري".
وتذكر الكاتبة أنه بحسب الخطة، فإن القوات الإسرائيلية تستمر في وجودها داخل فلسطين، التي ستكون منزوعة السلاح، فتلك القوات ستكون هي التي تسيطر على المعابر الدولية للبلد كلها، فيما لن يسمح لفلسطين، التي ليس لها واجهة بحرية في غزة، بأن تكون لها موانئ بحرية، لكن محطات خاصة في كل من حيفا وأشدود والعقبة إن وافق الأردن.
وتفيد ترو بأن "الأجواء الفلسطينية ستكون تحت السيطرة الإسرائيلية، ولن يكون هناك مطار فلسطيني، وستمنع القوات البحرية الإسرائيلية الأسلحة أو المواد التي يمكن أن تستخدم لتصنيع الأسلحة، من دخول فلسطين، ويتضمن ذلك عمليا بعض الكابلات التي تستخدم للألواح الشمسية والممنوعة؛ بحجة (الاستخدام المزدوج) بالرغم من عدم وجود هدف عسكري".
ونقول الكاتبة إنه "يحق لإسرائيل أن تجتاح أراضي فلسطين، التي لن تكون لديها قوات مسلحة، ولا يمكن استمرار تمدد المستوطنات الإسرائيلية، لكن هدم البيوت الفلسطينية يمكن أن يستمر إن رأت إسرائيل أن البناية تشكل خطرا على السلامة، أو عقابا على العمليات الإرهابية".
وتشير ترو إلى أن الوثيقة تشكك في تعريف اللاجئ، وتمنع حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل، وفي بند فرعي في الصفحة 43 تشترط الوثيقة على السلطة الفلسطينية أن تسحب الدعاوى المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية وغيرها من المحاكم كلها، لافتة إلى أن محكمة الجنايات الدولية قالت حديثا إنها ستقوم بالتحقيق في جرائم حرب ارتكبت في الأراضي الفلسطينية.
وتستدرك الكاتبة بأن الشكل النهائي للدولة هو ما يقول الكثير عن الخطة، فخارطة ترامب التي نشرها على حسابه في "تويتر،" تظهر شكل جنين كجزيرة مثقوبة محاطة بإسرائيل، وأراضي غزة المنفصلة عنها، وخيطا من القرى إلى جنوبها، وسيتم وصل هذه المناطق بممرات قد يتم تحويلها إلى سكك قطارات سريع.
وتلفت ترو إلى أن عاصمتها لن تكون القدس -وهو طلب رئيسي للفلسطينيين الذين يريدون العودة إلى حدود عام 1967-، وبدلا من ذلك ستكون العاصمة في طرف من أطراف القدس الشرقية تقع حاليا خلف الجدار الإسرائيلي.
وتذكر الكاتبة أن المنظمات الحقوقية انتقدت الخطة بالمقدار ذاته الذي انتقدها فيه الفلسطينيون، وقالت "أوكسفام" إنها "تقوض فرص سلام عادل ودائم"، في الوقت الذي تخرق فيه القانون الدولي، وقالت منظمة السلام الآن الإسرائيلية، إن الخطة لن تجلب الاستقرار، لكنها تعطي "ضوءا أخضر لإسرائيل لضم المستوطنات مقابل دولة فلسطينية مثقبة".
وتنوه ترو إلى أن أول ما قام به نتنياهو بعد إعلان الخطة، هو أن أعلن أنه سيطرح مقترح ضم المستوطنات خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي القادم، وتم دعم ذلك ابتداء من السفير الأمريكي لإسرائيل ديفيد فريدمان، الذي تراجع يوم الأربعاء عن تحمسه قليلا، وقال إن على أمريكا وإسرائيل أن تشكلا لجنة لتحديد التفاصيل أولا قبل القيام بشيء، "لكن يبدو أن الضم سيتم حتما في وقت قريب".
وتختم الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أن فريدمان، الذي رفض المقارنة مع نظام "الأبارتايد"، أصر على أن إدارة ترامب فعلت ما لم تفعله أي إدارة من قبل بطرحها "عرض متماسك"، وقال: "ليس كلاما دبلوماسيا بل هو عرض حقيقي موثق... لإقامة دولة فلسطينية بحدود معروفة... لا أعتقد أن أي رئيس آخر فعل أكثر من هذا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)