https://khaberni.b-cdn.net/uploads/news_model/2019/12/main_image5dedee893d1ff.jpeg

تحويل المستهلكين إلى جباة للخزينة

قدر مشروع قانون الموازنة العامة للدولة لعام 2010 زيادة الايرادات المحلية بنسبة 10.4 % اي نحو 733 مليون دينار عن موازنة العام 2019، وهذه الزيادة متفائلة وكبيرة في ظل تعهدات حكومية بعدم فرض اية ضرائب او رسوم جديدة، وحسب خطاب الموازنة كما قدمها وزير المالية د.محمد العسعس فإن مصادر هذه الايرادات المقدرة من معالجة التهرب الضريبي والجمركي، وهذه الافكار مهمة لكنها تحتاج الى آليات مالية جديدة في مقدمتها تحويل المستهلكين الى جباة حقيقيين للخزينة وبناء سد امام من يحاول التهرب الضريبي وربما يمكن ان يمتد ذلك الى التهرب الجمركي والحد منه، الا ان هذه الفكرة تعتمد على بناء ثقة ومصداقية وتعاون بين المستهلكين والسلطة الضريبية، والاساس في ذلك فتح سقوف اعتماد نفقات المستهلكين مدعومة بفواتير، عندها لا يستطيع اي تاجر او مقدم الخدمة لكافة المهن التهرب ضريبيا تحت طائلة تطبيق القوانين النافذة في هذا المجال. قانون ضريبة الدخل الساري يشجع التاجر والمستهلك على الإفلات من تأدية الضريبة الا بالقدر الذي يحصل عليه من إعفاءات وفق السقوف المحددة، واعتقد جازما ان السنة المالية المقبلة ستشهد زيادة التهرب من ضريبة الدخل مع تخفيض سقوف الاعفاءات المدعمة بالفواتير، فالإعفاءات لغايات التعليم والصحة متدنية في ضوء ارتفاع تكاليفهما الحقيقية، فتدريس اثنين من الطلبة الى جانب معالجات طبية لسنة تفوق كثيرا الاعفاءات المقررة في القانون لذلك سيحاول السواد الاعظم من المواطنين والمدارس الخاصة تلافي دفع الضرائب على هذين البندين القاسيين على ميزانية الاسرة. وفي حال اعتماد النفقات الحقيقية المشفوعة بالفواتير ستعود بالنفع على الخزينة وعلى المستهلكين وترسي ثقافة مهمة في المجتمع الاردني لتأدية الضريبة طوعا والوصول الى الاهداف الاقتصادية والاجتماعية والمالية للضرائب وفلسفتها، لذلك نرى الادارة الامريكية تخفض الضرائب على المستهلك بالدرجة الاولى والمستثمر ثانيا، فسياسة الحوافز سرعت تعافي الاقتصاد الامريكي من الازمة المالية الطاحنة التي انفجرت في العام 2008، وخلال احد عشر عاما مضت تضاعفت مؤشرات الاسهم الامريكية من مستوى تسعة الاف نقطة الى 28 الفا هذا العام. الموازنة العامة للدولة اداة لتحقيق اهداف وليس العكس، فالاقتصاد الاردني بحاجة لبناء الثقة اولا، والتحفيز الحقيقي ثانيا، فالمحركات الرئيسية للنمو معروفة للاقتصاديين، ومتطلباته سهلة  قبول نوع من التضحية الوقتية من قبل المالية، يقينا سرعان ما تتعاظم ايرادات الخزينة تدريجيا مع تسارع وتائر النمو بحيث تطال كافة القطاعات، فالنظر بعين واحدة للاقتصاد والمجتمع وهي الضرائب والجباية تؤخر ولا تقدم..فتحفيز قطاعات الاقتصاد الحقيقي تقربنا اكثر الى دولة الانتاج وهذا المهمة الكبيرة امام الحكومة.

الدستور