«فرص عمل بالآلاف يرفضها الشباب».. نسب وأرقام صادمة يوضح أسبابها الخبراء
by أسامة حمدي- «الإحصاء»: 2.7% بالقطاع الخاص لهم عقد عمل قانوني.. و1.5% تأمين صحي.. وأعلى ساعات عمل
- «أبو عيطة»: غياب الأمان الوظيفي والتأمينات وتدني الرواتب والفصل التعسفي «السبب»
- وزير القوى العاملة الأسبق: التنظيم النقابي يكافح الفساد والإضراب ويزيد الإنتاج ويحل المشكلة قبل نشأتها
«وهب الله»: القانون الجديد يقضي على «استمارة 6».. وتثبيت العمال فور مرور 4 أعوام
«برلماني»: إنشاء محاكم عمالية لنظر قضايا العمال.. والفصل من العمل بـ«حكم قضائي»
- «سعفان»: انخفاض البطالة لـ7.5%.. وتعيين 100 ألف.. وصرف العلاوة 10%
كل يوم تعلن وزارة القوى العاملة عن ملتقيات توظيف للشباب، موفرة من خلالها آلاف فرص العمل، كما تستمر شركات ومصانع القطاع الخاص في الإعلان عن حاجتها لعاملين؛ لكن هناك عزوفا كبيرا من الشباب عن العمل في القطاع الخاص، لعل أبرز أسبابها غياب الاستقرار الوظيفي، وعدم التزام القطاع الخاص بقانون العمل رقم 12 لسنة 2003 من حيث مكافآت نهاية الخدمة والمعاشات والتأمين الصحي والاجتماعي، وكذا الفصل التعسفي للعمال وإجبارهم على توقيع استقالة مسبقة «استمارة 6»، وتدني الأجور، وظروف بعض المهن غير الآدمية، وثقافة «الوظيفة الحكومية» الراسخة في مجتمعنا.
وانتبهت الحكومة ومجلس النواب، إلى بعض الأسباب المتعلقة بعزوف وابتعاد الشباب عن العمل في القطاع الخاص، ولذا تم صياغة بعض الضمانات في مشروع القانون الجديد أهمها؛ إنشاء محاكم عمالية بالمحافظات للنظر في مشكلات العمال وسرعة البت فيها، وكذا القضاء على «استمارة 6» من خلال دخول الجهة الإدارية كطرف ثالث في العقد لا ينتهي (العقد) إلا بموافقتها.
وتناقش «بوابة أخبار اليوم» في سياق التحقيق التالي الأسباب والحلول، كما نكشف عن أرقام صادمة حول العمل اللائق في مصر من حيث معايير العمل الدائم، والتأمين الصحي والاجتماعي، وعقد العمل القانوني، ومتوسط ساعات العمل، وكذا نلقي الضوء على جهود وزارة القوى العاملة لحفظ وضمان حقوق العمال بالقطاع الخاص.
بيانات صادمة من «الإحصاء»
أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مؤخرا، مؤشرات العمل اللائق في مصر للحصول على الحقوق الأساسية للعاملين وخاصة حقهم فى العمل اللائق والكرامة، وتعزيز الفرص للجميع للحصول على فرص عمل منتجة في ظروف من الحرية والمساواة والأمن والكرامة.
وطبقًا لمنظمة العمل الدولية، يتضمن العمل اللائق فرص عمل مناسبة، وتوافر أجور عادلة، وضمان اجتماعي للأسر، وإتاحة إمكانيات أفضل لتطوير الفرد وتحقيق الإدماج الاجتماعي، وإتاحة مساحة من الحرية للأفراد للتعبير عما يشغلهم، والمساهمة والمشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم، وتحقيق التكافؤ في الفرص والمساواة في المعاملة بين الرجال والنساء.
وذكر الإحصاء، أن فكرة العمل اللائق تتضمن عددا من العناصر أهمها؛ ديمومة العمل (العمل الدائم)، ويبلغ 70.8% من العاملين بأجر يعملون في عمل دائم من إجمالي العاملين بأجر.
