https://24.ae/images/Articles2/2020131144129505V3.jpg
محتجون في ساحة النور في طرابلس اللبنانية.(أرشيف)

حقائق مزعجة..لهذه الأسباب فشلت الانتفاضة في لبنان

by

رأى بلال صعب الباحث البارز في "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن، أنه بمعيار أي تقييم موضوعي، فإن الحركة الاحتجاجية في لبنان قد فشلت، وهذا وليس بالضرورة بمثابة اتهام لها، وإنما حقيقة لا يمكن أحداً تجاهلها ولا يجب أن يقوم بذلك، معتبراً أن المسؤولية تقتضي محاولة فهم ما حدث من أخطاء، على رغم مئة يوم من التظاهرات في أنحاء مختلفة من البلاد، بما فيها العاصمة بيروت.

حزب الله هو مشكلة كبيرة لأنه خطف سياسات البلد ولأنه يأتمر فقط بقوة أجنبية. لكنه ليس السبب الأساسي لنظام فاشل لم يحقق سوى الخراب السياسي

بداية يواسي صعب المنتفضين، مذكراً بأن اللبنانيين يدركون بأنه مر التاريخ، فشلت معظم الانتفاضات والثورات في تحقيق أهدافها. وحتى عندما كانت تنجح، لم تكن تستمر نجاحاتها طويلاً وكان يجري قلبها بسبب ثورات مضادة، خارجية ومحلية أو بسبب مخربين آخرين، من الداخل والخارج على حد سواء.

الرؤية والتنظيم

ورأى أنه ليس غريباً أن يكون المحتجون اللبنانيون قد أخطؤوا، فمعظم الآخرين عبر التاريخ لم يكونوا قادرين على تحقيق أهدافهم لأنهم لم يزاوجوا بين رؤيتهم والتنظيم. ولم يكونوا متحدين وفي بعض الأحيان ويفتقرون إلى الأعداد الكافية (علماً أن العلاقة بين الحجم والنجاح في هذا السياق مسألة معقدة). كذلك، لم تكن توقعاتهم واقعية، كما أن استراتيجياتهم للتغيير، بين تكتيكات سلمية أو عنفية، ونشاط مركزي أو لامركزي، وقيادة أو دون ثيادة، التفاوض مع الحكومة أو رفضه، كلها كانت غير فعالة.

استثناءات

كذلك، ولكن مع أن عيوب المحتجين وديناميات الانتفاضة هي أشياء عادية، ثمة أخرى استثنائية. فبخلاف الكثير من الانتفاضات الأخرى، لم يواجه لبنان عنفاً أو قوى قمعية في الداخل والخارج. وزادت قوى الأمن من قمعها للمحتجين في وقت متأخر، وأخفقت في أوقاتٍ أخرى في حمايتهم من التظاهرات المضادة لحركة أمل وحزب الله. لكن مقارنة مع مع الحالات الدموية في مصر وسوريا ودول أخرى في المنطقة، يمكن الاستنتاج أن الانتفاضة اللبنانية حظيت ببيئة أمنية متسامحة نسبياً. فلا ديكتاتور مجنوناً في بيروت ولا جيوش أجنبية تعمل على قمع الانتفاضة. طبعاً هناك حزب الله الذي يملك كل مصلحة في مواجهة أي تغيير قد يشكل تحدياً لهيمنته السياسية والحكم الذاتي الذي يتمتع به عسكرياً، ولكن بسبب مصالحه البراغماتية الخاصة، امتنع عن استخدام العنف، على الأقل بشكل ممنهج، لوضع حد لنشاط المحتجين. وفي هذا المجال، فإن المتظاهرين اللبنانيون قد تفادوا لحسن الحظ القاتل الأكبر لكل التظاهرات ألا وهو استخدام القوة الوحشية من قبل السلطات وداعميها.

حقائق مزعجة

ومع ذلك، رأى أن المحتجين كانوا غير قادرين على تحقيق مطالبهم. متسائلاً: هل كان ذلك بسبب عدم وجود المتغيرات المذكورة أعلاه؟ من المؤكد أن هذا جواب واحد، لكنه جواب جزئي ومخادع. ولدي شكوك حتى أنه لو كان المحتجون اللبنانيون يتمتعون بتنظيم محكم، وقائد كاريزماتي، وبرنامج موثوق، ووحدة قوية، واستراتيجية فعالة، وأعداد كبيرة، ما كانوا سيستطيعون "طرد كل الأوليغارشية من البلد"، وفق ما يريدون، وتنصيب مؤسسة سياسية جديدة بديلة عنها. هذا لأن الانتفاضة اللبنانية قد كشفت عن بعض الحقائق المزعجة حول البلد الذي دفن لفترة من الزمن.

أين الآخرون؟

وقال إنه لا يفترض أن اللبنانيين يستأهلون سوء الحظ الراهن، مضيفاً: "لا شيء في الانتفاضة كان حتمياً أو كان يمكن تجنبه. صحيح أن شريحة كبيرة من اللبنانيين قد استفاقت وأدركت كم هي متعفنة تلك السياسات في البلد، لكن حتى في أفضل الأيام، فإن عديد المشاركين في الحركة الاحتجاجية قد بلغ مليوناً. وهذا شيء مؤثر، لكنه لا يزال أقل من ربع عدد سكان لبنان. ماذا عن الثلاثة أرباع الآخرين؟ لا يمكنني أن أجزم ما هي أفكارهم ومشاعرهم حيال الانتفاضة. وأنا متأكد من أن البعض، يتعاطف مع مطالبها لكنه لا يستطيع أن ينزل إلى الشارع لأسباب مختلفة. لكن الآخرين، وهم الغالبية، يريدون للانتفاضة أن تنتهي. والمنتقدون والمشككون والمحتجون على الوضع الراهن، متضررون اقتصادياً مثل معظم الناس. لكنهم غير مستعدين لإدانة واقتلاع النظام الطائفي وكذلك النظام الاقطاعي. هذا ما عرفوه في حياتهم. هم ببساطة غير راغبين في البدء من جديد بأسس جديدة وغير مختبرة".

حزب الله

وأضاف أنه هناك أيضاً أم الحقائق المزعجة، وهي أن لبنان لا يعيش هذه الفوضى بسبب حزب الله. "لكن لا تخطئوا الحكم عليي، إن حزب الله هو مشكلة كبيرة لأنه خطف سياسات البلد ولأنه يأتمر فقط بقوة أجنبية. لكنه ليس السبب الأساسي لنظام فاشل لم يحقق سوى الخراب السياسي والإفلاس السياسي. هذا إخفاق لبناني جماعي، ونتيجة فهم لدى الطبقة السياسية يقوم على أن حزب الله يؤيد الفساد الواسع لزعماء الطوائف الآخرين، وهو يحصل على السيطرة على شؤون الحرب والسلام، ملقياً بذلك بمفهوم المساءلة من النافذة".