اعتبارات حزبية داخلية دفعت رابين لتبني أوسلو
في مقال “متحف تاريخ التحريض” في “إسرائيل اليوم” في بداية الشهر (1/12/2019)، كتب أمنون لورد ضمن أمور أخرى بأن من تبوأ منصب نائب وزير الخارجية في حكومة إسحق رابين، يوسي بيلين، عرقل المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، والتي كانت تجرى في واشنطن بداية التسعينيات في إطار مسيرة مدريد “لإجبار رئيس الوزراء في حينه، إسحق رابين، على تبني مسيرة أوسلو”.
إن “المؤامرة المنسوبة إليّ لعرقلة المحادثات السياسية للسلام في قناة ما لأدفع بقناة أخرى إلى الأمام، غير معقولة”، عقب يوسي بيلين في مقال رد نشر في “إسرائيل اليوم” (“ليس له أي أساس من الصحة”، 3/12/2019). وعلى حد قوله، كان قد بادر إلى مسيرة أوسلو في نيسان 1992 كي يستوضح الخلافات التي نشأت في محادثات واشنطن بين الوفد الإسرائيلي والوفد الأردني–الفلسطيني. “آمنت بأنه يمكن التغلب عليها بمحادثات مباشرة مع مندوبي م.ت.ف، تجرى إذا ما فاز “العمل” برئاسة رابين في انتخابات حزيران من تلك السنة، وبعد أن تلغي الكنيست القانون الذي حظر الاتصالات بين الإسرائيليين ورجال م.ت.ف”.
يخيل أن السيد بيلين يشوش الأمر، مثلما كتبت في كتابي “دبلوماسي”: “كلما اقترب موعد الانتخابات في إسرائيل وأشارت الاستطلاعات إلى إمكانية متزايدة لأن يتكبد إسحق شامير الهزيمة، بدأت الأطراف العربية، ولا سيما الفلسطينيون، يجرون الأرجل، في توقع لحكومة إسرائيلية برئاسة اليسار تتنازل لهم أكثر. ما لم نعرفه في ذاك الوقت، هو أن سبباً آخر للتمنع الفلسطيني أن بدأت في حينه بوادر اتصالات غير رسمية بين م.ت.ف ومحافل إسرائيلية، ثم تطورت في وقت لاحق إلى مفاوضات وقع اتفاق أوسلو في أعقابها”.
بتعبير آخر، ودون ذكر بأن هذه الاتصالات كانت بخلاف القانون، فإن الحديث لم يكن يدور عن “خلافات” بين الوفد الإسرائيلي لمحادثات في واشنطن مع الوفد الفلسطيني، بل مناورة مقصودة من الفلسطينيين بعدم التعاطي بجدية مع أي موضوع، لأنهم توقعوا -استناداً إلى الاتصالات غير الرسمية آنفة الذكر- بأنهم سيتمكنون من الحصول على أكثر مع حكومة يسارية.
يمكن، إذن، الادعاء (ووزير الخارجية الأمريكي في تلك الفترة جيمس بيكر يقول هذا بالفعل)، أن الاتصالات غير الرسمية مع م.ت.ف هي التي أفشلت المفاوضات الرسمية في واشنطن. لا يمكنني القول إذا ما كان السيد بيلين، مثلما كتب أمنون لورد، أراد بالفعل “إجبار رئيس الوزراء في حينه إسحق رابين، على تبني مسيرة أوسلو”، ولكن ليس سراً أن اعتبارات سياسية حزبية داخلية لعبت دوراً معيناً كي يتبنى رابين أوسلو رغم الشكوك التي كانت في هذا الشأن، تلك الشكوك التي تبينت صحيحة، حتى لرابين نفسه، في لاحق الطريق.
بقلم: زلمان شوفال
إسرائيل اليوم 9/12/2019