ترقب في الجزائر.. هل ينجح رهان الانتخابات؟
by عربي21- محمد عابدتنتظر السلطات الجزائرية من المواطنين التوجه إلى صناديق الاقتراع، الخميس المقبل، لاختيار رئيس جديد، خلفا لـ"عبد العزيز بوتفليقة"، الذي أجبره حراك شعبي على الاستقالة، مطلع نيسان/ أبريل الماضي، وسط تساؤلات عن إمكانية نجاح رهان امتصاص غضب الشارع.
في المقابل، تتواصل مظاهرات تطالب باستكمال مطالب الحراك قبل التقدم نحو خطوة إجراء انتخابات رئاسية، وأبرزها إزاحة جميع رموز نظام بوتفليقة، الذي حكم البلاد لنحو عقدين من الزمن.
وفي حديث لـ"عربي21"، قال الصحفي الجزائري، حسام تكالي، إنه يصعب التنبؤ بنسبة المشاركة أو المقاطعة، "لكن الشيء الأكيد هو أن الحراك الشعبي، الذي يواصل ثورته منذ 22 شباط/ فبراير الماضي، أثبت أنه القوة الوحيدة القادرة على تعبئة الشارع".
وأوضح "تكالي" أن "مئات الآلاف يخرجون كل جمعة وثلاثاء بطريقة عفوية"، مشددا على أهمية تلك "العفوية"، في إشارة إلى تنظيم المعسكر الداعم للانتخابات، في المقابل، وقفات ومسيرات مؤيدة لها.
وأضاف أن هذا الحراك المستمر ما يزال متمسكا أيضا بالمطالب التي خرج لأجلها منذ البداية، "والتي تتلخص معظمها بالمطالبة بالدولة المدنية وإحلال نظام ديموقراطي واستبعاد مؤسسة الجيش من أي دور سياسي".
اقرأ أيضا: نحو مليون جزائري في الخارج يقترعون في الانتخابات الرئاسية
وزعم تكالي في المقابل أن "الفعاليات التي تقول إنها تدعم الانتخابات في هذه الظروف، ليست سوى ذات الجهات التي كانت تدعم مشروع العهدة الخامسة للرئيس السابق، قبل أن يبطله الحراك".
بدوره، نفى الصحفي والمراقب للشأن الجزائري، حمزة رزوق، وجود "انقسام فعلي في الشارع" إزاء الانتخابات، موضحا أن "الحراك الشعبي هو سيد الموقف"، معتبرا أن "الوقفات المؤيدة للانتخابات لا تكاد تذكر، رغم التجييش الإعلامي ودعم السلطة لها بكل ما أوتيت".
"نقطة اللاعودة"
وفي حديث لـ"عربي21"، قال "رزوق" إن الشارع لم يعدل عن رفضه للانتخابات، رغم ما اعتبرها "ألاعيب" لجأ إليها النظام، من قبيل إجرائه محاكمام "شكلية" لعدد من رموز نظام بوتفليقة، بحسبه.
وأوضح أن الجزائريين "فطنوا لتلك الألاعيب"، ومن بينها أيضا "تجييش الشعب ضد التدخل الأجنبي، مرورا بسجن النشطاء والصحفيين والحقوقيين، وصولا إلى الحرب الإعلامية ضد الحراك".
اقرأ أيضا: رموز بوتفليقة.. اعترافات فساد صادمة وترقب لأحكام مشددة
وأكد رزوق أن ذلك "سيتجلى ذلك في مقاطعة الانتخابات والإضراب العام الذي يمكن أن يتحول الى عصيان مدني يشل كل مؤسسات الدولة".
من جانبه، لفت "تكالي" إلى أن "من يرى مليونية الجمعة الأخيرة (6 تشرين الثاني/ نوفمبر) يدرك أن الحراك بلغ نقطة اللاعودة، وأن الجزائريين لن يعودوا إلى بيوتهم حتى بعد إجراء الانتخابات، لأن مبدأ الحراك لا يشمل بوتفليقة ورجاله وإنما التركيبة الحالية للنظام التي يرى أن الزمن تجاوزها".
وأضاف أن "الحراك اليوم يرى أن السلطة تتعنت وتحاول إعادة إنتاج النظام، فضلا عن شنها حملة تشويه غير مسبوقة ضده، بلغت حد التخوين وربطه باستعمار الأمس".
مبررات المقاطعة والمشاركة
بالإضافة إلى الخشية من الالتفاف على المطالب الشعبية، والغضب من حملات "التشويه"، يرى الحراك، بحسب "تكالي" أن جميع المترشحين للرئاسة هم "مسؤولون أو مقربون من نظام بوتفليقة".
وأضاف أن الشعارات التي يرفعها المتظاهرون تشير أيضا إلى اعتبارهم الانتخابات "وسيلة ستكرس نظاما عسكريا بواجهة مدنية، رغم كل التطمينات التي بدرت من رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح".
اقرأ أيضا: تعرف على مرشحي الانتخابات الرئاسية في الجزائر (إنفوغراف)
وأوضح في المقابل أن السلطة وداعمي الانتخابات يرون فيها "الحل الذي يجنب البلاد أي فراغ دستوري يدخلها في فوضى تخدم القوى الأجنبية المتربصة".
واتفق "رزوق" مع ذلك مشيرا إلى أن "معسكر المشاركة" يبررها بالحفاظ على أمن واستقرار البلاد، "حتى ولو بإعادة استنساخ نظام بوتفليقة، وهذا تهديد فعلي لنضال الحراك الشعبي".
في المقابل، "يصر الرافضون لهذه الانتخابات على ذهاب النظام بكل أذنابه، وإعادة تأسيس جمهورية ثانية تبنى على دولة المؤسسات ويكون القانون سيدا فيها، والكلمة للشعب دون تدخل من الجيش، الذي يجب أن يبقى في حدود يرسمها له الدستور"، بحسبه.
ماذا بعد؟
أوضح "رزوق" أن من الصعب التكهن بأحداث الأيام المقبلة، " لكن السيناريو الأقرب هو أن الشعب سيقاطع هذه الانتخابات وسيفرض عصيانا مدنيا يهز أركان السلطة، التي سترضخ لمطالبه بتنحيها".
من جانبه، اعتبر "تكالي" أن النظام لا تهمه نسبة الإقبال، "فهو بحاجة ماسة لهذه العملية وحسب، لأنها مسلك يجنبه أي مرحلة انتقالية قد تذهب النفوذ من أيدي رجاله".
وأضاف: "لكن ما لم تحسب له السلطة جيدا، هو أن الحراك غير مرتبط بتاتا بهذا الاستحقاق ، وأن الرئيس القادم في حال تم انتخابه بنسبة ضئيلة، وهو المتوقع، سيكون منقوص الشرعية في مواجهة حراك لن يهدأ، وقد يجد نفسه مطالبا بالرحيل من اليوم الأول لأدائه القسم".
وتابع: "الأمور لم تحسم ولن تحسم بالانتخابات، وستظل الاحتمالات جميعها قائمة، بما في ذلك الصدام العنيف الذي لا يريده أي طرف، لكن الجميع يدفعون إليه بالتعنت".