وسجلت نسبة العاملين فى عمل دائم بالقطاع الحكومي أعلى نسبة حيث بلغت 98.5% يليها العاملين فى القطاع العام والأعمال العام بنسبة 97.3%، وسجلت أقل نسبة للعاملين في عمل دائم في القطاع الخاص (خارج المنشآت) بنسبة 25.9%.
ويشير الإحصاء، إلى أن الحماية الاجتماعية والصحية للعاملين لها أثر كبير في إحساس العمال بالاستقرار والأمان، حيث تشير نتائج البحث إلى أن 48.1% من العاملين بأجر مشتركين في التأمينات الاجتماعية من جملة العاملين بأجر.
وبلغت نسبة العاملين المشتركين في التأمينات الاجتماعية في القطاع الحكومي لتصل إلى 97.1% من جملة العاملين بأجر في القطاع الحكومي، ثم العاملين بالقطاع العام والأعمال العام بنسبة 93.1 %، بينما كان العاملين بالقطاع الخاص (خارج المنشآت) هم الأقل نسبة حيث بلغت 9.6% من جملة المشتركين في هذا القطاع.
أما العاملين بأجر المشتركين في التأمين الصحي فتبلغ النسبة 42.1 % من جملة العاملين بأجر.
وبلغت نسبة العاملين المشتركين في التأمين الصحى فى القطاع الحكومى 96.9% من جملة العاملين بأجر يليها العاملين بالقطاع العام والأعمال العام بنسبة 92.3% ثم الاستثماري بنسبة 73.3%، وتبلغ هذه النسبة 23.9% بين العاملين فى القطاع الخاص (داخل المنشآت)، بينما سجل القطاع الخاص (خارج المنشآت) أقل نسبة للعاملين المشتركين فى التأمين الصحى حيث بلغت النسبة 1.5% من جملة العاملين بأجر في هذا القطاع.
وكشف الإحصاء، أن العناصر الأساسية للعمل اللائق تتضمن توافر عقد عمل قانوني مكتوب بين العامل وصاحب العمل، وتشير مؤشرات بحث القوى العاملة لعام 2018 إلى أن 44.8% من العاملين بأجر يعملون بعقد قانوني من جملة العاملين بأجر.
وبلغت نسبة العاملين بعقد قانونى فى القطاع الحكومى 96.1% ويليها العاملين بالقطاع العام والأعمال العام بنسبة 92.9%، ثم العاملين بالقطاع الاستثماري بنسبة 80.6% ثم العاملين بالقطاع الخاص (داخل المنشآت) بنسبة 31.1%، وتصل هذه النسبة إلى أقل مستوياتها بين العاملين فى القطاع الخاص (خارج المنشآت) حيث تبلغ 2.7% من جملة العاملين بأجر في هذا القطاع.
ويضيف الإحصاء، أنه من العناصر الأساسية للعمل اللائق متوسط عدد ساعات العمل في الأسبوع، وتشير البيانات إلى أن متوسط عدد ساعات العمل الإسبوعية يصل أعلى مستوياته بين العاملين في القطاع الخاص (داخل المنشأة) حيث يبلغ 50.4 ساعة ثم يليه القطاع الاستثماري 49,9 ساعة، ويليه القطاع العام والأعمال العام 45.0 ساعة بينما ينخفض هذا المتوسط إلى 41.6 ساعة بالقطاع الحكومي.
«أبو عيطة» يوضح الأسباب
في البداية يقول كمال أبو عيطة، وزير القوى العاملة الأسبق، في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، إن الشعب المصري يميل إلى العمل ويحبه لكن بشرط توافر بعض الضمانات التي تشجع على العمل؛ وأهمها الأمان الوظيفي والذي يفتقد له سوق العمل في مصر الآن، مضيفا أن عدم الاستقرار الوظيفي هو ما يجعل الشباب يهرب من القطاع الخاص، ولو أعطينا قدرا من الأمان الوظيفي للقطاع الخاص كالممنوح للقطاع العام سيقبل الشباب بشدة عليه.
