https://www.lebanon24.com/uploadImages/DocumentImages/Doc-P-652691-637114933596286480.jpg

المفتي دريان ومعادلة "الرئيس القوي" في الحكومة أيضاً

by

في ظل معمعة النقاشات الدائرة حول تشكيل الحكومة، جاء موقف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان خارج السياق العام ومن موقع مغاير ليحدث سلسلة تغييرات في المشهد السياسي المأزوم
.
 
 
اعتبرت الأوسط السياسية بان المفتي دريان حقق سلسلة أهداف دفعة واحدة. فهو من جهة اطاح عشية اجراء  الاستشارات النيابية الملزمة بخيار الخطيب بل وأعاد الحريري إلى صلب المعادلة في تشكيل الحكومة ما أدى حكما الى خلط الأوراق على الطاولة وأعاد ترتيب الأولويات. و لعل التكهنات كثيرة حيال  تمسك الوزير جبران باسيل بموقفه القائل بضرورة التضحية  بالذات أم تراجعه في حال وافق الحريري على تولي التشكيل شخصيا وخوض معارك جديدة بينما وضع لبنان لا  يحتمل وعلى أبواب الإفلاس التام.
 
 
من الواضح أن موقف المفتي انعش تيار "المستقبل" وأعاد الحيوية إلى هيئاته التنظيمية بعد الشعور بالاحباط من كون زعيم التيار أضحى كبش فداء الازمة، حيث استقال وخرج من السلطة استجابة للارادة الشعبية من دون أن يلاقيه شركاؤه في الحكم والتسوية ولو بخطوة واحدة.
 
 
تفيد النقاشات الدائرة داخل "المستقبل" عن حالة  امتعاض عارمة وانزعاج شامل من تعامل "التيار الوطني الحر" مع الازمة الحاصلة بما في ذلك نفض ايديهم من كل شيء بل ومسح  التهم بـ"المستقبل" والحرص على رسم حدود من دون السماح لتخطيها والانصراف إلى نهج "مكابر" حيال الواقع اللبناني وخطورة الانهيار.
 
 
في هذا المجال، حاول  رئيس الجمهورية تخطي الازمة عبر حجز موعد الاستشارات فيما فتح أمام رئيس  تياره  السياسي جبران باسيل الهوامش من أجل المحافظة على وضعية  افرزتها  التسوية الرئاسية و ما تلاها من انتخابات معلبة بقانون انتخابي ومحاصصة حكومية كما سيطرة مطلقة في الإدارة.
 
 
الطرف الآخر لم يحسن تقدير قرار الحريري بالاستقالة بقدر محاولة  تخطيها عبر عدم تحديد موعد الاستشارات قبل الاتفاق مع الحريري على الحصص أو الذهاب نحو معادلة جديدة مفادها الاستغناء عن الحريري وإسناد المهمة إلى  شخصية أخرى، ولو كان هذا الخيار له كلفته الباهظة  على الصعيد الداخلي كما مع  الخارج.
 
 
في هذا المجال، يصف  احد السياسيين  المخضرمين  تصرف المفتي دريان بأنه "ضربة معلم" كونه فرض احترام الأصول والاعراف الدستورية في تشكيل الحكومة. فهو أرغم رئيس الجمهورية  تحديد موعد الاستشارات على رغم تأجيلها اسبوعا كاملا ثم أعاد الاعتبار لنظرية "الرئيس القوي"،  التي أطلقها عون شخصيا قبل وصوله لسدة الرئاسة وتراجع عنها لصالح ترجيح فكرة  رئيس الحكومة التقني على حكومة سياسية بإمتياز بما لا يتلاءم مع خطر مصيري يتهدد لبنان واللبنانيين.