اليونسكو تُطلق تقرير "اللغة العربية بوابة لاكتساب المعارف ونقلها"
by عبدالناصر نهارتُطلق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة يوم 18 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، الذي يُصادف اليوم العالمي للغة العربية، تقرير اليونسكو الإقليمي بعنوان "اللغة العربية بوصفها بوابة لاكتساب المعارف ونقلها".
وتستضيف اليونسكو بهذه المناسبة في مقرّها بباريس موائد مستديرة مخصصة لموضوع هذا العام الذي يحمل عنوان "اللغة العربية والذكاء الاصطناعي"، إضافة لحفل موسيقي شرقي تُحييه الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة بمشاركة ستة موسيقيين.
ويجتمع خبراء وأكاديميون وفنانون وممثلون عن مؤسسات متخصصة لمناقشة تأثير الذكاء الاصطناعي في صون اللغة العربية وتعزيزها، إضافة لموضوع حوسبة اللغة العربية ورهان المستقبل المعرفي.
وتقول اليونسكو إنّ الحفل الموسيقي يبعث برسالة سلام وأمن ووئام بانسجام مع القيم التي تروجها، وذلك في إطار جهودها من أجل الحوار بين الأديان وبناء حصون السلام.
وتحتفي المنظمة الدولية منذ 2012 بالعربية كأحد أهم أركان التنوّع الثقافي للبشرية، وذلك في اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1973 قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة، وذلك إلى جانب اللغات الإنكليزية والروسية والصينية والفرنسية والإسبانية.
منظمة اليونسكو أكدت بهذه المناسبة، أنّ اللغة العربية أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم الهندسة والشعر والفلسفة والغناء، وغيرها من العلوم والمعارف.
وبهذه المناسبة، أكدت السيدة أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو، أنّ اليوم العالمي للعربية يُتيح فرصة للتنويه بالمساهمات العظيمة للغة العربية في الحضارة البشرية، ولا سيّما من خلال الفنون والآداب والهندسة المعمارية والخطوط الفريدة. فقد كانت اللغة العربية، وما زالت، سبيلاً لنقل المعارف في مختلف ميادين العلم والمعرفة، ومنها الطب والرياضيات والفلسفة والتاريخ وعلم الفلك.
وحول محور الاحتفالية لهذا العام، توضح أزولاي أنّ "الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة عظيمة للتعجيل ببلوغ أهداف التنمية المستدامة. لكنّ أي ثورة تكنولوجية تنطوي على اختلالات جديدة يجب استباقها وأخذها في الحسبان".
العربية لغة من لغات فرنسا
من جهة أخرى، وتحت عنوان "العربية لغة من لغات فرنسا"، يحتفي معهد العالم العربي، وللمرّة الخامسة، باليوم العالمي للغة العربية عبر باقة من ورش العمل والندوات والعروض الحية، وذلك خلال الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
وتتضمن الاحتفالية ورش عمل مبتكرة في فن الخط العربي، دورات تمهيدية لغير الناطقين بالعربية، مُسابقات إملاء للمُبتدئين والخبراء على حدّ سواء، عروض راقصة ومُختارات فنية تعرض للتفاعل بين الموسيقى العربية ونظيرتها الغربية.
كما وتتضمن الفعاليات عروضاً تفاعلية راقصة للحروف العربية، أمسيات الحكواتي التي تستعيد سحر الأدب الشعبي والتراث الثقافي الشفاهي، إضافة لعروض سينمائية ومسرحية هادفة وذات صلة بموضوع الاحتفالية.
والجمهور الباريسي، على موعد كذلك مع فرصة فريدة للاستمتاع بعروض عربية راقصة مشرقية ومغاربية، تُبرز التراث الثقافي لكلّ من دول الخليج العربي ومصر وسوريا ولبنان والعراق والمغرب والجزائر وتونس.
وبهذه المناسبة، دعا جاك لانغ رئيس المعهد، الناطقين بالعربية والدارسين لها من العرب والفرنسيين، لحضور الاحتفالية المميزة واكتشاف روعة اللغة الخامسة الأكثر انتشاراً في العالم، عبر الاستماع والممارسة والحصول على ثروة ثقافية غنية.
وأكد لانغ أنّ اللغة العربية باتت اليوم في فرنسا لغة أساسية حيث تُمارس يومياً بشكل شفهي وكتابي في عموم البلاد، مما يؤكد التعددية اللغوية والغنى الثقافي في فرنسا.
الضاد، لغة رسمية في المدارس الفرنسية
يُذكر أنّ تدريس اللغة العربية في فرنسا بدأ منذ 1587 وفقاً لرغبة سابقة للملك فرانسوا الأول. لكن وعلى الرغم من أنّ أكثر من 127.000 شخص يتعلمونها اليوم في المدارس الفرنسية في الخارج، إلا أنّ أقل من 15.000 طالب يدرسونها اليوم في المدارس الإعدادية والثانوية داخل فرنسا.
يُذكر أنّ وزارة التربية والتعليم في فرنسا قد باشرت في الموسم الدراسي 2018-2019 خطوات إدراج اللغة العربية بشكل رسمي في المناهج الدراسية الفرنسية، إذ أصبح مُتاحاً لطلبة كافة المدارس الرسمية اختيار اللغة العربية للدراسة كلغة أجنبية ثانية بعد الفرنسية والإنجليزية (أو الألمانية).
وتمّ في العاصمة الفرنسية، مايو (أيار) الماضي، إطلاق شهادة "سمة" الدولية، الأولى من نوعها في فرنسا وأوروبا والعالم، في إتقان اللغة العربية الفصحى والتمكّن من استخدامها، وذلك على غرار الشهادات العالمية المُعترف بها في اللغة الفرنسية والإنجليزية وغيرها من اللغات.
كما ويتم منح شهادة دبلوم الاختصاص الوطني بلغة الضاد لمن يصلون لمستويات مُتقدّمة وفق الإطار الأوروبي المرجعي العام للغات الخاص بالتحقق من القدرة والكفاءة اللغوية. كما أنّ شهادات اللغة العربية التي يتم منحها مُعترف بها رسميا في المدارس، ومن قبل وزارة التربية والتعليم الفرنسية، والجامعات الحكومية والدولية.
ويعتبر تعزيز اللغة العربية من المهام الرئيسة في النظام الأساسي لمعهد العالم العربي، والترويج لهذه اللغة يتجسد في جميع أنشطة المعهد، خاصة في مركز اللغات والحضارة التابع له.
وتتيح العربية، وفقاً لمنظمة اليونسكو، الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات.
وتهدف أيام اللغات في الأمم المتحدة إلى تعزيز التعدد اللغوي والتنوع الثقافي والاحتفاء بهما، إضافة إلى الحرص على المساواة بين اللغات الرسمية في المنظمة الدولية ووكالاتها.
ويتماشى الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، مع العقد الدولي للتقارب بين الثقافات (2013-2022) الذي تتولى اليونسكو ريادته من بين مؤسسات الأمم المتحدة الأخرى.