وتابع «أبو عيطة»، حديثه قائلا: «كثير من ملتقيات التوظيف التي تنظمها وزارة القوى العاملة لا تؤدي في النهاية لشيء، فصاحب العمل يذهب للوزارة في محاولة منه للاقتراب من الحكومة طمعا في بعض المميزات والمكاسب أو إثبات الوطنية في سلوكه، وعندما يستلم العمال يجدوا أنفسهم أمام واقع مغاير لما قاله للحكومة في ملتقى التوظيف، حيث يفاجئوا بساعات عمل أكبر وأجر أقل وشروط عمل غير لائقة وغير عادلة!».
وأشار إلى أنه إذا تم توفير الأمان الوظيفي من خلال قانون عادل؛ فالعامل سيعطي ويبدع خاصة أننا شعب يحب العمل ويكره الكسل وقيمة العمل راسخة في ثقافتنا، مؤكدا أن هناك بعض الأعمال تُطرح على الشباب تعتبر أعمال غير لائقة ولا تتوافر بها أبسط شروط الأمان الوظيفي فالناس تنفض عنها.
وذكر وزير القوى العاملة الأسبق، أن أعلى نسبة بطالة في مصر حملة الماجستير والدكتوراه، يليها المؤهلات العليا، ثم المؤهلات المتوسطة، يليها بدون شهادات فتكاد تختفي لديهم البطالة لأنهم يعملون في أي أعمال، مؤكدا أن الدولة الوطنية لا تُبنى إلا بالعلم، وترك نسب البطالة في المؤهلات العليا وما بعد العليا؛ مؤشر خطير على قيمة العلم والإقبال عليه.
ولفت إلى أن القانون السابق رقم 47 لسنة 1978 للعاملين بالدولة كان يلزم صاحب العمل بترقية الموظف للمؤهل العالي الذي حصل عليه، لكن قانون الخدمة جعل المسألة «جوازية» وليست إجبارية على صاحب العمل، علما بأنه في القانون القديم فلسفة التشريع بها لمصلحة العمل وليس العامل وحده.
وأوضح أنه على الرغم من قيام ثورتين في مصر فإن قوانين العمل تزداد رجعية وذلك نتيجة وجود طرف واحد في المشهد وهو أصحاب العمل، ويفرض هذا الطرف شروطه على العمال، ويساعدهم على فرض شروطهم هو أن العمال بلا نقابات حقيقية تدافع عنهم، مؤكدا أن النقابات أحد وسائل مقاومة الإرهاب ومكافحة الفساد وزيادة الإنتاج، مضيفا أن العمل النقابي يحل مشكلات العمل قبل أن تنشأ ويختفي الإضراب والفوضى، حيث يعمل على حلها قبل أن تنشأ.
وذكر أن العمل النقابي مهم للغاية لبناء الأوطان، مؤكدا أنه لو يوجد عمل نقابي والقانون «أعرج» النقابات تعدل «المعوج»، وعلى النقيض من ذلك في أي بلد لو كانت التشريعات جيدة في وقت لا توجد نقابات فلا تطبق هذه القوانين، موضحا أن أداة الدفاع عن الحقوق للعاملين بأجر هي النقابات، وغياب دور النقابات في الدفاع عن حقوق أبنائها هو أحد أسباب ظاهرة العزوف عن العمل.
وأشار «أبو عيطة»، إلى أن فرص العمل في القطاع الخاص تعد الأغلبية العظمى، فالقطاع الحكومي به حوالي 5 ملايين، ونحو 24 مليون يعملون في القطاع الخاص، مضيفا أن فلسفة القطاع الخاص تقوم على تشغيل مجموعة من العمال وعند ارتفاع أجورهم نتيجة الخبرة واكتسابهم مهارات والأقدمية والعلاوات السنوية يلجأ صاحب العمل لحيل غريبة أهمها التضحية بهم ويستقدم عمالة جديدة أرخص وأقل كُلفة وهو مبدأ يقوم على «الندالة» وليس منطق سوي، وهو أحد أسباب شعور العامل بعدم الأمان، ولذا قد يقوم العامل بترك العمل من تلقاء نفسه لإحساسه بإمكانية التضحية به في أي وقت ويبحث عن فرص أخرى بها تأمين اجتماعي وصحي، مؤكدا أن القطاع الخاص يفتقد للتأمين الصحي والاجتماعي في غالبيته.
مكاسب جديدة بالقانون الجديد
من جانبه، قال النائب محمد وهب الله، عضو لجنة القوى العاملة بالبرلمان وأمين عام اتحاد عمال مصر، في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم» إن مشروع قانون العمل الجديد الذى انتهت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب من مناقشته؛ سيعرض على المجلس فى وقت قريب، وسيقضى على ما يسمى "استمارة 6"، التى كان أصحاب الأعمال يجبرون العامل على التوقيع عليها قبل استلام العمل والعقد، وتعد استقالة جاهزة يستخدمها صاحب العمل فى أى وقت إذا أراد تصفية العمال، وبالتالى تعد فصلا تعسفيا.
وأضاف أن القانون الجديد اقتصادي اجتماعي، يهدف إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويحفظ العلاقة بين العامل وصاحب العمل على حد سواء، متابعًا: "قانون العمل يتعلق بالاقتصاد والاستثمار، وأي مستثمر يأتي ينظر لقانون العمل".
وأكد «وهب الله»، أن القانون الجديد يقضي على الفصل التعسفي، ولا يعترف بالاستقالة إلا بعد اعتمادها من الجهة الإدارية المختصة، على أن تكون الجهة الإدارية أحد أطراف عقد العمل، متابعا أن مشروع القانون الجديد يحمى حقوق العامل، حيث أنه فى حالة مرور 4 أعوام على العامل فى مكان العمل، يصبح رب العمل ملزمًا بعمل عقدًا دائمًا معه، ويتم تثبيته.
وأشار عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إلى أن مشروع قانون العمل الجديد يحقق التوازن بين أصحاب الأعمال والعمال، دون التحيز لطرف ضد آخر، مؤكدا أنه سيخرج للنور خلال دور الانعقاد الحالى، وسيساهم فى النهوض بالاقتصاد، خاصة أن 75% من العاملين يعملون فى القطاع الخاص.
وأوضح أن القانون الجديد يهدف إلى وجود حلول جذرية لجميع المشكلات المتعلقة بالعمل خاصة الفصل التعسفي، فضلًا عن إقراره بإنشاء المحاكم العمالية المتخصصة لسرعة البت القضائى فى القضايا العمالية، وعدم الفصل عن العمل إلا بحكم قضائي.
وأضاف «وهب الله»، أن القانون الجديد ينص على العلاوة الدورية ولا تقل عن 7% من الأجر الأساسي، مؤكدا على أن مشروع القانون نص على تشكيل المجلس القومي للأجور برئاسة رئيس الوزراء على أن تكون اجتماعاته دورية.
ولفت إلى أن حقوق المرأة العاملة محفوظة في القانون من حيث الإجازات وغيرها، وكذا الطفل العامل حقوقه محفوظة وفق ضمانات كبيرة.
وناقشت لجنة القوى العاملة قانون العمل الجديد الذي تقدمت به الحكومة قبل عام (مارس 2018)، وأرسلته إلى هيئة مكتب مجلس النواب، ومن المقرر أن يتم إقراره خلال دور الانعقاد الحالي لعرضه على الرئيس للتصديق عليه.
جهود «القوى العاملة»
أما وزير القوى العاملة، محمد سعفان، فيقول إن نسبة البطالة انخفضت إلى 7.5% من إجمالي قوة العمل خلال الربع الثاني من العام الحالي، مقابل 8.1% في الربع الأول من العام ذاته، بانخفاض 0.6% .
وأشار إلى توفير 100 و577 فرصة عمل بالداخل، وبلغ إجمالي التعاقدات بسوق العمل الخارجي من واقع تصاريح العمل بالخارج للمرة الأولى 109 ألاف و570 فرصة عمل وذلك خلال 3 أشهر.
وأوضح «سعفان»، أن الوزارة وقعت العديد من اتفاقيات العمل الجماعية مع الشركات وأصحاب الأعمال بهدف حفظ حقوق العمال وتحقيق مزايا جديدة لهم تتعلق بصرف علاوة خاصة 10% وتنظيم منح الإجازات والراحة اليومية والأسبوعية والسنوية، وكذا تسوية المُسمى الوظيفي للعاملين الحاصلين على مؤهلات أعلى، وتنظيم صرف الأرباح.